سياسة اللاتفاوض مع “الشيطان الأكبر” .. “خامنئي” يقامر برأسه

يوسف بنده

رؤية

بات الشرق الأوسط أكثر سخونة ومنطقة غرب آسيا خصوصًا في خليج عمان، حيث هاجم مجهولون ناقلتي نفط في وقت واحد، الضحية الأولى، هي الناقلة Kokuka Courageus التي ترفع علم بنما، على متنها، انفجرت عدة قنابل سبق أن زرعها إرهابيون مجهولون.

والضحية الثانية، الناقلة Front Altair التي ترفع علم النرويج، وتعرضت لهجوم بطوربيد. وسائل الإعلام الغربية لا تستبعد أن تكون إيران قد أطلقت الطوربيد. فلديها غواصات وقوارب قتالية. ولكن، ليس هناك دليل قوي على هذه الرواية، فيمكن لأي كان ضرب “بقرة البحر” الثقيلة الحركة هذه، حتى بأسلحة عفا عليها الزمن.

ومن المعروف أن معسكر المتشددين في إيران يدفع المرشد الأعلى لاتخاذ خطوات رافضة للحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، والأمر في ذلك يتعلق بحاسبات ومصالح داخلية وخارجية، اقتصادية وسياسية.
سياسة هذا الجناح تعتمد على تحميل تكلفة العقوبات الأمريكية على الدول المصدرة للنفط في منطقة الخليج، والتي تتهمها إيران بدعم القرار الأمريكي في العقوبات على طهران.

وكان لقاء رئيس الوزراء الياباني مع المرشد الأعلى لإيران، الخميس 13 يونيو/ حزيران، مخيبًا للآمال، حيث قال إن إيران لا تثق بواشنطن، ولن تكرر أبدًا، التجربة المريرة للمحادثات السابقة مع الولايات المتحدة في إطار الاتفاق النووي.

وبعدها كررت أوساط المحافظين المتشددين في إيران، أن المرشد الأعلى لن يسمح بإمكانية التفاوض مع الشيطان الأكبر (الولايات المتحدة الأمريكية) كما يصفها المتشددون في إيران.

وسلسلة التفجيرات التي طالت حاملات النفط في منطقة الخليج وبحر عمان، تجعل الدائرة تضيق على إيران، وتمهد لتبريرات الحرب عليها. وهو الأمر الذي يجعل المرشد الأعلى يقامر برأسه كلما ازداد احتمال الدخول في حرب واشنطن، وكلما لم يطلق الضوء الأخضر لإمكانية الحوار والتفاوض معها.

اتهام أمريكي لإيران

في تصريحات أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول الأعمال التخريبية التي لحقت بناقلتي النفط في خليج عمان، أمس الخميس، أكد ترامب أن إيران هي من تقف وراء هذه الأعمال الإرهابية.

وفي حديثه لقناة فوكس نيوز، والتي تناقلتها وسائل إعلام عالمية على نطاق واسع، أكد الرئيس الأمريكي، الخميس 13 يونيو/ حزيران، أن قوات إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني هي من نفذت الهجوم على ناقلتي النفط في المياه الدولية في بحر عمان.

وأضاف الرئيس الأمريكي بأن الولايات المتحدة لن تسمح بأي حال من الأحوال بأن تمتلك إيران أسلحة نووية، متعهدًا بأن يتم تأمين الممرات المائية الدولية دون أضرار.

وبسؤاله عن كيفية كبح النظام الإيراني، وأدواره المزعزعة للاستقرار وحركة التجارة في العالم، أجاب بأن ذلك سوف يشاهده الجميع، مؤكدا أن ذلك سيتم دون إغلاق مضيق هرمز، وإذا ما حدث “فإن هذا الإغلاق لن يستمر طويلا”.

يشار إلى أن ناقلتي نفط تعرضتا أمس الخميس لهجوم في بحر عمان، لكن طاقم السفينتين لم يتعرضوا لأي أخطار، فيما تضررت الناقلتان لكن حمولتيهما لم تصب بأي أذى.

وكان وزير خارجية الولايات المتحدة، مايك بومبيو، قد أعلن في وقت سابق، أمس الخميس 13 يونيو/حزيران، أن إيران هي المسؤولة في الهجوم على ناقلتي النفط في بحر عمان، مضيفًا أمام الصحافيين، أنه وفقًا للمعلومات المتوفرة، فإن “نوع الأسلحة وأسلوب الهجوم على ناقلتي النفط ومعلومات المخابرات، تؤكد تورط إيران”.

ودعا وزير الخارجية الأمريكي ممثل بلاده في مجلس الأمن، لدراسة القضية. وقال بومبيو إن هذه الهجمات غير المتوقعة، تهديد سافر للسلم والأمن الدوليين.

كما طالب ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة لدراسة الهجوم ضد الناقلتين. ووفقًا للمصادر الدبلوماسية، فقد تقرر عقد اجتماع طارئ في مجلس الأمن خلالَ الساعات القادمة.

هذا، وقال وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، اليوم الجمعة 14 يونيو/حزيران، إنه لا يوجد سبب لعدم تصديق التقييم الأمريکي حول تورط إيران في الهجوم على الناقلتين، حيث إنه بعد ساعات من استهداف الناقلتين، أمس الخميس، في بحر عمان، حمّل وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إيران مسؤولية الهجمات.

وأضاف جيريمي هانت، لوکالة “رويترز”: “سيكون لدينا تقييمنا المستقل، فلدينا عملياتنا الخاصة لهذا الغرض”.

ومع ذلك، أكد هانت أنه “ليس لدينا سبب لعدم تصديق التقييم الأميركي، ورغبتنا الطبيعية هي تصديق هذا التقييم، لأنهم الأمريكيين أقرب حلفائنا”.

رد إيران

ردًا على مزاعم الولايات المتحدة، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن “الفريق بي” يبحث عن خطة بديلة من خلال تخريب الدبلوماسية.

وتحدث ظريف مرارا وتكرارا في الأشهر الأخيرة عن “فريق ب” الذي يحاول دفع الإدارة الأمريكية إلى الحرب مع إيران، وهو يضم، حسب قوله، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جون بولتون ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

وردًا على ظريف، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، إن وزير الخارجية الإيراني يقوض أكثر فأكثر مصداقيته، على خلفية تصعيد حدة التوتر في المنطقة.

وذكر قرقاش في تغريدة نشرها على حسابه في “تويتر” اليوم الجمعة: “يوما تلو الآخر، تصبح إشارات ظريف إلى “فريق ب” أكثر سخافة، ومصداقيته مقوضة”.

وأشار الوزير الإماراتي إلى أن “العلاقات العامة ليست بديلا عن السياسات البناءة”، مشددا على أن “تخفيف التوتر في الظروف الراهنة يتطلب أفعالا حكيمة، ليس كلمات جوفاء”.

كما أعلن عباس موسوي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الجمعة 14 يونيو/حزيران، أن الجمهوریة الإسلامية الإيرانية، تعتبر نفسها “مسؤولة عن أمن مضيق هرمز.. وفي هذا الإطار قمنا بإنقاذ طاقم الناقلتين في أسرع وقت ممكن”، مضيفًا أن تصريحات وزير الخارجية الأميركية الأخيرة، “مثيرة للقلق”.

وردًا على اتهامات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، ومسؤولين أميركيين آخرين اتهموا إيران بالضلوع في الهجوم على ناقلتي النفظ في بحر عمان، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إن اتهام إيران في حادث الناقلتين “هو العمل الأسهل والأبسط”، بالنسبة لبومبيو.

وأشار موسوي في تصريحاته هذه إلى التزامن بين زيارة رئيس الوزراء الياباني إلى طهران بهدف خفض التوتر، و”الهجمات المريبة” في بحر عمان، متسائلا: “أي الأيادي الخفية تسعى لعرقلة هذه الجهود في المنطقة.. ومن المستفيد من ذلك؟”.

وعلى الرغم من أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية لم يحدد المقصود بكلامه، إلا أنه وجه خطابه إلى مايك بومبيو قائلاً: “يا سيد بومبيو، ليس هذا التشكيك مثيرًا للسخرية فحسب، بل إنه مثير للقلق أيضًا”.

وقد أعلنت إدارة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية أن التحقيقات الأولية لا تشير إلى اصطدام جسم خارجي بناقلتي النفط، ومن المحتمل أن عطلا فنيا أدى إلى اشتعال النيران في الناقلتين. وقالت الإدارة إنه يتوجب على الدولتين صاحبتي السفينتين أن تعلنا رسميا سبب الحادث.

كما نشرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية مقطع فيديو، قالت إنها “عملية إنقاذ نفذتها قوات من البحرية الإيرانية لناقلتي نفط في خليج عمان الخميس”.

كذلك، نشر الجيش الأمريكي فيديو قال إنه لسفينة إيرانية تقوم بإزالة لغم لم ينفجر من هيكل ناقلة النفط اليابانية كوكورا كريسوس، وهي إحدى الناقلتين اللتين تعرضتا أمس الخميس لهجوم بخليج عمان. وحسب الجيش الأمريكي يظهر الفيديو قاربا صغيرا على متنه مجموعة من الأشخاص يقترب من الناقلة، ثم يقف أحد ركابه على الحافة ويزيل جسما من هيكل الناقلة المنكوبة، وقال الأمريكيون إنه قد يكون لغما لم ينفجر.

وقال رئيس شركة “كوكوكا سانجيو” اليابانية، يوتاكا كاتادا، اليوم الجمعة، حول الهجوم على ناقلة هذه الشركة في بحر عمان، إن الناقلة تضررت من جسمين طائرين.  ووفقًا لما قاله رئيس الشركة، فقد رأى طاقم الناقلة سفينة عسكرية تابعة لإيران بالقرب منهم.

على إيران الحذر

وقال المستشار البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، كريم سجاد بور، اليوم الجمعة 14 يونيو/حزيران، حول وساطة اليابان بين إيران وأميركا، إنه يجب على المرشد الإيراني، علي خامنئي، أن يكون يقظًا في ردود أفعاله إزاء حملة الضغوط الأميركية القصوى على إيران.

وفي تصريح لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، أشار سجاد بور إلى اقتراح رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، الذي قدمه إلى المرشد الأعلى الإيراني، قائلاً: “إذا لم يستجب خامنئي بشكل كافٍ، فسيفقد مصداقيته”، مردفًا: “وإذا كانت إجابته أكثر من اللازم أيضًا، فسيفقد رأسه”.

ربما يعجبك أيضا