في مذبحة الصيف.. جونسون يعدم فرسان “ماي” ويلتزم بـ”بريكست” قاس

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

لم تمنعه شخصيته وتاريخه المثيران للجدل، من طرق أبواب رئاسة الوزراء البريطانية، وبفارق كبير فاز بوريس جونسون بزعامة حزب المحافظين، ومن ثم رئاسة الوزراء.

جونسون البالغ من العمر 55 عامًا سيخلف تيريزا ماي، التي أطاح بها إخفاق حاد في تنفيذ الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، لكنه لن يجد طريقا مفروشًا بالورود بقدر ما يجد ملفات متراكمة وقضايا عويصة.

حكومة أم انتقام؟

وبدأت توجهات جونسون، تتضح في أولى قراراته، حيث أحاط نفسه بالمتشككين بالمشروع الأوروبي، وجدد وعده بمغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر المقبل باتفاق أو من دونه.

وانتقدت صحيفة “الجارديان”، قرارت جونسون الأولى، ووصفته بـ”العراب ينتقم في مذبحة الصيف”، في إشارة إلى إقالة معارضيه ومؤيدي رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي وحكومتها في التعامل مع البريكست، حيث أقال 11 وزيرا، بالإضافة إلى استقالة 6 وزراء من بينهم منافسه على المنصب وأحد كبار مؤيدي حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست”، جيرمي هنت.

وفي أولى قراراته، عين جونسون ساجد جاويد المصرفي السابق ووزير الداخلية وزيرا للمال، ويعد هذا المنصب استراتيجيا في سياق البريكست، خصوصا في حال إقرار الخروج من الاتحاد من دون اتفاق، مما من شأنه إثارة اضطرابات اقتصادية حادة.

وحلت بريتي باتل (47 عاما) مكان جاويد في وزارة الداخلية، وهي مدافعة بقوة عن البريكست، كما اختار جونسون دومينيك راب ليتولى مهام وزارة الخارجية بريطانيا، وهو أيضا من المتشككين بالمشروع الأوروبي، ويعد أيضا هذا المنصب حساسا في هذا الظرف الذي تتخلله أزمة الناقلات النفطية مع إيران. 

وكان راب استقال العام الماضي من حكومة تيريزا ماي، وسبق له أن أعلن تأييده تعليق عمل البرلمان إذا اضطر الأمر، بغية السماح بالخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق ومن دون الحاجة إلى موافقة البرلمان.

كما جرى تعيين جاكوب-ريس موغ وزيرا للعلاقات مع البرلمان.

وتؤكد هذه التعيينات الأولى ما كان يتداوله المقربون من جونسون من أنه سيشكل حكومة تتضمن عددا أكبر من النساء ومن سياسيين من الأقليات الإثنية.

مظاهرات مناهضة

وتحت اسم “اللعنة على بوريس”، خرج الآلاف البريطانيين، ضد جونسون، بعد ساعات على تأكيد تعيينه رئيسا للوزراء، في حين أعلن عن تعيين عدد من المدافعين عن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي “بريكست” في مناصب وزارية.

خرج المتظاهرون مستقلين حافلة حمراء مفتوحة السطح، ووضعوا على طابقها العلوي أجهزة صوت لتبث الموسيقى وخطابات انتقادية لجونسون.

توجه المتظاهرون إلى “داوننغ ستريت” مقر مجلس الوزراء الذي أغلق بطوق أمني حوله، مما أعاق حركة دخول الوزراء الجدد للاستعلام عن أدوارهم الجديدة في الحكومة.

وقال آندي أونغر – وهو أستاذ جامعي في لندن “أنا هنا للتظاهر ضد سياسات بوريس جونسون”، في حين كان شبان يتفاعلون بالتصفيق والهتاف مع خطابات لناشطين، مضيفا: “لقد ولجنا عصرا في السياسة لم تعد الحقائق فيه ذات أهمية، وجونسون كان بارعا للغاية في استغلال هذا، ولا أظن أنه الشخص المناسب ليكون رئيسا للوزراء، إنه ليس رئيس وزرائي “، بحسب وكالة الأنباء “الفرنسية”.

عراب البريكست

خلال استفتاء 2016، كان جونسون أبرز عرابي البريكست، كما أنه في مقابل إخفاق سلفه، لوح للخروج من الاتحاد ولو دون اتفاق، هذا في حد ذاته قد يتكفل بحسب مراقبين بشق صفوف أنصاره، الذين يحذرون كما يحذر الاقتصاديين من تداعيات الخروج غير المنظم من الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، يعي جونسون، أن الاتفاق مع بروكسل شبه مستحيل بالنظر إلى طبيعة الفترة المتبقية قبل الموعد المحدد لاتمام البريكست، نهاية أكتوبر المقبل، حيث الأجازات الصيفية التي لن تسمح له بالحركة إلا في شهري سبتمبر وأكتوبر، بحسب “الصحيفة.

تشير الصحيفة إلى أن الواقع الجديد الذي تسلم فيه بوريس جونسون مهام منصبه ربما يجعل من ملف البريكست بكل تعقيداته أحد التحديات التي لا تكون أكبرها بالضرورة، في ظل أزمة الناقلات مع إيران والتي تتصاعد على نحو متلاحق.

حاولت بريطانيا ضمن شركائها الأوروبيين في الاتفاق النووي، إصلاح ما أحدثه الخروج الأمريكي من الاتفاق النووي، لكن التشابه الملحوظ بين بوريس جونسون ودونالد ترامب، يطرح تساؤلات بشأن مستقبل تعاطي لندن مع ملف العلاقات مع إيران، وإدارة أزمة الناقلات الراهنة بشكل خاص.

ستكشف الأيام المقبلة، توجهات السياسات البريطانية الجديدة، لا في ملف إيران فقط وإنما أيضا على مستوى القضية الفلسطينية، على وقع وصف جونسون سابقا نفسه بـ”الصهيوني حتى النخاع”.

ربما يعجبك أيضا