قبيل انتخابات البلدية.. كر وفر في موسكو و”القيصر” لا يبالي

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

في محاولة لإخماد موجة من الاحتجاجات الأخيرة التي أزعجت الكرملين، احتجزت السلطات الروسية أكثر من 1000 متظاهر في موسكو، السبت الماضي، طالبوا بالسماح لأعضاء المعارضة بالترشح في الانتخابات البلدية لهذا العام.

ودعا سياسيون معارضون إلى الاحتجاج، وذلك بعد قرار عدم السماح لعدد من المرشحين المستقلين بالترشح في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في سبتمبر، وشهدت العاصمة الروسية أكبر مظاهرة مناهضة للحكومة حول هذه القضية منذ أعوام.

لم يمثل الاحتجاج، الذي أعلنت السلطات أنه غير شرعي مسبقًا، تحديًا كبيرًا لفلاديمير بوتين وحلفائه الذين لديهم القدرة لتفريق هذه المظاهرات واعتقال المتظاهرين، وترددت أصداء “روسيا بدون بوتين” و”استقالة بوتين” وسط موسكو، واشتبكت قوات مكافحة الشغب مع المتظاهرين واعتقلت المئات بحجة المشاركة في مظاهرة غير مرخص لها.

وكان زعيم المعارضة المسجون أليكسي نافالني قد دعا إلى الاحتجاج، بينما أطلقت السلطات الروسية سلسلة من الإجراءات القانونية ضد مختلف شخصيات المعارضة.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع اعتقلت السلطات الروسية، أليكسي نافالني، خارج منزله؛ حكم عليه بالسجن لمدة 30 يوما، كما اعتقلت عددا من المرشحين، وداهمت منازلهم وقامت بتفتيش ممتلكاتهم ووصفت المرشحين بأنهم مشتبه بهم في جريمة “عرقلة عمل اللجنة الانتخابية”.

وقالت وسائل الإعلام الروسية، أن إدارة الأمن الروسي تدير القضايا ضد قادة المعارضة، وتعتقد أن هناك يد أجنبية وراء الاحتجاجات، تسعى إلى زعزعة استقرار روسيا، كما استدعت السلطات رئيس تحرير محطة التلفزيون المستقلة في البلاد للاستجواب.

وقدرت الشرطة عدد المتظاهرين بـ 3500، لكن الرقم الحقيقي كان أعلى بكثير على الأرجح، وفي مساء السبت، احتجزت الشرطة أكثر من 630 شخصًا وفقًا لمراقبين مستقلين، ولم تتضح الاتهامات التي وجهتها الشرطة ضدهم.

من مكبرات الصوت، خاطبت الشرطة الحشود بأنهم يشاركون في مظاهرة غير مرخصة، وأنهم يواجهون المسؤولية عن انتهاك القانون، وأنهم يعرقلون الطريق أمام المواطنين الآخرين.

وقال جريجوري يافلينسكي، السياسي الليبرالي الروسي، إن هذه هي نهاية تجربة روسيا التي دامت 30 عامًا في الانتخابات، لافتا إلى أنه حاول دون جدوى عبور حاجز للشرطة والتوجه إلى تفرسكايا أحد الطرق الرئيسية في موسكو.

وقال يافلينسكي، الذي احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات الرئاسية لعام 2000، والتي فاز فيها بوتين لأول مرة بالرئاسة، “مع كل عام تكون الانتخابات أقل وأقل واقعية، ولكن هذه هي النهاية حقًا، حيث أصبح غير واضح ما يخبئه مستقبل الحركة الاحتجاجية”.

في روسيا، غالبًا ما يتم اتخاذ القرارات المتعلقة بالمرشحين الذين يُسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات في أروقة الإدارة الرئاسية بدلاً من الهيئات الانتخابية، عندما تمكنت سلسلة من مرشحي المعارضة المستقلين من إزالة العقبات المطلوبة للتسجيل في انتخابات بلدية موسكو، وجمع آلاف التوقيعات من الناخبين، ادعت اللجنة الانتخابية ببساطة أن العديد من التوقيعات كانت مزيفة وأنها لن تسجل المرشحين في أي حال، مما دفع الآلاف من المتظاهرين إلى النزول إلى شوارع العاصمة الروسية، وتحولت الانتخابات البلدية إلى نقطة حوار سياسي رئيسية.

داهمت الشرطة استوديو محطة التليفزيون المستقلة في روسيا، والتي كانت تقوم ببث الاحتجاجات، وقالت القناة انه تم استدعاء رئيس التحرير للاستجواب.

وتعد موجة الاحتجاجات الصيفية هي الأكبر منذ عام 2012، ففي اليوم السابق لتدشين فلاديمير بوتين لولاية جديدة كرئيس، شهد ميدان بولوتنايا بموسكو اشتباكات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين، وشنت السلطات حملة قمع وأصدرت أحكاما لعدد من المتظاهرين بالسجن لفترات طويلة.

وقالت الداخلية الروسية، إن نحو 3500 شخص شاركوا في احتجاجات المعارضة، بينما قال عمدة موسكو إن السلطات الروسية تعاملت مع المتظاهرين بشكل قانوني، خصوصا أن المظاهرة غير مرخصة وتتعارض مع قانون التظاهر في روسيا.

الآن، سيتعين على السلطات الروسية، أن تقرر ما إذا كان عليها التراجع أو اتخاذ إجراءات صارمة، في وقت تتراجع فيه شعبية بوتين، وحزب روسيا المتحدة الحاكم.

لم يعلق بوتين بعد على الاحتجاجات، حيث كان يستقل ينزل إلى أعماق البحار على متن مركبة غطس لتفقد حطام الغواصة الروسية “ش-308 سلمون” التي تعود إلى حقبة الحرب الوطنية العظمى، في الوقت الذي قامت فيه الشرطة بتنفيذ حملة اعتقالات المتظاهرين.

وانتقدت منظمة العفو الدولية التي تتخوف من “حملة قمع كثيف مقبلة”، حملة الاعتقالات ووصفتها بأنها “محاولة مفتوحة وبدون عوائق من جانب السلطات الروسية لترهيب المعارضة”.

محاولة تسمم 

قالت متحدثة باسم زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني، الذي يقضي حاليا عقوبة بالسجن لدعوته إلى احتجاجات غير مصرح بها، إنه دخل المستشفى بعد معاناته من أعراض حساسية حادة.

وقال الأطباء إنه ربما يكون نتيجة تسممه بمواد كيميائية غير معروفة، حيث عانى من علامات الحساسية الحادة مع “تورم حاد في الوجه واحمرار الجلد”، ووصفته المتحدثة باسمه كيرا يارميش على تويتر على أنه “رد فعل تحسسي شديد”.

وحسب صحيفة “نيوزويك”، نشرت الطبيبة المعالجة، أنستازيا فاسيلييفا على “فيسبوك”، أنها لا تستبعد أنه تسمم، وأشارت إلى أن السلطات الروسية لم تسمح بإجراء فحص مناسب.

سُجن نافالني عدة مرات، وحُكم عليه في عام 2017 بتهمة الاختلاس، وهي تهم يقول إنها كانت ذات دوافع سياسية، ومنعته من الترشح في انتخابات 2018.

ربما يعجبك أيضا