بعد فضيحة الصومال.. زيارة قطرية للتغطية على جرائم الحمدين

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

بعد فضح تورط النظام القطري في تفجيرات مقديشو والعبث بأمنها، تأتي زيارة وزير خارجية الدوحة محمد عبدالرحمن آل ثاني الغير مُعلن عنها بالأمس إلى العاصمة الصومالية “مقديشو”، بزعم إقامة مشاريع في ظاهرها تنموية واستثمارية، ولكنها مشاريع تدميرية هدفها توسيع نفوذ إمارة الفساد في القرن الأفريقي، والتغطية على جرائم “نظام الحمدين” في الصومال مستغلين هشاشة الوضع الأمني

زيارة غير مُعلنة

في زيارة لم يعلن عنها مُسبقًا، وصل وزير خارجية قطر محمد عبدالرحمن آل ثاني، أمس الإثنين، إلى مقديشو لإجراء مباحثات رسمية مع قادة البلاد.

وكان في استقبال الوزير القطري، رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري بحضور عدد من أعضاء حكومته، حيث تناولت مباحثات الطرفين تعزيز العلاقات الثنائية وتفعيل المشاريع التنموية التي تنفذها قطر في الصومال، بموجب اتفاقية أبرمتها الحكومة الفيدرالية في الصومال عام 2017 مع صندوق قطر للتنمية.

ومن بين المشاريع التنموية التي ستنفذها قطر في الصومال، مشروع بناء ميناء هوبيو، وهو من أقدم الموانئ الصومالية حيث يقع على الساحل الشمالي الشرقي في البلاد بالقرب من خليج عدن.

مشاريع تخريبية

يأتي شروع النظام القطري في بناء ميناء هوبيو بإقليم مدغ وسط الصومال، بعد أشهر من اغتيال باول أنطونيو فرموسا رئيس عمليات شركة موانئ بي.آند.أو المملوكة لحكومة دبي في منطقة بلاد البنط شبه المستقلة.

تأتي تحركات الدوحة التي تواجه عزلة إقليمية وتحديدًا في المناطق التي تشكل مجالًا حيويًا لأمن الملاحة البحرية والدولية وفضاءًا مهمًا لأمن الخليج العربي، بعدما فشلت في تحويل عقود موانئ دبي إلى صالحها، من خلال ترهيب العاملين فيها بتنفيذ تفجيرات انتحارية، ينفذها حركة الشباب الصومالية.

ويقع ميناء هوبيو على الخط البحري بين اليمن والصومال، حيث يشكل أكبر ممر للسلاح غير الشرعي للجماعات المتطرفة، حيث يمكن استخدامه كمعبر استراتيجي آمن لتسليح مليشيات الحوثي الإرهابية، ويسهل تهريب الأسلحة من القاعدة التركية في الصومال.

وتثير مشاريع قطر في الصومال الريبة لدى أوساط صومالية، سبق أن أعلنت خشيتها من هيمنة الدوحة على موانئ ومواقع إستراتيجية ومخاوفها من توسيع نفوذهم عبر المتشددين في المنطقة.

وخلال لقاء الوفد القطري مع مسؤولين صوماليين، سعى القطريون لطمس مخططاتهم الاستعمارية الخبيثة بالتصريحات الوردية، بزعم أن المشروع يخدم أهالي الصومال، متناسيًا التسجيل المسرب الذي كشف تورط نظام الحمدين في تفجيرات مقديشو.

قطر تعبث بأمن مقديشو

تأتي الزيارة المُريبة، بعد تسجيل مُسرب نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” للسفير القطري في الصومال مع رجل أعمال مقرب من أمير قطر، يؤكد فيها أن تفجيرات مقديشو نفذتها عناصر إرهابية لدعم وتعزيز مصالح الدوحة.

التسجيل المسرب عبارة عن مكالمة هاتفية بين السفير القطري في الصومال حسن بن حمزة بن هاشم، ورجل الأعمال خليفة كايد المهندي، المقرب من أمير قطر تميم من حمد، ويؤكد فيه المهندي للسفير أن “أصدقاء الدوحة” يقفون وراء التفجير الذي حدث في مدينة بوصاصو في مايو الماضي “لتعزيز مصالح قطر من خلال طرد منافسيها”.

وأكدت الصحيفة أنه على مدى العامين الماضيين برز الصومال الذي مزقته الحرب كساحة قتال رئيسية، توغلت فيه قطر بتوفيرها للأسلحة وتدريب الفصائل المُسلحة.

التوغل القطري في الصومال، سببه هشاشة الوضع الأمني وضعف الحكومة الصومالية التي سارعت بدورها للتخندق في المحور القطري التركي، في تحرك وصفه المتابعون للشأن الصومالي ولسياسات الدوحة أنه زيادة التغلغل في مفاصل الدولة المنهكة اقتصاديًا وأمنيًا، فضلًا عن تعزيز علاقات قائمة أصلًا مع ميليشيات وجماعات متطرفة.

علاقات مشبوهة

كل ما سبق من تعاون وزيارات مسؤولي “نظام الحمدين” المعروف بدعمه للإرهاب في المنطقة، وجهت العديد من الانتقادات لحكومة الرئيس الصومالي محمد عبدالله فرماجو، على خلفية اصطفافها في المحور القطري التركي وتعريض أمن الصومال للخطر.

ويأتي تخطيط قطر لتشييد ميناء جديد في الصومال في سياق محاولات “نظام الحمدين” لتوسيع نفوذه في منطقة القرن الإفريقي، فو ضوء العزلة الإقليمية التي تعاني منها منذ أكثر من عامين.

وبحسب وكالة “بلومبرج” الأمريكية، فإن الميناء سيقام في مدينة هوبيو بإقليم مدغ في وسط الصومال، ذلك البلد الذي تقوده حكومة الرئيس محمد عبدالله “فرماجو”، المعروف بانحيازه الأعمى لـ”نظام الحمدين”، وارتباطه بعدد من عملاء هذا النظام في بلاده.

وبحسب مراقبين، يدين “فرماجو” بوصوله إلى منصبه إلى فهد ياسين المراسل السابق لقناة “الجزيرة” التليفزيونية القطرية في مقديشو، الذي شغل على مدار الأعوام الثلاثة الماضية مواقع سياسية وأمنية رفيعة في الصومال، من بينها رئاسة الديوان الرئاسي في قصر الحكم المعروف باسم “فيلا صوماليا”، قبل توليه منصب نائب رئيس وكالة الاستخبارات.

وبحسب ما جاء في الوكالة الأمريكية، فإن عمليات تشييد الميناء ستبدأ في القريب العاجل، بحسب إعلان وزيرة الموانئ والنقل البحري في الحكومة الفيدرالية الصومالية مريم أويس جامع ووزير النقل والاتصالات القطري جاسم بن سيف أحمد السليطي، خلال مؤتمر صحفي شهدته مقديشو.

ويرى المتابعون للشأن الصومالي، أن الإعلان عن المشروع ما هو إلا محاولة قطرية محكومة عليها بالفشل، للتغطية على فضيحة تسرب الاتصال الهاتفي بين سفير قطر ورجل الأعمال المُقرب من تميم بشأن تفجيرات مقديشو، والتي أثارت موجة غضب عارمة في الأوساط السياسية والبرلمانية والشعبية الصومالية، ومطالبات للحكومة الفيدرالية بفتح تحقيق شامل وشفاف ومستقل حول دور قطر التخريبي في البلاد.

ومما سبق فإن الاتفاق على إقامة المشروع دون الكشف عن تفاصيله في الوقت الراهن يعكس تخوف مسؤولي الدوحة من تسرب الاتصال الهاتفي وما قد ينتج عنه من كشف المطامع القطرية في الصومال وفضح دورها في تمويل التنظيمات الإرهابية لتحقيق مآربها السياسية والاقتصادية.
   

ربما يعجبك أيضا