“الدرة” في ذكراه الـ 19.. مات الولد برصاص لعين

محمد عبدالله

كتب – محمد عبدالله

تُصادف اليوم الذكرى التاسعةَ عشرةَ، للمقطع المُصور الذي أبكى العالم، وهو يَنقل بالبث الحي كيف اغتالت أيدي الاحتلال أيقونة انتفاضة الأقصى الثانية الطفل محمد الدرة، بينما يحَتمي بصدر أبيه خلف بِرميلٍ إسمنتي ..ووالدٍ يصرخ “مات الولد”.

لينشد الناعون: “الشهيد محمد يا بشر على مرأى الملايين، صدر أبوه يحتمي ويموت برصاص لعين، ودمه يطير في الفضا وينادي على حطين”.

مات الولد


صرخة “مات الولد” ومشهد احتماء الأب والابن ببعضهما البعض ونحيب الصبي وإشارة الأب لجنود الاحتلال أن توقف نيرانها وسط إطلاق وابل من الرصاص وغبار كثيف/ وبعد ذلك موت الصبي على ساقي أبيه في مشهد وثقته كاميرا المصور الفرنسي “شارل إندرلان”.

لا مجال لنسيان هذا المشهد العالق في ذاكرة كل حر، الذي يوثّق استشهاد أيقونة انتفاضة الأقصى في يومها الثاني، المقطع الأكثر تأثيرا مع مطلع الألفية الجديدة، والذي حرّك ضمير الإنسانية في العالم أجمع.

رغم محاولات الاحتلال التنصل من جريمته النكراء بإلقاء اللوم على المقاومة الفلسطينية، فإن الصحفي الفرنسي الذي وثّق بكاميرته الجريمة أشار في كتابه “موت طفل” إلى اعتراف قائد العمليات في جيش الاحتلال جيورا عيلاد بأن الطلقات جاءت من جنود إسرائيليين.

يوم الاستشهاد

بينما كان والد محمد جمال الدرة متوجها في ذاك اليوم -30 سبتمبر 2000- إلى سوق السيارات بغزة برفقة ابنه محمد، الذي كان يبلغ من العمر 12 سنة، وعند وصولهما إلى شارع صلاح الدين غرب غزة قرب مستوطنة “نتساريم” كانت الاشتباكات على أشدها بين متظاهرين فلسطينيين وجنود الاحتلال ما جعل جمال يمسك بيد ابنه مقررا العودة إلى البيت.

لكنه فوجئ بطلقات الرصاص تنهال عليهما من برج عسكري إسرائيلي, وسارع الاثنان إلى الاختباء وراء كتلة إسمنتية، وحاول الأب الإشارة إلى جنود الاحتلال من أجل التوقف عن إطلاق النار تجاههما، لكنهم لم يعيروه اهتماما وتوجهوا نحوه.

حاول جمال حماية ابنه من طلقات الرصاص الغاشمة، إلا أنه لم ينجح في ذلك فأصابته وابنه عدة رصاصات وسقط شهيدا جميلا في لحظات قاسية وعنيفة ضاقت فيها الدنيا وأظلمت.

تويتر يحيي ذكرى الدرة

المشهد أثار تعاطف الكثيرين، لكن الصدمة والذهول هما الوحيدان اللذان بقيا ينطقان بلسان الحال في كل عام تحل فيه ذكرى مقتل محمد الدرة في هذا المشهد المأساوي الذي يبدو كما لو أنه أبدي.

ومع حلول ذكرى استشهاده التاسعة عشرة دشن النشطاء عبر موقع التدوين المصغر، هاشتاجا حمل اسم الطفل الشهيد، حظي بتفاعل كبير من قبل النشطاء بينهم سياسيين وحقوقين وفنانين عرب وأجانب.

وتداولت مواقع لأنصار القذافي مشهدا للزعيم الليبي الراحل أثناء زيارته والد محمد الدرة في المستشفى بالأردن عام 2000.

الآن بعد مرور سنوات عديدة على استشهاد الطفل محمد الدرة، ما زال المحتل يمارس أفعاله الحمقاء وجرائمه بحق الفلسطينيين، يولد كل يوم “درة” وليس أبغض  لقلبه من المحتل المغتصب لأرضه، متوعداً بالثأر لدماء إخوته، لسان حاله يقول: “سيبقى الطفل في صدري، يُعاديكم.. يُقاضيكم”.
 

ربما يعجبك أيضا