عقوبات وتحية عسكرية مثيرة.. مستجدات العدوان التركي على سوريا

حسام السبكي

حسام السبكي

مع دخول الحملة العسكرية التركية، المصنفة بـ”العدوان”، على الأراضي السورية، يومها الخامس، والتي تهدف إلى “فرض المنطقة الآمنة” في شمال سوريا، والتي تصطدم في المرحلة الأولى بقوات سوريا الديمقراطية، في مناطق منبج وعين العرب “كوباني” وتل أبيض، والذين تصنفهم أنقرة كـ”مجموعات إرهابية”، فيما قد تصل المواجهات إلى الاشتباك المباشر بين القوات التركية ونظيرتها السورية، حيث تبدو الأخيرة أكثر جاهزية، استنادًا إلى الدعم الروسي اللامحدود، والتي تأمل بموجبه في استعادة السيطرة على كافة بقاع البلاد، والتي انتزعت من قبضة قوات بشار الأسد، في أعقاب ثورة 2011.

وفيما يبدو أن المزاج العام الدولي لا يصب في صالح الأتراك، وهو ما قد يتسبب في إفشال العملية العسكرية برمتها في نهاية المطاف، فقد أقر مجلس الشيوخ الأمريكي سلسلة من العقوبات ضد أنقرة، فيما تسعى عدد من الأقطاب الأوروبية إلى التوصل لموقف سياسي موحد يدين الهجوم الذي تشنه قوات أردوغان.

في غضون ذلك، بات ملف هروب أنصار تنظيم داعش الإرهابي، والمقدر عدد المحتجزين منهم بنحو 120 ألف شخص، بؤرة خطر داهم، وربما يكشف عن النوايا الحقيقية من وراء العملية العسكرية التركية، والتي دفعت موسكو والأمم المتحدة إلى التحذير من خطرها.

عقوبات وإدانات

على الرغم من التفاهم أو التوافق “الضمني أو الظاهري”، بين أنقرة وواشنطن، بشأن العملية العسكرية التركية “نبع السلام”، والذي جاء برعاية ترامب وأردوغان، إلا أن دوائر سياسية هامة في الولايات المتحدة، باتت ترفض الأمر، وترى فيه عدوانًا صارخًا، لا يستهدف حليفتهم “قسد” فحسب، وإنما يتجاوزه للتعدي على الدولة السورية، إضافة إلى كارثة “قبلة الحياة الجديدة لتنظيم داعش بعد دحره في شمال سوريا”.

فقد قال عضو الشيوخ الأمريكي “ليندسي جراهام”: إن الجمهوريين والديمقراطيين في المجلس وافقوا على نصوص قانون بفرض عقوبات على النظام التركي.

وتشمل العقوبات بحسب بيان صادر عن الكونجرس، كلا من الرئيس التركي ونائبه، ووزراء الدفاع، والخارجية، والمالية، والتجارة، والطاقة والموارد الطبيعية.

وتقضي العقوبات بتجميد أي أصول للمذكورين وتمنع الحكومة الأمريكية من التعاطي معهم أو التعاون الاقتصادي والعسكري.

كما تشمل العقوبات أيضًا، وقف جميع مبيعات الأسلحة لتركيا والمساعدات الأمريكية الأخرى بما لا يشمل المساعدات الإنسانية والطبية وتبادل المعلومات الاستخباراتية.

مع توارد أنباء، عن هروب ما لا يقل عن 800 عنصر داعشي، من السجون التي كانت تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، في شمال سوريا، وجهت روسيا تحذيرًا شديدًا من ذلك الخطر.

فقد قال رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا “حميميم” اللواء أليكسي باكين: “في المناطق التي تسيطر عليها إدارة الحكم الذاتي (الكردية) في المناطق الشمالية الشرقية، هناك سبعة أماكن احتجاز، تضم مؤيدي داعش، وثمانية معسكرات على الأقل للنازحين مؤقتا، بما في ذلك زوجات وأطفال المتطرفين”، مضيفا أن العدد الإجمالي للمحتجزين والمعتقلين هناك، حسب الأمم المتحدة، قد يبلغ نحو 120 ألف شخص”.

وأشار باكين إلى أن التهديد يكمن في أن يخرج متشددو داعش من السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدهور حاد في الوضع الأمني في المنطقة بأسرها، مضيفا: “يجب على جميع أطراف التسوية السورية اتخاذ إجراءات لمنع مثل هذا السيناريو”.

تحية عسكرية مثيرة!

لطالما كانت الرياضة دعاية للتسامح والتقارب بين الشعوب، أما أن تستخدم في إيصال رسائل سياسية معينة، فإنها بهذا تحيد عن الطريق والهدف الرئيسي من ورائها!.

ينطبق ذلك تحديدًا، على الخطوة المثيرة التي قام بها لاعبو المنتخب التركي، خلال إحدى مباريات كرة القدم، يوم الجمعة الماضي.

فوفقًا لـ “وكالة الأنباء الفرنسية”، قام أعضاء المنتخب التركي بتوجيه التحية العسكرية، في رسالة موجهة لمساندة الهجوم العسكري التركي على شمال سوريا، والذي أدانه المجتمع الدولي والعربي.

وتعهد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بالتحقيق في واقعة “الاحتفال العسكري” للاعبي المنتخب التركي.

وتوجه اللاعبون بالتحية العسكرية بعد هدف سجله المهاجم جينك توسون في الدقيقة الأخيرة، بمرمى ألبانيا، في انتصار مهم للمنتخب التركي بالتصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأوروبية العام المقبل.

وقال المتحدث الإعلامي باسم “يويفا”، فيليب تاونسيند: “هذه التحية قد تكون مستفزة. قوانين الاتحاد الأوروبي تحظر الإشارات السياسية والدينية. أؤكد لكم أننا سننظر في القضية”.

وبالإضافة للتحية المثيرة للجدل على أرض الملعب، نشر حساب المنتخب التركي على موقع تويتر، صورة لجميع لاعبي المنتخب والطاقم التدريبي وهم يقومون بأداء التحية العسكرية في غرف الملابس، بعد المباراة.

وكتب الحساب تعليقا على الصورة: “التحية والانتصار اليوم مهداة لجنودنا الأبطال وشهدائنا”، الأمر الذي أثار جدلا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأثارت العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، التي دخلت يومها الخامس وتستهدف المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم أنقرة في قائمة الإرهابيين، انتقادات عالمية شديدة، غير أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رفض كل الانتقادات، وقال: إن الهجوم على المسلحين الأكراد “لن يتوقف مهما كانت التصريحات الصادرة بشأنه من أي طرف”.

وقال السيناتور البارز المقرب من الرئيس الأمريكي، إن العدوان التركي على سوريا يصب في مصلحة تنظيم داعش وإيران وروسيا محملًا إدارة واشنطن المسؤولية وراء ما يجري للأكراد ومتهمًا ترامب بالخسة والخيانة.

وتبعًا لموقف ترامب من العدوان التركي، فقد أكدت شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية، أن هناك غضبا عارما في الكونجرس الأمريكي من قرار الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا والسماح للقوات التركية بغزو مدن الشمال، والتخلي عن الحلفاء الأكراد.

وتابعت أن هناك الكثير من الأفعال الخاطئة التي تستوجب الإقالة من السلطة، وليس فقط التعاون مع رئيس دولة أجنبية، وفقًا للدستور الأمريكي، فارتكاب المخالفات يستوجب إقالة الرئيس.

وأضافت أن الغضب من سياسة ترامب الخارجية خلال آخر أسبوعين كان الأكبر من أي جريمة أخرى ارتكبها على مدار سنوات حكمه الثلاث الماضية.

وأشارت إلى قراره بإعادة نشر بعض القوات الأمريكية في سوريا، فقد أصبح شريكا في الغزو التركي للأراضي السورية، في الظاهر ليس هناك علاقة بين هذه القضية وأزمة إقالته بسبب أوكرانيا، ولكن العدوان التركي الأخير سيكسر جدار حماية ترامب.

وأوضحت أن ما فعله ترامب بحق الأكراد ليس جريمة يحاسب عليها، ولكنه أضر بشعبيته، وأسقط دعم الجمهوريين له في مجلس الشيوخ.

وعلى ذكر الإدانات، فمن المتوقع أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، اليوم الإثنين، رد التكتل على التوغل العسكري التركي في شمال سورية، مع إمكانية بحث فرض عقوبات وحظر لتصدير الأسلحة على مستوى الاتحاد الأوروبي.

فيما تسعى عواصم أوروبية كبرى، لحشد موقف أوروبي موحد يدين العملية العسكرية التركية، في مقدمتها باريس.

وحذر الاتحاد الأوروبي من أن العملية التركية تهدد بزعزعة استقرار المنطقة وتفاقم معاناة المدنيين وتسبب في نزوح أعداد كبيرة من السكان وتمثل تهديدا للتقدم المحرز ضد تنظيم داعش المتطرف.

حظر السلاح

في إجراءٍ عملي، ورد فعل عسكري مباشر، قررت عدة دول أوروبية، مع انطلاقة العملية العدوانية التركية في شمال سوريا إلى اتخاذ قرار حاسم بحظر توريد السلاح إلى أنقرة، كان آخرها من برلين.

فقد أعلنت الحكومة الألمانية حظر تصدير الأسلحة إلى تركيا، على خلفية استمرار الجيش التركي في عملياته العسكرية على شمال شرق سوريا.

قال وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، أمس السبت: “نظرًا للهجوم العسكري التركي في شمال شرق سوريا لن تصدر الحكومة الاتحادية أي تراخيص جديدة لكل العتاد العسكري الذي يمكن أن تستخدمه تركيا في سوريا”، دون أن يحدد نوع السلاح المستهدف بالحظر.

وبالقرار الألماني، تكون برلين قد حذت حذو كل من النرويج وهولندا وفرنسا وفنلندا، في فرض حظر توريد السلاح إلى تركيا، فيما تسعى كلًا من السويد وإيطاليا إلى تبني موقف أوروبي مماثل.

هروب دواعش

ربما يعجبك أيضا