مغامرة الاغتيال قد تفجر برميل البارود في غزة‎

محمود

كتب – محمد عبد الكريم

القدس المحتلة – بات من الصعب ملاحقة عدد الشهداء الذي يتزايد مع كل غارة صهيونية على القطاع، ليرتفع حتى لحظة إعداد هذا التقرير إلى 22 شهيدا وأكثر من 70 جريحا، عدوان بات من المرجح أن يتطور من جولة قتال إلى حرب مع أنباء عن دفع القيادات الميدانية لكتائب القسام (الذراع العسكري لحركة حماس) بضرورة المشاركة في المقاومة إلى جانب رفاق السلاح في سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد.

عودة إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات بقصف القائد الميداني في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا، الذي شدّد رئيس حكومة العدو نتنياهو، على وصفه بـ”القنبلة الموقوتة” التي لم يكن بالإمكان الحؤول دون انفجارها في وجه إسرائيل، إلا بالاغتيال، وفي مسعى واضح لفصل “حماس” عن “الجهاد الإسلامي”،  تزامنا أيضا مع أحياء الفلسطينيين لذكرى اغتيال ياسر عرفات، قد تكون مغامرة لا تنتهي بأيام قتالية بل ربما ستتدحرج إلى مواجهة واسعة.

الإعلام العبري نبّه إلى أن ردّ “الجهاد” (حتى مساء أمس) لم يأتِ بعد، وأن هذه ليست هي قوة الحركة، وأن الردّ يمكن أن يتطور إلى استهداف تل أبيب، فعمدت قيادة العدو الإسرائيلي (السياسية والعسكرية) إلى التهديدات غير المباشرة لتظهير اقتدارها، وأنه مستعد للذهاب بعيداً، وذلك عبر الحديث عن استدعاء الجيش للاحتياط، وهو الإجراء الطبيعي لتشغيل منظومات “القبة الحديدية” وطواقم الإنقاذ، وأيضاً تخويف الفلسطينيين عبر وسائل الإعلام، بنشر لائحة أسماء لمسؤولين من الفصائل لا يُستبعد اغتيالهم في حال استمرت المواجهة.

في المقابل، طُرحت تساؤلات في الإعلام العبري حول الجدوى الفعلية للاغتيال، وما إن كان يستحق الثمن الذي لم يتبيّن ما هو بعد. من ذلك ما ورد في تقرير معلّق الشؤون السياسية في “القناة الـ13″، باراك رافيد، الذي قال إنه “لم يأتِ رئيس الحكومة أو رئيس الشاباك أو رئيس الأركان ليقول لنا إن عملية الاغتيال تحلّ المشكلة مع غزة”. من جهته، وفي إجابته سؤالاً لـ”قناة الكنيست” عن إمكانية تدحرج المواجهة إلى عملية برية واسعة النطاق، حذّر وزير التعاون الإقليمي، تساحي هنغبي، من خسارة ما يزيد عن 500 من “الجنود الإسرائيليين الذين سيعودون في توابيت إلى منازلهم”.

وتهدف قيادة الاحتلال من عمليتها في القطاع إلى استعادة قدرة الردع التي ثبتت بمعادلة القصف بالقصف، بما يشمل أكثر من حادثة كان آخرها إجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في أيلول/سبتمبر الماضي على الفرار المذلّ من منصّة خطابية خُصّصت لتهديد الفلسطينيين، جرّاء تساقط الصواريخ بالقرب منه، فأرادت إسرائيل أن تُفهم فصائل المقاومة، بما يشمل “حماس”، أن يدها هي “العليا” بلا استثناءات مكانية وزمانية.

إقليميا، يعد الاغتيال في قطاع غزة ومحاولة الاغتيال الفاشلة للقيادي في الجهاد العجوري في العاصمة السورية دمشق رسالتين إسرائيليتين تحديداً إلى إيران، بعد تقديرات لدى استخباراتها حول توثّب إيران لشنّ هجوم واسع النطاق على أهداف استراتيجية إسرائيلية، بما يشبه استهداف المنشآت النفطية السعودية قبل شهرين، وعبر استهداف “الجهاد”، تحذر إسرائيل إيران من أنها لا تنتظر الهجوم وتكتفي بتمتين الموقف الدفاعي المقابل وإطلاق التحذيرات، بل تبادر إلى توجيه ضربات مؤلمة لتنظيم مرتبط بطهران، حتى وإن دفعت أثماناً جرّاءها.

إسرائيليا، توقيت العمليتين لا يخلو من توظيف سياسي، وتحديداً من قِبَل بنيامين نتنياهو على خلفية أزمته الداخلية، ولا يبدو أن التصعيد يوشك أن ينتهي قريباً بعد أن بدأ للتو، حتى وإن كان “الوسيط” العربي (الجانب المصري) يجتهد من اجل التهدئة، فالفصائل الفلسطينية يبدو انها باتت معنيّة، من منع إسرائيل من تغيير قواعد الاشتباك.

ربما يعجبك أيضا