ترقب حذر ورد غير محسوب.. تطورات اليوم الثاني من مقتل سليماني

محمود رشدي

رؤية – محمود رشدي 

لم يكن من المتوقع أن تأتي انعكاسات مقتل الرجل الثاني في إيران بتلك السرعة من دون ترتيبات غير محسوبة، إذ شهد اليوم التالي من مقتل قاسم سليماني، هجمات على المنطقة الخضراء القريبة من السفارة الأمريكية، وقاعدة بلد الجوية الأمريكية، وقابلها هجمات على مواقع لمليشيا الحشد.

أمس، شنت واشنطن هجومًا بطائرة مسيرة على حافلة كانت تقل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، قاسم سليماني، ومسؤولين من الحشد الشعبي، وأثار الأمر غضب الإيرانيين، ووعدت بـ”رد قاسٍ” على قتل مهندس حروبها في منطقة الشرق الأوسط، وتعد تلك العملية هي ثاني أكبر عملية اغتيال قامت بها واشنطن بعدما دمرت الطائرة التي كانت تقل الأدميرال إيسوروكو ياماموتو الذي خطط لهجوم على ميناء هاربر الأمريكي 1943م.

دواعي أمنية  

ثمة دول أجنبية اتخذت تدابير احترازية تحسبا لهجوم إيراني غير محسوب، قد يمثل خطرًا على قواعدها وجنودها، ولذا أبلغت قيادة العمليات في الجيش الألماني لجنة الدفاع بالبرلمان أنّ ألمانيا قررت تعليق مهمات التدريب في العراق في أعقاب الضربة الأمريكية التي استهدفت الجنرال الإيراني قاسم سليماني، مبينة أن المقر الرئيسي للتحالف الدولي المناوئ لتنظيم داعش هو الذي أصدر القرار. وأوضحت أن القرار إجراء احترازي لحماية الجنود الألمان.

وحذرت وزارة الخارجية البريطانية مواطنيها من السفر إلى العراق وإيران إلا في حالة الضرورة في أعقاب مقتل قاسم سليماني قائد فيلق “القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني إثر هجوم جوي للقوات الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي.

تودد قطري

نظرًا لأنها تضم أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، وهي “العديد”، سارعت الدوحة للتودد إلى طهران كي لا تشملها ردودها المحتملة من هجمات صاروخية عليها، بما قد يضعها في مرمى هجمات الحرس الثوري، ويحول البلد الصغير إلى ساحة مفتوحة للقتال بين طرفي الصراع.

سارعت قطر بإجراء بعثة دبلوماسية سريعة قادها وزير خاريتها إلى إيران، إذ توجه وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إلى العاصمة طهران، اليوم للقاء نظيره الإيراني محمد جواد ظریف.

يذكر أن صحيفة “ديلي ميل” البريطانية اوضحت أن الطائرة الأمريكية المُسيّرة التي استهدفت قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني تم توجيهها من قاعدة “العُديد” الجوية في قطر، والتي تبعُد نحو 1100 كيلومتر جوًا عن مطار بغداد الدولي، حيث تفحّمت جثته وتحوّلت إلى أشلاء خلال الغارة التي نفذتها واشنطن فجر الجمعة.

تصاعد خطر

يبدو أن الولايات المتحدة تريد أن تحجم ردة الفعل الإيراني حتى لا تتسع لمزيد من الهجمات التي قد تطال قواعدها وجنودها في العراق، وفقا لما أفادت به وسائل إعلام سورية، قد تعرضت قاعدة الإمام علي الإيرانية لقصف عنيف في البوكمال على الحدود السورية العراقية، وأضافت أن مقرات للميلشيات الإيرانية في كل من بلدات السويعية والهري بريف مدينة البوكمال قد طالها القصف أيضاً.

وذكرت وسائل إعلام عراقية، أن قاعدة بلد الجوية شمال بغداد استهدفت بالصواريخ. وتعد قاعدة بلد الجوية (قاعدة البكر الجوية سابقا) أكبر قاعدة في العراق، وتبعد 64 كم شمال بغداد، وتعود إلى منتصف الثمانينات.

وتبلغ مساحة القاعدة 25 كم مربعة، وهي محاطة بسياج أمني طوله 20 كم، وتضم مدرجين للإقلاع والهبوط طول الأول 3.503 متر والثاني 3.504 متر، بالإضافة إلى حظائر للطائرات.

وختامًا، يظل سيناريو المواجهة المباشرة صعب تحقيقه، للإدراك التام من الطرفين أن ذلك المسار يحوي عواقب وخيمة، لا تقوى إيران على تحملها، وتعلم أن مواجهة أقوى دولة عسكرية يعد من قبيل الانتحار، وتعلم واشنطن أيضًا أن هذا السيناريو له تكلفة عالية على قواتها، ويرفضه المواطن، وكثيرًا ما يأتي بالنتائج العكسية على الرئيس، ناهيك عن فشلها الذريع في مسارات مشابهة في أفغانستان والعراق نفسه.

ربما يعجبك أيضا