قصر البارون.. قصة الأسطورة المعمارية والمليونير البلجيكي عاشق مصر

عاطف عبداللطيف

كتب – عاطف عبداللطيف

أعلنت مصر عن افتتاح قصر البارون بمصر الجديدة في وقت قريب بعد الانتهاء من أعمال الترميم التي تنفذها وزارة السياحة والآثار بالتنسيق مع محافظة القاهرة بحلول شهر فبراير المقبل، ويتمتع قصر البارون إمبان بموقع فريد ومتميز في أحد أرقى وأشهر أحياء مصر قاطبة، كما ارتبطت بالقصر العديد من الأقاويل عن أساطير وأشباح.

وقررت مصر، في وقت سابق، اعتبار القصر “أثرًا إسلاميًا” بقرار من مجلس الوزراء، مؤكدة على أنه “لا يجوز لملاكه التصرف فيه دون الرجوع إلى المجلس الأعلى للآثار”، وهي الخطوة التي تلاها شراء محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، القصر من الورثة مقابل ٢١ مليون يورو، دفعت في صورة قطعة أرض بديلة بالقاهرة الجديدة، ليقيموا عليها مشروعات استثمارية.

وكان وزير السياحة والآثار، الدكتور خالد العناني، قد تفقد الأعمال النهائية لمشروع ترميم قصر البارون بحي مصر الجديدة، وذلك تمهيدًا لافتتاحه الشهر القادم، ويتم إعادة تأهيل القصر حاليًا؛ ليصبح معرضًا يروي تاريخ حي هيليوبوليس، يشمل مجموعة متنوعة من الصور والوثائق الأرشيفية والرسامات الإيضاحية والخرائط والمخاطبات الخاصة بتاريخ منطقة (هيليوبوليس والمطرية)، إضافة إلى أهم معالمها التراثية.

مؤخرًا تم تقديم مقترح بأسعار تذاكر دخوله من قبل الجمهور، حتى يتم اعتماده وبحثه في مجلس إدارة الآثار، حيث تم تقديم مقترح من “القاهرة التاريخية” بأن يكون سعر تذكرة الدخول للقصر بالنسبة للمصريين 20 جنيهًا، والطالب المصري 10 جنيهات، أما المواطن الأجنبي فوصل سعر تذكرته إلى 100 جنيه مصري، والطالب الأجنبى بـ50 جنيهًا، بحسب موقع “مصراوي”.

لا تغيب عنه الشمس

يقع قصر البارون إمبان في حي مصر الجديدة على مساحة 12.5 ألف متر مستلهم من معبد أنكور وات في كمبوديا ومعابد أوريسا الهندوسية، والقصر مكون من طابقين وملحق صغير بجانب القصر تعلوه قبة كبيرة.

وحسب ما أورد تقرير الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، أمس الجمعة: يحتوي القصر على برج دوار دارت حوله العديد من الأساطير يدور على قاعدة متحركة دورة كاملة كل ساعة ليتيح التمتع بمشاهدة ما حول القصر في جميع الاتجاهات، ويوجد داخل القصر ساعة أثرية قديمة، يقال أنها لا مثيل لها إلا في قصر باكنجهام الملكي بلندن توضح الوقت بالدقائق والساعات والأيام والشهور والسنين مع توضيح تغييرات أوجه القمر ودرجات الحرارة.

وأضاف التقرير: صمم القصر بطريقة “تجعل الشمس لا تغيب” عن حجراته وردهاته أبدًا، واستخدم في بنائه المرمر والرخام الإيطالي والزجاج البلجيكي البلوري الذي يرى من في الداخل كل من في الخارج، ومعظم التماثيل الموجودة بالقصر جلبها البارون إمبان من الهند، كما يوجد عدد من التماثيل الأوربية الطراز، المصنوعة من الرخام الأبيض، وهي ذات ملامح رومانية تشبه فرسان العصرين اليوناني والروماني.

إضافة إلى تماثيل الراقصات يؤدين حركات تشبه حركات راقصات الباليه وتماثيل الأفيال المنتشرة على مدرجات القصر وفي شرفات أبوابه مرسومة بزخارف الأغريق القديمة دقيقة الصنع.

مزار تاريخي

بدأت أعمال الترميم بقصر البارون منذ يوليو 2017، بتكلفة بلغت 104 ملايين جنيه مصري، وتساهم الحكومة البلجيكية فى المشروع بمنحة قدرها 16 مليونًا.

شملت أعمال الترميم التدعيم الإنشائي لأسقف قصر البارون، وترميمها وتشطيب الواجهات وتنظيف وترميم العناصر الزخرفية الموجودة به، واستكمال النواقص من الأبواب والشبابيك، والانتهاء من ترميم الأعمدة الرخامية والأبواب الخشبية والشبابيك المعدنية وترميم الشبابيك الحديدية المزخرفة على الواجهات الرئيسية واللوحة الجدارية أعلى المدخل الرئيسي، والتماثيل الرخامية بالموقع العام.

شائعات

نفت وزارة السياحة والآثار في مصر، مؤخرًا، ما أشيع عن تغيير لون قصر البارون الأصلي وإزالة بوابته الأثرية، وأوضحت أن اللون الأصلي لقصر البارون هو الموجود تحت طبقات الأتربة والاتساخات الموجودة والتي يتم إزالتها بالفرشاة.

وأضافت، إن السور الذي تمت إزالته بالقصر ليس أثريًا من الأساس وتم تركيبه من 14 عامًا فقط، وتم تركيب سور آخر جديد.

يأتي ترميم قصر البارون ضمن خطة مصرية شاملة لإعادة إحياء التراث والاهتمام بالآثار على اختلاف طرازاتها وتاريخها في مسعى جاد من الدولة المصرية لإحياء التاريخ، واستلهام الرؤى المستقبلية من التراث وعبق الماضي؛ إذ يعد قصر البارون إمبان تحفة معمارية وقصة تحكي طرازًا فنيًا رفيعًا لا مثيل له في العالم.  

البارون إمبان

إدوارد إمبان، هو مهندس بلچيكي شهير جاء إلى مصر قادمًا من الهند في نهاية القرن التاسع عشر بعد -وقت قليل من افتتاح قناة السويس- حمل لقب “بارون” بعد أن منحه له ملك فرنسا تقديرًا لعظيم جهوده في إنشاء مترو باريس، حيث كان “إمبان” مهندسًا بارعًا.

إضافة إلى كونه مهندسًا مولعًا بالفنون المعمارية وكان شغوفًا أيضًا بالسفر والترحال، وصاحب عقلية اقتصادية مميزة، وتوقف قطار رحلات البارون في مصر مهد الحضارات، وأصبح البارون مولعًا بكل ما هو مصري واتخذ قرارًا بالبقاء في مصر ودفن فيها.

موقع القصر

استقر البارون إمبان على موقع مميز في صحراء القاهرة وقتها وهو ما تعجب له البعض، ولكن كان للبارون نظرة مستقبلية أخرى؛ فموقع القصر شديد التميز ذي هواء نقي، بحسب تقرير للهيئة العامة للاستعلامات في مصر.

واختار البارون إمبان طرازًا معماريًا يجمع بين فن العمارة الأوروبي والهندي واستغرق تشييد القصر خمس سنوات، واختار له اسم (هليوبوليس)، وحتى يستطيع البارون جذب الناس إلى تلك المنطقة فكر في إنشاء (مترو مصر الجديدة)؛ إذ كلف المهندس البلجيكي أندريه برشلو الذي كان يعمل في ذلك الوقت مع شركة مترو باريس بإنشاء خط مترو يربط المنطقة الجديدة بالقاهرة.

ربما يعجبك أيضا