فلسطين.. عودة الهبات الشعبية والعمليات الانفرادية وسط غياب رسمي‎

محمود

كتب – محمد عبدالكريم

القدس المحتلة – صريحة قالها الرئيس الفلسطيني: “لا عودة إلى سلاح المقاومة”، في سياق الرد على إعلان ترامب – نتنياهو المتمثل بـ”صفقة القرن”، وأن سلاحه الوحيد هو مزيد من الإصرار على المفاوضات التي نعتها إسرائيل أصلًا؛ حيث تؤكد الأخيرة أن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية مستمر ولم ينقطع.

غياب الأحزاب والسلطة عن أي رد فعل مقاوم حتى ولو شعبيًّا، أربك المشهد في الساعات الأولى فلسطينيًّا، إلا أن الشعب مجددًا تفوق على قيادته، واستلم زمام المبادرة مجددًا أيضًا، بعد أن انتهى الاستعراض الكلامي الرسمي، وعادت الفصائل إلى تيه الخلافات والانقسامات القائمة على مصالح ضيقة.

الرد جاء على شكلين زاوج بين الانتفاضتين الأولى (الحجارة) وهي التي عمّت مختلف أرجاء الضفة، والثانية (العمليات الفدائية والدهس)، مضيفة إليها أساليب جديدة، وإن لم ترق إلى انتفاضة شاملة بفعل التخاذل الرسمي والفصائلي الفلسطيني والعربي، والمزيد من القمع الإسرائيلي المتخوف من أن تكون العمليات فاتحة لسلسلة عمليات متواصلة، ولا سيما إذا بدأ تطبيق بنود “صفقة القرن” فعليًّا.

وفي تفاصيل العمل الشعبي المقاوم، كان أول شهداء الاحتجاجات التي أعقبت الإعلان، هو الشهيد الفتى محمد سلمان طعمة الحداد (17 عامًا) برصاص الاحتلال خلال مواجهات في منطقة باب الزاوية بالخليل،  الأربعاء الماضي، تبعه استشهاد الشاب يزن منذر أبوطبيخ البالغ من العمر 19 عامًا، وهو من سكان مخيم جنين، عقب اندلاع مواجهات مع الاحتلال، عقب مداهمة آلياته للمخيم بغرض هدم منزل الأسير أحمد قنبع للمرة الثانية، ثم استشهاد أحد عناصر الشرطة الفلسطينية، وهو النقيب أول “طارق أحمد لؤي بدوان” من جنين متأثرًا بإصابته برصاص الاحتلال، عقب ذلك استشهد الفلسطيني شادي بنا، وهو من مدينة حيفا المحتلة، بعد إطلاق الرصاص عليه من قبل قوات الاحتلال، عقب تنفيذه عملية إطلاق نار قرب باب الأسباط بالقدس المحتلة، ليكون الشهيد الشاب بدر نضال هرشة (19 عامًا)، من  بلدة قفين شمال طولكرم، آخر الشهداء في المواجهات المستمرة منذ الإعلان وهو خامس الشهداء إلى جانب مئات الجرحى.

أما على صعيد العمليات الفدائية، فقد كانت حادثة دهس الشاب سند طرمان، لـ14 جنديًّا من جنود الاحتلال فجر الخميس في السادس من شباط/ فبراير الحالي، هي أقوى الردود على صفقة القرن.

الفدائي طرمان الذي بات اليوم أسيرًا لدى الاحتلال، كتب عبر صفحته على “فيسبوك” عبارة “وجدتُ أجوبتي”، وهي عنوان كتاب الشهيد باسل الأعرج وختام وصيّته، على صفحته في “فيسبوك” بضعَ ساعات قبل تنفيذ العملية.

لاحقًا جاء الرد في غرب محافظة رام الله، حيث استطاع مقاومون قنص جندي من سيارة مُسرعة قرب قرية “رأس كركر” (شمالي غرب رام الله)، ما أدى لإصابته بشكل “طفيف” في الرأس، واستطاع المنفّذون الانسحاب من المكان.

بعد ذلك، استطاع بائع الورود شادي بنا (45 عامًا) من سكان حيفا، الذي اعتنق الإسلام مؤخرًا، إطلاق النار على مجموعة من جنود الاحتلال عند باب الأسباط أحد أبواب المسجد الأقصى المبارك، ليصاب جندي بجروح، ويستشهد البنا بعد ذلك برصاص الجنود في المكان.

هذه التطورات التي أعقبت الإعلان عن “صفقة القرن”، أجبرت الاحتلال وأمريكا إلى إرجاء ضمّ المستوطنات وغور الأردن وأجزاء أخرى من الضفة الغربية إلى أجلٍ غير مسمّى، حيث تضغط ردّة الفعل الفلسطينية، وتحديدًا الشعبية والمتمثلة في تنفيذ عمليات فردية ضدّ الاحتلال، على القيادتين الأمريكية والإسرائيلية في اتجاه تأجيل الضمّ، لما سيحمله تنفيذه من تأثيرات ميدانية سلبية على إسرائيل.

 وعلى هذه الخلفية، دعا السفير الأمريكي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، وهو أحد عرّابي “صفقة القرن” وأوّل الداعين إلى الإسراع في ضمّ المستوطنات، إلى التريّث قبل اتخاذ قرارات متسرّعة لا تصبّ في مصلحة إسرائيل والمستوطنين، مشددًا على ضرورة تأجيل الضمّ إلى ما بعد دراسة المنحى الإجرائي بشكل مناسب، حتى “تستطيع الولايات المتحدة الاعتراف بمثل هذه الوضعية” كما قال فريدمان لـ”جيروزاليم بوست”، معتبرًا أن تلك العملية “لا تستغرق بالضرورة زمنًا طويلًا، لكن يجب أن تكون متأنّية ومدروسة”.

635 عملًا مقاومًا في الضفة والقدس

ورصد تقرير للدائرة الإعلامية لحركة “حماس” في الضفة المحتلة تصاعد عمليات المقاومة خلال شهر يناير الماضي في الضفة والقدس المحتلتين.

وأوضحت في تقريرها أن الشهر الماضي شهد تصاعدًا في عمليات المقاومة بالضفة، حيث تم رصد أكثر من 635 عملًا مقاومًا، من بينها 47 عملية مؤثرة شملت إلقاء الزجاجات الحارقة، وزرع عبوات ناسفة وإطلاق نار تجاه أهداف للاحتلال وعمليات طعن نفذها مقاومون.

وأكدت أن تلك العمليات أسفرت عن إصابة 10 إسرائيليين

وازدادت أعداد المسيرات الشعبية والمواجهات مع قوات الاحتلال عند نقاط التماس بمختلف مدن الضفة، وذلك ردًّا على إعلان الإدارة الأمريكية لصفقة القرن التي أجمع الفلسطينيون على أنها تنهي حقوقهم في الدولة المستقلة.

ووثق التقرير 224 عملية إلقاء حجارة تجاه أهداف للاحتلال والمستوطنين، بينما جاءت المواجهات والمسيرات ثانيًا بواقع 106 أعمال.

وشملت الأعمال المؤثرة 47 عملًا توزعت على: 4 عمليات زراعة لعبوات ناسفة، و4 عمليات طعن أو محاولات طعن، إلى جانب عمليتي إطلاق نار، فيما سجل 36 عملًا بإلقاء زجاجات حارقة وألعاب نارية تجاه قوات الاحتلال خلال اقتحامها لمدن الضفة.

وأصيب خلال الفترة ذاتها 137 فلسطينيًّا بجراح خلال المواجهات مع قوات الاحتلال والتصدي لاعتداءات المستوطنين.

تحذير إسرائيلي

وحذرت صحيفة إسرائيلية من تفجر الأوضاع في الأراضي الفلسطينية بعد سلسلة الهجمات الأخيرة، مشيرة في تقرير رئيسي لها عن الأحداث، إلى ضرورة أن تتصرف الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها العسكرية والأمنية “بحزم، لكن مع ضرورة توفر الحكمة خشية أن تتحول تلك الهجمات إلى عمليات جماعية ومواجهات جماهيرية تشبه ما جرى في عام 2015”.

ولفتت إلى ضرورة الجمع ما بين التدابير الأمنية التي تُتخذ والسلوك على الأرض بما يمنع انتفاضة فلسطينية جديدة.

ووفق الصحيفة، فإنه من الضروري تجنب العقاب الجماعي والتمييز بين منفذي العمليات والمدنيين الفلسطينيين الذين لا يشتركون فيها، والعمل على تجنب وقوع خسائر فلسطينية قدر الإمكان.

ونوهت إلى أنه تبين من التحقيقات، أن الهجمات التي نفذت مؤخرًا جميعها نابعة من غضب الفلسطينيين من نشر الخطة الأمريكية “صفقة القرن”.

وأكدت الصحيفة أهمية أن تبقى الأوضاع هادئة في ظل قرب الانتخابات الإسرائيلية في الثاني من الشهر المقبل، ومنع تدهور الأوضاع، لافتةً إلى أهمية بقائها هادئة أيضًا مع غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي عن إرساله قوات قتالية إضافية إلى الضفة الغربية المحتلة على خلفية التصعيد الأمني الذي تمر به الأراضي الفلسطينية بعد إعلان واشنطن خطتها للسلام في الشرق الأوسط.

وأكد الجيش الإسرائيلي -في بيان أصدره أمس الخميس- أنه قرر نشر كتيبة إضافية في المنطقة (تضم عادة بضع مئات من الجنود) بعد “تقييم الأوضاع المستمر”.

ويعد ذلك الدفعة الثانية من التعزيزات العسكرية التي ترسلها إسرائيل إلى الضفة الغربية منذ نشر إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 28 يناير الماضي خطتها للسلام المعروفة إعلاميًّا بـ”صفقة القرن”، والتي يرفضها الجانب الفلسطيني قطعيًّا.

ويبدو الاحتلال حذرًا جدًّا في هذا السياق مع “اتفاق المشاركين في المداولات، على أن سقوط قتلى فلسطينيين سيكون وقود الانتفاضة المقبلة”. ووفقًا لهذا التقرير فإن المخاوف الإسرائيلية، من اندلاع انتفاضة ثالثة.

ربما يعجبك أيضا