“أهوال قيامة إدلب”.. نازحون وجوههم للموت وظهورهم للنار

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

تكتمل ما يصفها السوريون بـ”أهوال قيامة إدلب” في ظل أجواء الحرب المستعرة التي لا تزال تلقي بظلالها على المدنيين بعدما أجبر ما يزيد عن نصف مليون شخص على ترك منازلهم والنزوح جراء القصف. آلاف العائلات لم تجد خيارا سوى النزوح نحو الشمال قرب الحدود التركية وإلى المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد.

لكن الكثير منهم يكافحون لإيجاد الحماية من البرد على طول الحدود التركية، التي أغلقتها أنقرة رداً على موجات النزوح التي اندلعت في وقت سابق من الحرب في سوريا.ففي المنطقة التي تحكمها المعارضة والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة، توجهت عائلات بأكملها شمالًا في سيارات مكدسة بالبطانيات والأمتعة البسيطة أثناء سعيها للبقاء على قيد الحياة في فصل الشتاء.

كارثة إنسانية

المخيمات المكتظة بالفعل لم تستوعب موجات النزوح الجديدة بفضل موجات نزوح لا تزال مستمرة، جراء قصف قوات النظام السوري على إدلب خلال الشهرين الماضيين ليجد النازحين أنفسهم عالقين في مركباتهم لأيام يكافحون من أجل إيجاد مأوى يحميهم من نيران القصف وبرد الشتاء.

لم يفترسهم الموت السريع لكنهم وقعوا في حبال موت بطيء داخل مخيمات القهر والبؤس والشقاء، بعدما ضاقت بهم المخيمات على كثرتها والأمل كذلك ! الخيمة صار حلم كثير منهم تحت وطأة كابوس برد ينهش عظام أبناء في حضرة عجز ذويهم.

 مئات العائلات السورية شمال غرب البلاد وجدت نفسها دون مكان تلجىء إليه، بعد أن ضاقت الأرض عليهم بسبب المعارك الدائرة في المنطقة، فيما توجهوا إلى آخر معقل للمعارضة هربا من القصف  السوري – الروسي.

شهادات مروعة

وفق المجلس النرويجي للاجئين فإن مخيمات النازحين تصل لخمسة أضعاف طاقتها حاليًا، داعية إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، واصفة الوضع الحالي بـ”الكارثي”. ما يزيد من معاناة هؤلاء النازحين عدم وصول مساعدات من الخارج لإغلاق الممرات الدولية باستتثناءبعضها نتيجة الخلاف بين اللاعبين الكبار في سوريا.

“ننام منذ يومين تحت الشجر ولا بيت يُؤوينا. جئنا إلى المخيم ولم نجد مكانًا” شهادة مروعة لإحدى النازحات فرت مع أسرتها وآلاف السوريين في إدلب من قصف النظام لتجد نفسها وأسرتها وآلاف العوائل دون مأوى في ظل اكتظاظ مناطق النزوح، فيما تشير الأمم المتحدة  إلى نزوح نحو 600 ألف سوري أغلبهم من النساء والأطفال من إدلب تجاه الحدود التركية.

عجز دولي

“لا كلمات تصف معاناة النازحين” قالتها مستسلمة إحدى المنظمات المنهكة بإحصاء أعدادهم ورصد أحوالهم. وفق عدة تقارير فإن نحو ثلث السوريون “نازحون” وكثيرا منهم نزح أكثر من مرة. بل إن أعداد السوريين النازحين خلال الأسبوعين الماضيين فقط نزح إلى إدلب 300 ألف شخص بعد أن صارت آخر نقطة آمنة لهم “غير آمنة”!

المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا حذر قبل وقت قريب من أزمة دولية مقبلة على نزوح مئات آلاف النازحين باتجاه الحدود. مئات آلاف النازحين لا تفصلهم عن جهات الأرض الأربع إلا الحدود التركية، هذا الباب العالي المغلق في وجههم ومفتاحه في يد أنقرة.لذلك وخلافا لتدخلات عسكرية تركية في الأراضي السورية قد تؤيد الدول الأوروبية أي تحرك عسكري تركي في سوريا ضد قوات النظام.

هذا التأييد له وزنه بالنظر إلى ما أعلنته واشنطن من استعدادها لدعم أنقرة في سوريا تحت إطار الناتو، وهو ما يعد “كارت إنذار” ستأخذه موسكو بعين الاعتبار التي لطالما نظرت إلى معاناة السورية بـ”عين النظام” بمعنى أنه لا يستدعي الذكر. ما سبق قد يكون وراء الدفع بتعزيزات عسكرية تركية غير مسبوقة داخل الأراضي السورية خلال الساعات الماضية.

ربما يعجبك أيضا