فزع كورونا وحمى الشراء.. لماذا يتهافت المواطنون على السلع؟

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

باتت صور الأرفف الفارغة في المتاجر، وتهافت الناس على شراء السلع الغذائية ومواد التعقيم والمطهرات، بالتزامن مع انتشار فيروس “كورونا”، شائعة حول العالم، خاصة بعد إعلان بعض الدول حالة “طوارئ”، فهل يستحق الأمر حقًا كل هذا القلق؟ ولماذا يعبر هؤلاء عن مخاوفهم بتخزين السلع؟

يفسر الخبراء هذه الظاهرة بالقول إن الخوف من المجهول في أوقات الأزمات والاعتقاد بأن الاستجابة ينبغي أن تعادل جسامة الحدث، قد يدفعان الناس إلى الشراء بكميات تفوق احتياجاتهم، رغم أن رد الفعل الأمثل في هذه الحالة هو غسل اليدين فقط.

وقد يعود التهافت على الشراء بكميات مبالغ فيها إلى أسباب عديدة أهمها الخوف من فقدان السلع، أو الشعور بأنك تضيع فرصة كان يمكن أن تغتنمها.


سلوكيات خاطئة تنذر بأزمة

يقول ديفيد سافيدج، أستاذ مساعد في علم النفس السلوكي والاقتصاد الجزئي بجامعة نيوكاسل في أستراليا، إن الاستعداد للكوارث الوشيكة، كالكوارث الطبيعية، هو تصرف عقلاني، لكن شراء 500 علبة فاصوليا مطهوة تحسبا لانقطاع الاتصالات لأسبوعين فقط، لا يمت للمنطق بصلة.

غير أن هذا النوع من السلوكيات قد يؤدي إلى شح السلع، كما حدث في عام 2017، حين ضرب مدينة هيوستن الغنية بالنفط في تكساس إعصار هارفي، وتوقفت إمدادات البنزين والديزل في الولايات المتحدة مؤقتا، إثر الفيضانات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها معامل تكرير النفط، وتفاقمت المشكلة عندما هرع الناس إلى محطات البنزين لملئ سياراتهم بالوقود، وساهموا في ارتفاع أسعار النفط لمدة عامين، وفقا لموقع “بي بي عربي”.

تخزين السلع قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار

بدوره، يقول ستيفن تايلور، الأخصائي النفسي بجامعة بريتيش كولومبيا، إن تخزين السلع قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار، فإذا تضاعف سعر السلعة، يظن المستهلك أنها ستنقص، وهذا يؤجج الشعور بالقلق.

وقد ارتفعت بالفعل أسعار الكثير من السلع إثر تفشي فيروس كورونا المستجد، إذ أشارت تقارير إلى أن عبوة كمامات الوجه تجاوزت قيمتها 100 دولار على مواقع التسوق الإلكتروني، مثل “إيباي”.

واتخذت بعض الشركات إجراءات للحد من الممارسات الاستغلالية للمضاربين، إذ أعلنت شركة “أمازون” أنها حذفت من مواقعها ما يزيد على مليون منتج من المستلزمات الأساسية بسبب تضليل المستهلك والمغالاة في التسعير.

وأعلنت سلسلتا صيدليات “بوتس” و”لويدز” البريطانيتين أنهما ستقننان مبيعات معقمات اليدين، ببيع زجاجتين فقط لكل مستهلك.

وأوصت الحكومة الأمريكية المستهلكين بالتوقف عن شراء كمامات الوجه، ليس فقط لأنها لا توفر حماية كافية من فيروس كورونا المستجد، ولكن أيضا لأن نقص هذه السلع سيضر العاملين بمجال الرعاية الصحية الذين يحتاجونها لتأدية عملهم.

ويرى تايلور أن الهلع قد يدفع الناس لبذل كل ما في وسعهم لتهدئة مخاوفهم، مثل الانتظار في طوابير لساعات أو شراء سلع بكميات تفوق احتياجاتهم بمراحل.

مصر أيضًا، لم تكن بعيدة عن المشهد، بالرغم من تأكيد المسؤولين توافر كافة السلع الغذائية بكميات كبيرة بمنافذ المجمعات الاستهلاكية والأسواق، وأن المخزون الاستراتيجي يكفي احتياجات البلاد لعدة أشهر، ولا داعى للقلق، إلا أن البعض تهافت على شراء السلع وتخزينها بصورة مبالغ فيها ما دفع بعض المتاجر للتلاعب في جودة المنتجات والأسعار.

بدوره، أكد الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية بمصر، أن الدولة بكافة أجهزتها وأذرعها الرقابية التنفيذية ستتصدى بكل حزم وقوة لكل من تسول له نفسه التلاعب بمقدرات المواطن المصري، وأن ما تشهده البلاد في هذه الظروف الاستثنائية تحتم على الجميع التصدي بالقانون لأي مخالفات تجارية قد ترتكب في حق المواطنين سواء كانت تلاعب في الأسعار أو غش في المنتجات أو حجب للسلع عن التداول وتخزينها بهدف تعطيش الأسواق.

حمى الشراء

يشار إلى أن حمى الشراء قد اجتاحت العالم مرات عديدة من قبل، كما في عام 1962، حين كان العالم يترقب وقوع حرب نووية في أوج أزمة الصواريخ الكوبية، وهرعت العائلات الأمريكية لتخزين المعلبات وقوارير المياه.

وفي مطلع الألفية الثالثة ظهرت مشكلة الصفرين، حين تنبأ البعض بوقوع كوراث وتوقف أجهزة الكمبيوتر وانهيار الأسواق العالمية أو سقوط صواريخ بحلول عام 2000، واستجاب الناس حينها لا بتكديس السلع غير المعمرة فحسب، بل أيضا بتكديس الأموال، ما حدا بوزارة الخزانة الأمريكية لإصدار أوامر بطباعة 50 مليار دولار إضافية تحسبا لتهافت المودعين على سحب النقود.

ويفسر تايلور ذلك بالقول إن الناس في هذه الظروف، يحتاجون لاتخاذ خطوات تتناسب مع حجم الأزمة وفقا لرؤيتهم، ويعتقد الكثيرون أن غسل اليدين هو إجراء بسيط، لا يليق بجسامة الكارثة. ولهذا يؤثرون إهدار المال على شراء سلع على أمل أن تحميهم من المرض.

ويقول أوبنهايم إن الشراء بدافع الهلع هو حيلة نفسية للتعامل مع الخوف، أو وسيلة لاكتساب شيء من السيطرة على الموقف.

ربما يعجبك أيضا