“أهالينا” و”كأني اعتمرت”.. مبادرات مصرية لدعم العمالة المتضررة من “كورونا”

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

في ضوء الإجراءت الوقائية التي اتخذتها الدولة المصرية لمنع انتشار فيروس كوفيد 19 “كورونا” المستجد، والتي ترتب عليها فرض حظر تجوال على حركة المواطنين وإغلاق محال تجارية ومقاهٍ ونوادٍ وحجر صحي ومكوث بالمنازل، تضررت العمالة اليومية “غير المنتظمة” بشكل كبير، واشتدت أحوال كثير منهم حتى صاروا عُرضة لاستغلال المغرضين لهم ضد إجراءات الدولة الوقائية وتعليماتها الرسمية، ومثلهم أصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوي الدخول المحدودة.

قبل أيام، أعلنت الدولة دعم العمالة اليومية بمنح مالية قدرتها بـ500 جنيه لمدة 3 أشهر، وحددت طرق وأماكن صرف المنحة لتفادي حدوث أي تزاحم من المواطنين والوقاية من الفيروس.

وتفقد وزير القوى العاملة محمد سعفان، أمس الإثنين، عددًا من مكاتب البريد التي تقوم بصرف المنحة، للتأكد من تطبيق آليات وقواعد الصرف، كما تم توزيع كمامات ووسائل الوقاية على المواطنين في المكاتب وأمامها، حيث جلسوا على مقاعد مخصصة لهم، ويتم النداء على رقم كل مواطن حسب دوره في الصرف، ويتسلم المنحة، فضلا عن تسلم المستحق كارت مسبوق الدفع”ATM” مجانا مربوط بحساب مفتوح لكل مواطن من المستحقين لصرف المرحلة الثانية والثالثة من المنحة خلال شهري مايو ويونيو 2020، وسيتم إرسال رسالة نصية لهم توضح أن المنحة تحولت إلى حساباتهم لاستلامها من أي صراف آلي.

وقال سعفان: إن عدد الذين تقدموا على مدى أسبوعين تقريبا وصل إلى 2 مليون مسجل على الموقع الإلكتروني لوزارة القوى العاملة، بعد تدقيق المسجلين لتوفير المساعدة للمستحقين الفعليين وصل الرقم إلى مليون و500 ألف مستحق.

أهالينا.. إيد مع إيد تساعد

في السياق ذاته، أطلقت الحكومة المصرية، مُبادرة “أهالينا” تحت شعار “إيد مع إيد تساعد”، لدعم العمالة غير المنتظمة المتأثرة بالأضرار الاقتصادية التي فرضتها أزمة فيروس “كورونا المُستجد” على الاقتصاد المصري.

بدوره، قال المستشار نادر سعد، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، إن هذه المبادرة تعد واحدة ضمن الجهود الحالية لمساندة الأسر الأقل دخلا والعمالة غير المنتظمة المتضررة من أزمة “كوفيد-19″وتهدف إلى تقديم مساندة مادية مباشرة للفئات المتضررة جراء أزمة كورونا، ومشاركة القطاع الخاص والأفراد في التكاتف والتضامن في وقت الأزمة، مشيرًا إلى وجود معايير صارمة، وقواعد بيانات منقحة بدقة للفئات المستحقة للصرف.

وأوضح المتحدث الرسمي أنه سيتم إطلاق البوابة الإلكترونية “أهالينا”، والتى تتيح للجميع (شركات – أفراد) إمكانية التبرع من خلال الموقع الإلكتروني www.Ahalena.gov.eg.

وأشار إلى أنه من خلال “أهالينا”، يقوم المُتبرع بتحديد القيمة التي يرغب في تقديمها للمساهمة في التخفيف عن الأسر المتضررة، بأن يقوم بالضغط على زر “تبرع الآن”، لينتقل إلى نافذة أخرى لاستيفاء البيانات الشخصية للمتبرع، والاختيار ما بين تسديد قيمة التبرع في حساب رقم 2030 في بنك مصر، أو من خلال إرسال رسالة نصية قصيرة على رقم 2030 من أى شبكة محمول، أخذًا بعين الاعتبار أن هذا الحساب تابع للمؤسسة العامة للتكافل، التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي.

وأوضح أن هذه التبرعات سيتم تخصيصها فقط للعمالة غير المنتظمة المتضررة من أزمة “كوفيد-19″، بعد التأكد من استحقاقها لها، مشيرا إلى أنه يمكن التبرع مباشرة على حساب رقم 2030 بكل فروع بنك مصر.

“كأني اعتمرت”

في غضون ذلك، أطلقت دار الإفتاء المصرية مبادرة “كأني اعتمرت” ووجهت رسالة إلى من حُرموا أداء العمرة هذا العام بالتصدق بأموالهم: “أنتم لم تحرموا وأبواب الخير مفتوحة على مصارعها، وبتصدقكم فإنكم في عبادة حقيقية متعدية النفع”، وأخذتم أكثر من ثواب العمرة.

وقالت دار الإفتاء -في تدوينه على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”- “دعوة لكل المعتمرين الذين حالت الظروف هذا العام من أدائهم للمناسك.. تصدقوا بتكلفة العمرة للفقراء والمحتاجين والمتضررين من العمالة اليومية، فالتصدق في وقت الأزمات وفك كربات المحتاجين أرجى للثواب عند الله سبحانه وتعالى”.

وتابعت: “هذه الحملة المباركة رغبة في إعادة العقل المسلم لفقه الأولويات.. هذا الفقه الذي يمثل منهج الإسلام في التعاطي مع مختلف المستجدات.. هذا المنهج الذي يجعل الإحساس بالمسلمين وهمومهم واجبًا، فضلًا عن كونه نعمة، لذلك جاء في الحديث: “المسلم أخو المسلم: لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره” (متفق عليه) من ترك مسلمًا يجوع أو يعرى -وما أكثر ما يحدث ذلك هذه الأيام- وهو قادر على إطعامه وكسوته فقد خذله، وذاك نص نبوي يبرهن على المعنى ويوضح المقصود حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحبُّ الأعمال إلى الله عزَّ وجل: سرورٌ تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا” “رواه الطبراني وغيره عن ابن عمر”.

ودعت دار الإفتاء متابعيها بدعم الحملة ونشر الهاشتاج “كأني اعتمرت” وكذلك “الصدقة أولى”.

هل يجوز إعطاؤهم من أموال الزكاة؟

بدوره، قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية: أحدث انتشار وباء كورونا في بلدان العالم كسادًا اقتصاديًّا وركودًا ماليًّا على المستوى الفردي والمجتمعي والدولي، ومن أكثر المواطنين تضررًا بهذه الظروف: العاملون بالأجور اليومية، وأصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوو الدخول المحدودة؛ ممن يعتمدون في أرزاقهم على التعامل اليومي والأجور الوقتية والتجارات الصغيرة؛ حيث أدى بهم التزامُهم مع المواطنين بالمكث في البيوت، وما استتبعه ذلك من قلة الحراك المجتمعي؛ تنفيذًا لإجراءات السلامة والوقاية، إلى تعطُّل ما كانوا يعتمدون عليه في كفاية أسَرِهم ورعاية ذويهم، فهم أكثر الطبقات تأثرًا وتضررًا بذلك، وأولى الناس تحققًا بصفة الفاقة والحاجة، فهم على ذلك أَوْلَى مصارف الزكاة استحقاقًا لها بوصف الفقر والمسكنة.

وأوضح علام أنه يشرع إعطاء الزكاة للمواطنين العاملين بالأجور اليومية “العمالة اليومية والأرزقية”، ومثلهم كل من تعطلت مواردهم بسبب إجراءات الوقاية من الوباء وتعليمات السلامة من العدوى، ويجوز أيضًا تعجيل الزكاة لهم على قدر ما يكفي حاجتهم ويسد فاقتهم، ولا يقتصر الأمر على الزكاة، بل على الأغنياء والقادرين في المجتمع أن يشملوا هؤلاء المواطنين العاملين باليومية -ومَن في حكمهم ممن قلت دخولهم وتعطلت مواردهم- بنفقاتهم وصدقاتهم في هذه المرحلة الحرجة من عمر الوطن، بل وعلى كل مواطن أن يستثمر هذه الفرصة في مساعدتهم والوقوف إلى جانبهم بما يمكنه من الوسائل المادية والمعنوية؛ بالمسارعة في الخيرات، والمسابقة في المكرمات، والمساهمة بالطيبات؛ مشاركةً لهم في ظروفهم الحرجة، ومساعدةً لهم في تغطية نفقاتهم واحتياجات أهليهم وذويهم؛ إظهارًا للنخوة والمروءات في أوقات الأزمات، ودفعًا للمرض والوباء بمزيد الكرم والعطاء، وتوخيًا للأجر والثواب من رب الأرباب، فإن معادن الشعوب، وأخلاق الأمم، تظهر في عصيب الأوقات.

وتابع: “الشريعة قد حددت مصارف الزكاة في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60]؛ فجعلت كفايةَ الفقراء والمساكين هو أكد ما تصرف فيه الزكاة؛ حيث كانوا في صدارة مصارف الزكاة الثمانية للتأكيد على أولويتهم في استحقاقها، وأن الأصل فيها كفايتهم وإقامة حياتهم ومعاشهم؛ إسكانًا وإطعامًا وتعليمًا وعلاجًا وزواجًا، وخصَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفقراء بالذكر في حديث إرسال معاذ رضي الله عنه إلى اليمن: “فَإن هم أَطاعُوا لَكَ بذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم” متفق عليه.
 

ربما يعجبك أيضا