في زمن كورونا.. أطفال العالم في مهب الريح

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

لم يترك فيروس “كورونا” شيئا في العالم إلا ووضع بصمته عليه لم يأت بالموت فقط، بل آثاره السلبية على الكرة الأرضية ستمتد لسنوات قادمة، حتي الأطفال نالوا نصيبهم من ذلك الوباء.

أعلنت “اليونيسيف” إن الأطفال يشكلون 50% تقريباً من بين ما يقدر بنحو ثمانية ملايين شخص سيتضررون بسبب خسارة نحو 1.7 مليون وظيفة هذا العام، نتيجة إغلاق الشركات وتعليق الرواتب والآثار الأخرى الناجمة عن العزل العام في المنطقة.

وتقول الأمم المتحدة والوكالات الإنسانية: إن الملايين يفتقرون بالفعل إلى الرعاية الصحية والغذاء والمياه والكهرباء في البلدان، التي تمزقها الصراعات حيث ترتفع الأسعار وتتضرر البنية التحتية، فهناك حوالي 110 ملايين طفل في المنطقة يمكثون في منازلهم حاليًا ولا يذهبون إلى المدارس.

أكثر الأطفال فقرا

يقول “تيد شيبان” -المدير الإقليمي لليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- “إنَّ هذه المنطقة يتواجد بها أكبر عدد من الأطفال المحتاجين على مستوى العالم كله بسبب النزاعات والحروب المستمرة، بها أعلى معدلات للبطالة بين الشباب، ويعاني نحو نصف أطفال المنطقة من درجات الفقر المختلفة كالحرمان من الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم والمسكن والتغذية والرعاية الصحية والمياه الصالحة للشرب والصرف الصحي وإمكانية الحصول على المعلومات.

وأشار إلى أنه من الواضح أن الجائحة تؤثر في الأطفال بشكل مباشر. إذ أصبح العديد من العائلات في المنطقة أكثر فقراً بسبب فقدان الوظائف، بخاصة الدخل من العمل اليومي. وتكافح العائلات بسبب التدابير المتبعة لاحتواء هذه الجائحة لكي تؤمّن لقمة العيش، بالإضافة إلى التأثير النفسي الحتميّ على جميع أطفال المنطقة نتيجة التعرض للصَّدمة من جراء الإغلاق ومنع التجول وعدم الذهاب إلى المدرسة وعدم ممارسة الرياضة أو اللعب في الهواء الطلق وعدم تمكّن الأطفال من لقاء أصدقائهم.”.

ويضيف: “هذا الخليط من العوامل مثل عدم توفر الخدمات الأساسية أو نقصها والفقر والحرمان والنزاع، والآن كوفيد-19 يضر بشكل خاص الأطفال الذين يعانون الهشاشة، ويجعل حياتهم الصعبة أمراً من الصعب تحمله”.

أما الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة “أنطونيو جوتيريش” فيقول: “ينبغي علينا الآن التحرك للتصدي لكل هذه التهديدات التي تواجه أطفالنا.. ينبغي على الزعماء القيام بكل شيء في سلطاتهم لتخفيف أثر الوباء، ما بدأ كطارئ صحي عام تضخم إلى أن (أصبح) اختبارا رهيبا للتعهد العالمي بعدم إهمال أي شخص”.

الأمراض الفتاكة

جدير بالذكر أن الضغط على أنظمة الرعاية الصحية التي يسببها الفيروس قد يمنع الأسر أيضا من فرصتهم في الحصول على الرعاية الصحية والتحصن ضد أمراض مثل شلل الأطفال والحصبة وغيرها من الأمراض الفتاكة التي تتسبب في موت الأطفال.

وأفادت المنظمة أن ما يقرب من 369 مليون طفل يعتمدون على وجبات مجانية في المدرسة عبر 150 دولة بها مدارس مغلقة في الوقت الحالي، وهو ما سيؤثر على العديد من الأسر من الناحية الاقتصادية.

وفقًا للأمم المتحدة، فإن العنف من قبل مقدمي الرعاية الصحية هو الشكل الأكثر شيوعًا للعنف الذي يعاني منه الأطفال؛ كما يمكن أن يؤدي ضغط الحجر الصحي إلى تفاقم خطر العنف المنزلي بين العائلات، مما يجعل المنزل يشكل خطرا على بعض الأطفال.

أطفال بريطانيا 

تظهر بيانات رسمية أن أكثر من 14 مليون شخص في المملكة المتحدة مصنفون في خانة الفقراء، أي ما يمثل قرابة ربع عدد السكان، ويبلغ عدد الأطفال الذين يعيشون في فقر نحو 4,2 ملايين، أي قرابة 30% من مجموع عدد الفقراء حسبما تظهر الأرقام الحكومية.

على صعيد آخر، تقول مديرة فرع بريطانيا للمنظمة المعنية بمحاربة فقر الأطفال “لويزا ماكغيهان”: “إن العائلات التي كانت تكسب رواتب مقبولة قبل الوباء ستجد نفسها فجأة تعيش في الفقر إذا انتقلت إلى (برنامج الإعانة)”.

وأضافت: “العائلات المصنفة أساسا في خانة الفقر قبل تفشي الفيروس -التي يلازم أطفالها المنازل بسبب إغلاق المدارس- تتفاقم لديها مشكلة مطالب التعليم على الإنترنت”.

وتابعت: “إذا كان هؤلاء الأطفال في أسر ليس لديها خدمة إنترنت أو جهاز حاسوب، فإنهم لن يتمكنوا من تلقي هذه الدروس”.

وفيات الأطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة أن المصاعب الاقتصادية التي تواجهها الأسر نتيجة الانكماش الاقتصادي العالمي قد تسفر عن مئات الآلاف من وفيات الأطفال الإضافية في 2020 مما سيبدد التقدم الذي تحقق في العامين إلى الأعوام الثلاثة الماضية بتقليل وفيات الأطفال.

وفي ظل إغلاق الأنشطة التجارية ودفع أكثر من مليار شخص إلى ملازمة المنازل لتجنب انتشار الفيروس، توقع صندوق النقد الدولي أن يعاني العالم هذا العام من أشد انكماش منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي.

وقالت الأمم المتحدة: إن ما يتراوح بين 42 و66 مليون طفل قد يسقطون في فقر شديد هذا العام نتيجة لأزمة كورونا لينضموا إلى ما يقدر بنحو 386 مليون طفل يعيشون بالفعل في فقر شديد بحسب تقديرات العام الماضي.

ربما يعجبك أيضا