تركيا والإخوان.. دور مشبوه في تونس وتهديدات بتصفية المعارضين

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

تواصل حركة النهضة الإخوانية في تونس لعب أدوارها المشبوهة في المنطقة، والعبث بمقدرات الشعب التونسي، من خلال تصدير الإرهاب إلى تونس بالتعاون مع الجانب التركي.

وتقابل هذه التحركات الإخوانية المشبوهة بمواقف صارمة من بعض الكتل السياسية في تونس، فمؤخرًا أعنت النائبة عن كتلة الحزب الدستوري الحر ورئيسة لجنة الطاقة بالبرلمان عبير موسى رفضها المطلق لأي نشاط تركي على الأراضي التونسية.

وأكدت موسى أن إخوان تونس -وبدعم من تركيا- مستمرون في دعم الميليشيات والإرهابيين، وتصدير المرتزقة نحو ليبيا، مؤكدة رفضها التام لمثل هذه السياسات الشيطانية الملتوية.

تهديــــــدات بالقتـــل

وعلى خلفية مواقفها السياسية الرافضة للمخططات الإرهابية للإخوان تلقت النائبة عبير موسى، اليوم الأحد، تهديدات بالقتل، الأمر الذي دفع البرلمان التونسي إلى إصدار بيان تضامني مع موسى منددًا فيه بالتهديدات، ودعا الجهات المختصة إلى فتح تحقيق وتوفير الحماية اللازمة لها.

وقال النائب عن الحزب الدستوري الحر، كريم كريفة، إنه منذ يومين استدعت فرقة مكافحة الإرهاب بالعاصمة تونس رئيسة الحزب عبير موسى لإبلاغها أنها موضع استهداف عمل إرهابي يهدف إلى تصفيتها.

وأضاف: إن هذه التهديدات والمخططات التي تستهدف اغتيال عبير موسى ليست بجديدة بل هي تعود إلى مؤتمر الحزب الأول سنة 2016، مشيرًا إلى أن هذه التهديدات تأتي على خلفية موقف الحزب الدستوري الحر من تنظيم الإخوان.

كما أصدر عدد من الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية مواقف مساندة لعبير موسى، من بينها المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة الذي أصدر بيانًا قال فيه: إن “المرصد منشغل لموجة التهديدات بالقتل التي أصبحت في الفترة الأخيرة متواترة بشكل مفزع”.

وأضاف أنها “عودة قوية للخطاب العنيف الموجه ضد من يخالف رأي بعض من بيدهم السلطة، وخاصة ضد من ينتقد المواقف السياسية المتسمة بالتبعية للخارج وبهيمنة حزب دون غيره على مفاصل الدولة في الحكومة وفي مجلس النواب”.

الطائـرة التــــــركية

وتتزامن هذه التهديدات بالاغتيال بعد يوم واحد من إصدار الحزب الدستوري الحر بيانًا استنكر فيه التضارب بين المعلومات الصادرة عن رئاسة الجمهورية، والتصريحات الإعلامية لمستشار وزير الصحة بخصوص السماح بنزول طائرة تركية.

وأكدت الرئاسة أن الطائرة التركية، التي هبطت في ساعة متأخرة من مساء الخميس في مطار جربة جرجيس بالجنوب، محملة بالمساعدات وموجهة لليبيين، بينما قال مستشار وزير الصحة: إن الطائرة تحمل مساعدات طبية لتونس.

وانتقد الحزب، في بيانه، عدم التنسيق بين الحكومة ورئاسة الجمهورية في الملف الليبي “الخطير الذي يهدد أمن البلاد ويمس بالسيادة التونسية”.

وحذر الحزب من “مغالطة الرأي العام، وإيهامه أن ما أقدمت عليه تونس يندرج ضمن تنفيذ تعهداتها الدولية في مجال الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية، باعتبار أن المساعدات صادرة عن دولة غير محايدة وصادق برلمانها على التدخل العسكري في ليبيا لنصرة أحد أطراف النزاع، فضلًا عن عدم التحقق من وصول المساعدات إلى السكان دون تمييز”.

“النهضة” والإرهاب

كانت عبير موسي اتهمت حركة النهضة في مارس الماضي بإدخال الإرهاب إلى البلاد، قائلة: إن الإرهاب دخل تونس مع رئيس البرلمان راشد الغنوشي ووصول حزب النهضة إلى السلطة عام 2011.

كما أشارت حينها إلى أن أول خطوة لتشجيع الإرهاب كان قانون العفو العام الذي تم إصداره شهر فبراير من عام 2011، والذي انتفع منه كل المتهمين في جرائم إرهابية، وكانت نتيجته إعادتهم الكرّة ورفع السلاح ضد الدولة والمساهمة في عمليات إرهابية بعد الإفراج عنهم.

وحمّلت النائبة التونسية كافة الطبقة السياسية مسؤولية استمرار الإرهاب في البلاد عبر الصمت على الحاضنة السياسية للإرهاب، والتغاضي عن الجمعيات المشبوهة الداعمة له بالأموال، كما اتهمت الدولة برعاية الجماعات التكفيرية.

كما حاول الحزب الدستوري الحر، الخميس الماضي، مساءلة رئيس البرلمان راشد الغنوشي بشأن اتصاله برئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، وهو أحد أعضاء جماعة الإخوان، لكن مكتب البرلمان أكد أن طلب مساءلة الغنوشي يفتقر للأساس القانوني.

متـاهات ســـــيـاسيـة

وفي مقابل قبول حركة النهضة وبعض الأحزاب المؤيدة للإسلام السياسي، التعامل مع تركيا وقطر عبر مشاريع اتفاقيات تجارية، فإن عدة أطراف سياسية عبّرت عن رفضها الصريح لدخول تونس في متاهات السياسة الإقليمية، ودعت الحكومة والبرلمان إلى الإبقاء على مبدأ الحياد، خاصة فيما يتعلق بالنزاع الليبي.

ومع انتشار خبر هبوط طائرة تركية وعلى متنها مساعدات طبية موجهة إلى ليبيا، تزايدت حدة الرفض التونسي لتحركات تركيا في المنطقة، ما طرح تساؤلات كثيرة داخل الأوساط السياسية حول سرّ سماح سلطات تونس بدعم أحد أطراف النزاع في البلد المجاور.

وفي هذا السياق، أدان حزب العمال والتيار الشعبي والحزب الاشتراكي وحركة البعث، إضافة إلى حركة تونس إلى الأمام وحزب القطب، وهي كلها أحزاب يسارية أي محاولة للزجّ بتونس في لعبة المحاور الإقليمية، على حساب أمنها القومي.

تركيـــــــا والمرتزقة

بدوره طالب حمة الهمامي، رئيس حزب العمال زعيم تحالف الجبهة الشعبية اليساري، رئيس الجمهورية قيس سعيد باتخاذ موقف واضح من محاولات تركيا الوجود عسكريًّا في المنطقة، سواء بشكل غير مباشر من خلال جلب “مرتزقة” من سوريا إلى ليبيا، أو بشكل مباشر من خلال تقديم المساعدات لأحد طرفي النزاع، لما يشكله ذلك من خطورة كبرى على الأمن والسلم الإقليميين.

واعتبر محسن مرزوق، رئيس حركة مشروع تونس المعارضة، أن موافقة رئاسة الجمهورية على نزول طائرة تركية بأحد مطارات تونس، محملة بمعدات طبية موجهة لطرف محدد في النزاع الداخلي الليبي “انحراف في موقف تونس الذي كان من المفترض أن يتسم بالحياد في الصراع الليبي”، وهو موقف يزيد من شكوك انحياز تونس إلى أحد محاور الصراع في ليبيا، حسب عدد من المراقبين.

ورأى مرزوق أن هذا الموقف قد يزيد من شكوك ارتباط تونس بمحور دولي محدد تقوده تركيا التي تشارك بقواتها العسكرية في النزاع الليبي بشكل مباشر، ولا تشارك في عمليات إنسانية هناك.

كما حمّلت “حركة مشروع تونس” الحكومة المسؤولية الكاملة فيما وصفته بـ”الخلط بين المواقف وعدم وضوح الرؤية” ودعت القوى الوطنية كافة لتحمل واجبها ومساءلة أصحاب القرار السياسي.

ربما يعجبك أيضا