في ظل جائحة كورونا.. النساء يقدمن تجربة مختلفة في قيادة بلادهن

هدى اسماعيل

هدى إسماعيل

على الرغم من أن نسبة وجود النساء على كرسي الحكم في العالم لا تتعدي الـ7%، إلا أن مجلة “فوربس” اعتبرتهن -في مقال نشر مؤخرًا- “أمثلة يحتذى بها في القيادة الحقيقية”.

“نيوزيلندا – ألمانيا – تايوان – النرويج – الدنمارك  – آيسلاندا ” دول تقودها نساء، وسجلت فيها وفيات، جراء فيروس كوفيد-19، أقل نسب من باقي الدول، حيث أشادت وسائل الإعلام بهؤلاء السياسيات وبمواقفهن، وبالإجراءات التي اتخذنها لمواجهة الأزمة الصحية العالمية، ولكن كيف حدث ذلك؟

قبل تفشي الأزمة

في ألمانيا، بذلت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” جهودًا كبيرة منذ بداية أزمة فيروس كورونا، حيث حذرت شعبها من أن الفيروس قد يصيب ٧٠% من الشعب، وقد أدت الإجراءات الاحترازية الألمانية، إلى جانب الجهوزية الطبية، إلى أن تبقى أرقام الوفيات أقل بكثير من بقية الدول الأوروبية.

وفي تايوان، أسست الرئيسة، “تساي إنغ ون”، على نحو فوري مركزًا للسيطرة على الوباء واتخذت إجراءات لاحتواء وتعقب حالات العدوى بالفيروس، كما سرّعت إنتاج وسائل الحماية الشخصية؛ مثل أقنعة الوجه، بل لم يقف الأمر عند ذلك بل قامت بإرسال 10 ملايين قناع إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.

أما رئيسة وزراء نيوزيلندا “جاسيندا أرديرن “فقد اتخذت قرارًا حاسمًا بوقف حالات العدوى عن طريق إجراءات الإغلاق، كما أمرت بالحجر الصحي العام مبكرًا، بالإضافة إلى عزل كل من يأتي من خارج البلاد لفترة، وعندما وصلت حالات الإصابة بكورونا إلى ستة أشخاص، منعت الحكومة دخول الأجانب إلى نيوزلندا، مما فرض وقفًا إجباريًّا على العمال، وبقاء السكان في المنازل باستثناء النزول للتسوق أو ممارسة الرياضة، أضف إلى ذلك اقتطاع  الحكومة 20% من رواتب أعضائها لصالح العمال.

وفي النرويج، تحدثت رئيسة الوزراء “إرنا سولبرغ” مع أطفال بلدها مباشرة من خلال التلفاز، أسوة برئيسة وزراء الدنمارك “ميت فريدريكسن”، التي عقدت قبلها بيومين مؤتمرًا صحفيًّا مخصصًا للأطفال فقط، أجابت فيه عن أسئلتهم.

دول الشمال

تقود النساء أربعة من بلدان الشمال الأوروبي الخمسة، وفي كل بلد معدلات وفاة أقل ناتجة عن الفيروس مقارنة ببقية أوروبا.

على سبيل المثال، رئيسة الوزراء الفنلندية الشابة، سانا مارين، 34 عامًا، هي أصغر زعيمة في العالم، لكنها حصلت على نسبة تأييد 85٪ من الفنلنديين، وتعاملت بسرعة مع الوباء وأغلقت البلاد في 16 مارس.

وتحكم آيسلاندا رئيسة وزراء هي كاترين جاكوبسوتير، وهي دولة جزرية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها 360 ألف نسمة، لكنها من البلاد التي تحركت مبكرًا، وأجرت  اختبارات عشوائية على نطاق واسع، واتخذت إجراءات للحدّ من انتشار كوفيد-19، مثل منع التجمعات التي تزيد عن 20 شخصًا، وذلك منذ نهاية شهر يناير الماضي، أي قبل تسجيل أول إصابة بالمرض.

تقول شبكة “سي إن إن”، قارن هذه الردود الحكومية مع دولة السويد، الدولة الشمالية الوحيدة بأوروبا التي لا تقودها امرأة، حيث رفض رئيس الوزراء ستيفان لوفين فرض إغلاق وحظر للتجوال وأبقى المدارس والشركات مفتوحة، وهو ما أوجد حالة  ارتفاع كبير لمعدل الوفيات، أعلى بكثير مما عليه الأمر في معظم البلدان الأوروبية الأخرى، مقارنة بعدد السكان.

سياسة البلاد

تقول د. “غيتا راو غوبتا”، التي تعمل مديرة لأحد برامج الأمم المتحدة المتعلقة بالنساء: “لا أعتقد أن هناك أسلوب قيادة خاصًّا بالنساء ومختلفًا عن أسلوب الرجال. لكن عندما تمثل النساء في مناصب قيادية فإنهن يضفين تنوعًا على عملية صنع القرار”.

وتضيف: “يؤدي ذلك إلى التوصل لقرارات أفضل لأنك بذلك تستمع إلى رؤى الرجال والنساء. وهذا مختلف عن الأسلوب الذي يتبعه الرجال القادة مثل استعراض العضلات وإنكار الحقائق العلمية، مثل أسلوب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو”.

كما تقول “روزي كامبل”، مديرة المركز العالمي للقيادة النسائية في جامعة لندن كوليدج: “ليس هناك أساليب قيادة خاصة بالنساء وأخرى خاصة بالرجال. ولكن وفقًا لما بات معتادا اجتماعيا، من المقبول أكثر أن تكون النساء قادة أكثر تعاطفًا وتعاونًا، وللأسف هناك رجال أكثر وقعوا في دائرة النرجسية والتنافسية الزائدة”.

أما “هانز جورج كروسليتش” -رئيس قسم الفيروسات في المستشفى الجامعي في هايدلبرج- فيقول -في تصريح  لصحيفة نيويورك تايمز- “ربما تكون قوتنا الأكبر في ألمانيا… هي اتخاذ القرار العقلاني على أعلى مستوى حكومي إلى جانب الثقة التي تتمتع بها الحكومة”.

ليسوا فقط نساء

تتمتع كل هذه الدول باقتصادات متطورة، وأنظمةٍ تضمن رفاهية المواطنين، كما أنها سجلت أعلى معدلات في مؤشر التطور الاجتماعي، يضاف إلى ذلك أنها تمتلك أنظمة رعاية صحية جيدة قادرة على التأقلم مع حالات الطوارئ.

المزيد من النساء

التجربة العملية أكدت قدرة النساء على مواجهة الأزمة بذكاء وهدوء فكانوا خلال أزمة الجائحة أشد قوة من الرجال، ومع ذلك في 1 يناير 2020 ، كان 10 فقط من بين 152 رئيس دولة  من النساء، وفقًا للاتحاد البرلماني الدولي والأمم المتحدة، بينما  شكل الرجال 75٪ من البرلمانيين و73٪ من صناع القرار الإداري و76٪ من العاملين في وسائل الإعلام.

وتطالب الأمم المتحدة بأن يزيد العالم من تولي النساء، ومن المهم أن يدرك العالم  الحاجة الماسة لمزيد من القيادات النسائية.

ربما يعجبك أيضا