هل تخشى إيران من لقب “الدولة العجوز” بعد ثلاثة عقود؟

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

يعد انخفاض معدل النمو السكاني في إيران أحد مخاوف قادة النظام هناك، لا سيما المرشد الأعلى، علي خامنئي، حيث أدى تدهور الأوضاع الاقتصادية الناجمة عن سياسات النظام والحكومة، خاصة خلال العقد الماضي، إلى عدم وجود دوافع بين السكان للإنجاب.

أكثر من ثلثي سكان دولة إيران الآن لا يتخطى سنهم الـ 40 عاما، وتشير التقارير إلى أن الشعب الإيراني سيكون الأكثر شيخوخة في المنطقة، بعد 20 عاما، في ظل انخفاض معدل المواليد؛ لأسباب ضعف الخصوبة وتأخر الزواج وارتفاع نسب الطلاق والاجهاض ووفيات الأمراض؛ ما يؤدي في النهاية إلى انخفاض معدل تجدد المجتمع.

وتقف إيران على أعتاب ظاهرة “الشيخوخة” حيث إن النسبة ستبلغ 1 من كل 3 أشخاص في إيران في 2050 وذلك وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.

وقد أعلنت شهلا خسروي، مستشارة وزير الصحة الإيراني لشؤون المرأة والولادة، اليوم الثلاثاء 19 مايو/أيار، بمناسبة “اليوم الوطني للسكان”، أعلنت عن انخفاض شديد في معدل الخصوبة في إيران، خلال الثلاثين عامًا الماضية، وقالت إن سكان إيران هرموا بأكثر من 10 سنوات، خلال الـ60 عامًا الماضية.

وفي تصريح أدلت به إلى وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء (إيسنا)، أضافت خسروي أن إحصاءات المواليد في عام 2019 الإيراني، انخفضت بمقدار 170 ألف حالة، مقارنة بعام 2018، وأن إحصاءات المواليد عام 2018 كانت قد انخفضت بنحو 120 ألف حالة، مقارنة بعام 2017.

ولفتت المسؤولة الإيرانية إلى أن معدل عمر الشباب الإيراني ارتفع خلال الـ60 عامًا الماضية من 20 إلى 30 عامًا، وفي حال استمرار هذه الوتيرة، ستصبح إيران خلال الـ30 سنة القادمة أكثر دول العالم شيخوخة.

شيخوخة دولة

قلق النظام في إيران من ارتفاع معدلات الشيخوخة، يرجع إلى المخاوف من تأثير ذلك على الأمن القومي الإيراني؛ حيث سينعكس ذلك على موارد القوة البشرية وعجلة الإنتاج والدفاع العسكري أيضًا. فإذا حافظ المجتمع الإيراني على مستوى الشيخوخة الحالي؛ فمن سيبلغون سن الشيخوخة؛ سينسحبون بشكل مبكر من دورة العمل والإنتاج؛ إلى جانب خطورة سياسات التقاعد المبكر غير المدروسة. وبالتالي فإن حياتهم بالفعل تصبح بلا معنى بعد فترة التقاعد. فيمكن القول بأن انضمام جزء كبير من السكان في إيران إلى مرحلة الشيخوخة لا يشكل فرصة، بل يعني ارتفاع تكاليف الصحة والعلاج وغياب آفاق مشرقة للغد والخوف والقلق بشأن المستقبل وعدم الاستقلالية وعدم التمتع بالكثير من الحقوق الإنسانية.

كذلك، تغير مفهوم الأسرة والعائلة داخل المجتمع، والضغوط الاقتصادية تدفع المجتمع الإيراني إلى عدم التفكير في مستقبله. ولذلك مع تفشي ظاهرة عمليات الإجهاض بهذه الأرقام المفزعة خاصة بين المتزوجين بشكل رسمي ومعلن ولا يرغبون في الإنجاب، يؤكد كثير من الباحثين أنه على المدى الطويل سيتسبب  هذا الأمر في شيخوخة المجتمع الايراني وبدلًا من أن  تكون فئة الشباب الأكثر عدديًا ستسيطر على المجتمع الايراني فئة المتقدمين بالعمر، وهي فئة لن تستطيع العمل بنفس كفاءة وقدرة الشباب، مما قد  يتسبب في تدهور اقتصادي بعد أن تفقد الدولة ثروتها الشبابية.

التشجيع على الإنجاب

يتجه النظام في إيران إلى تشجيع الشباب على الإنجاب وعدم اتباع سياسة تنظيم الأسرة وخفض الإنجاب، والمرشد الأعلى، خامنئي نفسه، يشجع على ذلك، فقد طالب الشباب الإيراني في شهر أغسطس/آب 2019، بضرورة إنجاب المزيد من الأطفال بدعم من مؤسسات الدولة. وهو ما أثار انتقادات واسعة بين الإيرانيين على مواقع التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية آنذاك، واعترض البعض على دعوته لإنجاب المزيد من الأطفال في ظل الظروف الاقتصادية المريرة.

هذا، وقد مرّت إيران بمراحل عديدة مع قضية تحديد النسل، والتحكم في عدد السكان، بدأ من عصر الشاه محمد رضا بهلوي مروراً بفترة التسعينات التي قدمت إيران فيها واحداً من أنجح برامج تحديد النسل في العالم بشهادة الأمم المتحدة.

وبعد كل تلك النجاحات والإرشادات الدولية بما فعلته الحكومة الإيرانية لتنظيم الأسرة، أعلن خامنئي في عام 2012 وبشكل مباغت أن الأمر برمته كان خطأً كبيراً، وقال: “أحد الأخطاء التي ارتكبناها في التسعينات كانت السيطرة على السكان، كان المسؤولون مخطئين بشأنها، وأنا أيضاً لي دور في ذلك، ونطلب من الله أن يسامحنا”.

وتنصّ خطة النظام الإيراني بإيجاز على أهمية حث الشباب على الزواج المبكّر والإنجاب السريع، وتوفير التسهيلات للنساء أثناء الحمل خاصة العاملات منهن، ومعارضة النمط الغربى الذي يدعو إلى تحديد النسل، وأخيراً أهمية دعم برامج تثقيفية في المدارس والجامعات تحث النساء على الزواج والإنجاب بدلاً من العمل.

ربما يعجبك أيضا