ليس حبًا في سوريا .. إيران تجني الثمار وتناوش أمريكا من الخليج إلى الكاريبي

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

وسط المطالب الأمريكية والإقليمية بإخراج إيران من سوريا؛ يبدو أن طهران إن قبلت بهذا الخروج؛ فسيكون عسكريًا، لكن لن ترحل من هناك دون جني ثمارها الاقتصادية، حيث تخطط إيران إلى ربط ميناء الإمام الخميني المطل على مياه الخليج مع ميناء اللاذقية السوري المطل على البحر الأبيض المتوسط، وبذلك تنشط حركة التجارة الإيرانية مع البحر المتوسط وأوروبا، كما تنشط إيران من استثماراتها داخل السوق السوري في المجالات الحيوية الخاصة بالأغذية والأدوية والصناعات المعمرة.

وعلى ضوء ذلك؛ فرؤية إيران نحو سوريا في مرحلة ما بعد داعش تتعلق بجني الثمار الاقتصادية، ولذلك أكد حشمت الله فلاحت بيشه، عضو البرلمان الإيراني، تصريحات سابقة كان قد أدلى بها، قائلًا إن إيران أنفقت 20 إلى 30 مليار دولار على سوريا، وعليها استعادة هذه الأموال.

وكان فلاحت بيشه قد قال عام 2018، أثناء توليه منصب رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، وخلال زيارة له إلى دمشق: “إن مساعدات إيران لسوريا حق من حقوق الشعب، ويجب تسويتها في العلاقة بين طهران ودمشق”.

وقال مرة أخرى، في مقابلة مع صحيفة “اعتماد أونلاين”: “عندما ذهبت إلى سوريا، قال البعض إنك حمّلت النظام الثمن، لكنني أكرر، ربما أعطينا سوريا 20 إلى 30 مليار دولار، وعلينا استعادتها من سوريا، فهذه أموال الشعب التي أنفقت هناك.”

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد ذكرت من قبل أنه منذ عام 2012 إلى 2018، أنفقت إيران 16 مليار دولار للدفاع عن بشار الأسد، وكذلك دعم الميليشيات العراقية واليمنية.

وفي عام 2015، ذكرت وكالة “بلومبرج” أن إيران تنفق ما بين 6 إلى 15 مليار دولار سنويًا على سوريا.

مناوشات في الخليج العربي

حذَّرت البحرية الأمريكية، أمس الثلاثاء 19 مايو، من الاقتراب بمسافة أقل من 100 متر من السفن العسكرية الأمريكية في الشرق اﻷوسط، قائلة إن ذلك “قد يعتبر تهديدًا ويواجه إجراءات دفاعية قانونية”.

يأتي تحذير البحرية الأمريكية هذا بعد التطورات الأخيرة في المياه الخليجية.

وتضمَّن التحذير اﻷمريكي، بحسب وكالة رويترز، أن الاقتراب بمسافة أقل من 100 متر من السفن العسكرية الأمريكية “قد يعتبر تهديدًا”.

وصرَّحت قيادة الأسطول الخامس الأمريكي المتمركز بالبحرين في بيان، بأن هذا التوجيه صدر “من أجل زيادة الأمن، وتقليل الغموض ومخاطر سوء التقدير”.

وتقول وكالة أسوشييتد برس إن الدفاع يتضمن عادةً إبعاد السفينة عن السفينة المقتربة، وإطلاق إنذار، ثم إطلاق شعلة مضيئة، وأخيرًا إطلاق تحذير؛ لإجبارها على تغيير مسارها. لكن هذا الإجراء الأميركي لتحديد المسافة نهج جديد.

كما قالت المتحدثة باسم الأسطول الخامس للبحرية ريبيكا ريباريتش، إن “سفننا تقوم بمهامها المعتادة في المياه الدولية بموجب القانون الدولي ولا تسعى إلى الصراع”.

وأضافت ريباريتش: “ومع ذلك يحتفظ ضباطنا القادة بالحق في الدفاع عن النفس إذا لزم الأمر”.

يأتي إصدار هذه المبادئ التوجيهية بينما أعلن الجيش الأمريكي، يوم 15 أبريل، أن 11 زورقًا تتبع للحرس الثوري الإيراني، “ضايقت سفنًا تابعة للبحرية الأمريكية في شمالي الخليج”.

ووصف الأسطول الأمريكي الخامس المتمرکز في البحرين إجراء القوارب التابعة للحرس الثوري الإيراني بأنه “غير مهني” و”غير آمن”، وقال إن زوارق الحرس الثوري اقتربت من السفن الأمريكية، وفي إحدى الحالات مرت هذه الزوارق على مسافة 10 أمتار من السفينة “ماوي” اﻷمريكية.

بعد هذا الحادث، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أمر باستهداف وتدمير زوارق الحرس الثوري إذا ضايقت السفن الحربية الأمريكية.

وبعد يوم من تصريحات ترامب، قال حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، في 23 أبريل (نيسان): “نقول للأمريكيين، نحن مصممون وجادون تمامًا في الدفاع عن أمننا القومي وحدودنا المائية وأمن ملاحتنا البحرية وأمن قواتنا الدفاعية، وسنردُّ بحزم على أي إجراء تخريبي”.

وسبق أن قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم 16 أبريل، ردًا على “مضايقة” زوارق الحرس الثوري الإيراني للسفن الأمريكية، إن واشنطن تدرس الرد المناسب على هذه الخطوة الاستفزازية.

مناوشات في الكاريبي

منذ الأسبوع الماضي، أفادت بعض وسائل الإعلام، بالإضافة إلى معارضي الحكومة الفنزويلية، بأن خمس ناقلات نفط في الموانئ الإيرانية تقوم بتحميل البنزين والديزل أو أنواع أخرى من الوقود لنقلها إلى فنزويلا.

في الأيام الأخيرة، لجأت بعض المواقع الإلكترونية القريبة من مراكز الأمن الإيرانية تستخدم لهجة حادة و”تحذيرية”، في إشارة إلى نشر السفن الأمريكية بمنطقة البحر الكاريبي.

وكان مسؤولون بـ”البنتاجون” والبحرية الأمريكية أعلنوا في الأيام الأخيرة، عن إرسال أربع سفن: “یو إس ‌إس دیترویت”، و”يو إس إس لاسن”، و”يو إس إس بريبل”، و”يو إس إس فاراغت”، إلى منطقة البحر الكاريبي.

يشار إلى أن كلًا من إيران وفنزويلا تخضع لعقوبات أمريكية، وتواجه فنزويلا، التي تعاني من أزمة سياسية داخلية، حاليًا أزمة وقود.

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قد صرح حول ناقلات نفط بلاده المتجهة إلى فنزويلا: “إن الناقلات الإيرانية تقوم بأعمال تجارية رسمية وقانونية، ولا توجد عوائق قانونية أمام التجارة المشروعة”. “ما قاله الأمريكيون عن ناقلاتنا غير قانوني، وإذا اتخذوا إجراء فسيواجهون رد فعل من إيران”.

وأشارت صحيفة “كيهان” المقربة من المرشد الأعلى إلى أن أهمية موضوع ناقلات النفط الإيرانية المتجهة إلى فنزويلا لعدة أسباب:

أولاً، يظهر أن إيران تنأى بنفسها حاليًا عن مبيعات النفط الخام وتصدر المنتجات النفطية.

وبالإضافة إلى ناقلات النفط الخمس المتجهة إلى فنزويلا، تتجه أربع ناقلات نفطية أخرى إلى الصين تحت علم الجمهورية الإسلامية.

وتعتقد “كيهان” أن البحرية الأمريكية لا تجرؤ على مهاجمة الناقلات الإيرانية، وأن المسؤولين الأمريكيين فقط يصدرون التصريحات.

لكن لماذا تصر إيران على إرسال ناقلات نفطية رغم التهديد الأمريكي؟ تعزو “كيهان” هذا الأمر إلى تصريحات علي خامنئي الأخيرة بأن المقاومة مكلفة.

استمرار الضغط

وقد أفادت صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلا عن رئيس مجموعة العمل الخاصة بإيران في الخارجية الأمريكية، براين هوك، قوله إن على قادة النظام الإيراني الاختيار بين التفاوض مع إدارة دونالد ترامب أو إدارة اقتصاد منهار.

وفي إشارة إلى فاعلية “الضغوط”، قال براين هوك: “منذ أكثر من 3 سنوات حتى الآن، ما زلنا نواجه إيران ونسيطر عليها، من خلال الدبلوماسية والردع”.

وأضاف براين هوك أن “النظام الإيراني تحطم بسبب عقوباتنا”.

وقال رئيس مجموعة العمل الخاصة بإيران في الخارجية الأميركية، إن “قادة إيران يواجهون خيارًا واحدًا اليوم: إما التفاوض مع الرئيس ترامب وإما إدارة الانهيار الاقتصادي”.

يشار إلى أن إدارة دونالد ترامب انتهجت سياسة الضغوط القصوى على إيران، منذ توليها الحكم، لإجبار طهران على التفاوض مع واشنطن.

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد أعلن قبل عامين، قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي بين القوى العالمية الست وإيران، المعروف باسم “برجام”.

وبعد انسحابها من الاتفاق النووي، أعادت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية، وخاصة العقوبات النفطية، فيما تقول الحكومة الأمريكية إنها تريد اتفاقية أكثر شمولاً من الاتفاق النووي، تشمل برنامج إيران النووي، والأنشطة الإقليمية، فضلاً عن برنامجها الصاروخي.

ومن جهتها، تقول منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إن إنتاج إيران اليومي من النفط انخفض، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، بمقدار 53 ألف برميل يوميًا، مقارنة بشهر مارس (آذار) الماضي، ليصل إلى مليون و969 ألف برميل يوميًا. فيما تشير بعض التقديرات إلى أن صادرات إيران من النفط في حدود 100 ألف برميل يوميًا.

ومع ذلك، تقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن مسؤولي النظام الإيراني يدرسون حدثين في الأشهر المقبلة قد يغيران من هذا الوضع. أحد هذين الحدثين هو الانتخابات الأمريكية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، واحتمال  فوز مرشح ديمقراطي في هذه الانتخابات.

وحول هذا الأمر، أكد براين هوك، في مقابلة مع “CNBC” يوم 8 مايو الحالي، ردًا على سؤال حول السباق الرئاسي الأمريكي وتصريحات مستشاري مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، حول العودة إلى الاتفاق النووي، أكد أن الاتفاق النووي لن يبقى منه شيء حتى موعد الانتخابات الرئاسية القادمة في أمريكا.

ربما يعجبك أيضا