اعتصام الرحيل 2.. هل يطيح التودد لأردوغان بـ”الغنوشي”؟!

كتب – حسام عيد

أصبح المشهد السياسي واضحًا في تونس وذلك على قاعدة الموقف من الأحداث في الجارة ليبيا وتطوراتها. النهضة وحلفاؤها في جهة دعم حلف معين لم يعد خافيًا على أحد، فرئيسها راشد الغنوشي وبعد اتصالات متكررة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتهنئته لحكومة السراج وميليشياته بالسيطرة على أجزاء من التراب الليبي، أصبح عنصر استفزاز لجل القوى السياسية الكبرى في البلاد، لعل آخرها الاتحاد العام التونسي للشغل.

اعتصام الرحيل 2

وفي تجربة مماثلة لاعتصام الرحيل عام 2013 الذي انتهى بتنحي الحكومة التي قادها الإسلاميون آنذاك، أعلن نشطاء وسياسيون ونقابيون في تونس عن إطلاق مبادرة للاعتصام أمام مقر البرلمان لإسقاط راشد الغنوشي رئيس المجلس وزعيم حركة النهضة، ومن ثم تعديل النظام السياسي.

ويأتي ذلك مع اقتراب جلسة مساءلة راشد الغنوشي المزمع عقدها في الثالث من يونيو الجاري، ما قد يفضي إلى سحب الثقة منه وعزله.

وتجمّع العشرات من نشطاء المجتمع المدني في ساحة باردو وسط العاصمة تونس يوم الإثنين الموافق 1 يونيو 2020، للمطالبة بعزل رئيس البرلمان الذي يتهمونه بالاصطفاف خلف الأجندة التركية في ليبيا وخرق مبدأ الحياد الذي تلتزم به الدبلوماسية التونسية في النزاع الليبي، ما يهدد الأمن القومي التونسي.

وبدا الاعتصام محدودًا في يومه الأول، وينتظر أن تتسع مساحته أكثر فأكثر بانضمام شرائح اجتماعية أخرى مع اقتراب موعد جلسة مساءلة الغنوشي الأربعاء القادم.

وقال المنسق العام للاعتصام عماد بن حليمة: إن التقيّد بإجراءات الحجر الصحي جراء وباء كورونا حال دون تحول أعداد كبيرة، مشيرا إلى أن زخم المشاركين سيتنامى أكثر مع رفع إجراءات الحجر.

وجاء هذا الإعلان بعد يوم واحد فقط من خروج مئات المحتجين في مدينة حاجب العيون بولاية القيروان، في الأسبوع الأخير من مايو الماضي، وفي مناطق أخرى في البلاد، للمطالبة بالتنمية وفرص عمل، وذلك غداة وفاة سبعة وإصابة العشرات في كارثة شرب مواد كحولية سامة. وجاب المحتجون شوارع المدينة، ومن بينهم أهالي الضحايا الذين توفوا الأحد الماضي تحت تأثير مادة الإيثانول الممزوجة بعطورات تم ترويجها بشكل غير قانوني في الجهة.

وردد المحتجون شعارات غاضبة تنتقد الحكومة: “لا خوف ولا رعب… السلطة بيد الشعب”، و”سراقين بلادنا… قتالين أولادنا”. كما خرج في معتمدية حفوز، التابعة للولاية نفسها، عشرات العاطلين في مسيرة للوصول إلى قصر قرطاج الرئاسي بالعاصمة، مشياً على الأقدام، بهدف مقابلة الرئيس قيس سعيد، وعرض مشكلات الجهة.

وخرجت مسيرات في عدة مدن للاحتجاج ضد البطالة، كما شهدت مدينة بنزرت في وقت سابق احتجاجات وأعمال شغب.

جلسة مساءلة الغنوشي

ويستعد البرلمان إلى عقد جلسة عامة في الثالث من يونيو، لمساءلة الغنوشي بشأن تدخله في الملف الليبي بعد اتصاله برئيس مجلس الدولة الاستشاري في ليبيا خالد المشري ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج وتهنئته على استعادة قاعدة الوطية، وهو ما اعتبرته الكتل النيابية الممثلة بالبرلمان اصطفافا يتعارض مع الموقف الرسمي التونسي.

وعكس استخدام زعيم حركة النهضة لصفته كرئيس للبرلمان خلال التهنئة إصرارًا على الزج بتونس في الصراع الليبي، وهو ما يشكل تحديًا للدبلوماسية التونسية التي تعتمد سياسة النأي بالنفس والوقوف على مسافة واحدة من أطراف النزاع.

ويتطلب تحديد جلسة تصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان جمع 73 توقيعا من النواب، بينما يحتاج سحب الثقة منه نهائيا الأغلبية المطلقة أي 109 أصوات من ضمن 217، فيما علقت موسي بالقول “73 إمضاء تتبعها 109 أصوات وننهي حكم الإخوان ونمضي في طريق الإصلاحات الكبرى”.

حراك نقابي

أما الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر القوى النقابية في تونس، التي لها وزن سياسي يفوق العديد من الأحزاب، فقد أصدر بيانا شديد اللهجة، يندد بما تقوم به عدد من الدول بنقل آلاف الإرهابيين من الجبهة السورية إلى ليبيا، مما يشكل تهديدا مباشرا لأمن تونس واستقرارها.

وقال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل، سمير الشفي: “أصدرنا بيانا على اعتبار أن ما يحصل في ليبيا يهمنا، خاصة وأن هناك قوى تقوم باستقدام آلاف الإرهابيين من المشرق العربي إلى المغرب العربي، أي من سوريا إلى ليبيا”.

وتابع: “هذا تهديد واضح للأمن القومي العربي، والأمن القومي الوطني التونسي”.

ويشير الشفي في تصريحاته إلى المرتزقة الذين تنقلهم تركيا من سوريا إلى ليبيا، لدعم ميليشيات السراج في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي، في خرق صارخ للأعراف والقوانين الدولية.

بينما نفذ عاملون بوزارة الصحة وأطباء بمحافظة صفاقس جنوب تونس، إضرابا عاما بدعوة من الاتحاد الجهوي للشغل، وذلك على خلفية توقيف نقابيين.

كما نظم النقابيون في المنطقة مسيرة ضخمة، جابت شوارع المدينة، رافعين عدة شعارات من بينها “يا غنوشي يا سفاح …يا قتال الأرواح”.

وتأتي هذه التحركات على خلفية توقيف نقابيين من قطاع الصحة في مدينة صفاقس اتهما بالاعتداء على نائب ائتلاف الكرامة بالبرلمان محمد العفاس خلال شهر مارس الماضي.

يشار إلى أن الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، كان قد اعتبر في تصريح سابق، “أن قضية إيقاف نقابيين بصفاقس، خضعت إلى ضغوطات وتعليمات سياسية جاءت من رئيس البرلمان راشد الغنوشي” وفق تعبيره.

يذكر أنه تم إيقاف عضوين من الاتحاد الجهوي بصفاقس يوم 6 إبريل الماضي، على خلفيّة شكوى تقدّم بها النائب عن ائتلاف الكرامة (تيار متشدد) محمد العفاس، متهما النقابيين بالاعتداء عليه.

ربما يعجبك أيضا