بعد الكشف عن موقع نووي جديد بإيران .. هل تنجح واشنطن في تمديد حظر التسليح؟

يوسف بنده

رؤية

كشف المسؤول الإيراني السابق، أمير مقدَّم، النقاب عن أن الحرس الثوري يشغّل مجموعة منشآت في منطقة صحراوية قرب مدينة جاجَرْم بمحافظة خُراسان الشمالية، ضمن مشروع سري لتصنيع مسحوق الألومنيوم المستخدَم في إنتاج الوقود الصلب للصواريخ.

وفي إطار تحقيق لوكالة أنباء “رويترز” أشار مقدم الذي يقيم حاليا في فرنسا، إلى أن طهران بدأت تصنيع مسحوق الألومنيوم لخدمة مشروعها الصاروخي، قبل أكثر من 5 أعوام.

وقال أمير مقدم، الذي كان مدير العلاقات العامة لشؤون البرلمان لدى المكتب التنفيذي للرئاسة بين أعوام 2013 حتى 2018، قال لـ”رويترز” إن إيران بدأت في إنتاج مسحوق الألومنيوم لأهداف عسكرية منذ أكثر من 5 سنوات، وإنه زار الموقع بنفسه مرتين. وكان لا يزال نشطًا حتى عام 2018، عندما غادر إيران.

وتم إنشاء مشروع مسحوق الألومنيوم، الذي لم يتم الإبلاغ عنه من قبل، في خضم عقوبات دولية ضد إيران، تم فرضها لمنع إيران من الحصول على تكنولوجيا أسلحة متقدمة.

ولدى “رويترز” أكثر من 12 وثيقة تتعلق بالمشروع، بما في ذلك رسالة من محمد طهراني مقدم، وهو قيادي في الحرس الثوري، إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، يصف مشروع جاجرم بأنه “مشروع لإنتاج وقود صواريخ من مسحوق معدني”، وأن له دورًا مهمًا في “تعزيز الاكتفاء الذاتي للبلاد في إنتاج الوقود الصلب للصواريخ”.

وفي المقابل، قال علي رضا مير يوسفي، المتحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، ردًا على سؤال لـ”رويترز”: “ليس لدينا معلومات بشأن هذه المزاعم ودقة الأدلة”. وقال: “ينبغي أن نؤكد أن إيران لم تقصد أبدًا إنتاج أي رؤوس حربية نووية.”

تجدر الإشارة إلى أن هذه المعلومات الجديدة حول إنتاج مسحوق الألومنيوم من شأنها أن تزيد من حساسية واشنطن تجاه أنشطة الصواريخ الإيرانية.

زيادة الضغط على إيران

والجمعة 19 يونيو/ حزيران، وافق مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على قرار قدَّمته المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا (الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي)، إلى الأمم المتحدة، يحث إيران على السماح لمفتشي الوكالة بالوصول إلى موقعين “مشبوهين” في إيران.

والقرار الذي وافقت عليه الدول الثلاث وهو أول قرار لمجلس المحافظين ضد إيران منذ ثماني سنوات، يحظى أيضًا بدعم الولايات المتحدة.

كما وصفت وزارة الخارجية الأمريکية برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم، بأنه “غير مقبول” وتهديد لـ “السِّلم والأمن العالميَّين”.

ويؤكد التقرير أن الحكومة الأمريكية لا تزال ملتزمة بعرقلة حصول إيران على الأسلحة النووية. وفي الوقت نفسه، لن تتوقف عن مراقبة القوة الصاروخية الإيرانية والأسلحة التقليدية وجمع المعلومات حول الأبعاد الخفية للبرنامج النووي الإيراني.

وجاء في جزء من البيان الصادر عن وزارة الخارجية، أنَّ تحرُّك النظام الإيراني بعدم الإعلان عن مواده النووي يعد انتهاکًا صريحًا لالتزامات الدول بضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

تمديد حظر التسليح

وقد نقلت وكالة “بلومبرج نيوز” عن مصادر دبلوماسية قولها إن الولايات المتحدة قدمت مشروع قرار بشأن “التمديد غير المحدود” لحظر الأسلحة على إيران، إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي.

ووفقًا للتقرير الذي صدر أمس الثلاثاء 23 يونيو/حزيران، فإن الولايات المتحدة كانت قد قدمت نص المسودة، في وقت سابق، إلى حلفائها فقط.

وكتبت “بلومبرج”، وفقاً لنص المسودة الذي حصلت عليه، أن الولايات المتحدة طلبت من أعضاء مجلس الأمن الامتناع عن عرض الأسلحة “بشكل مباشر أو غير مباشر، وبيع  أو نقل الأسلحة إلی داخل إيران أو من هذا البلد إلی خارجه”.

ويجعل هذا النص توريد ونقل الأسلحة إلى إيران مشروطًا بموافقة “لجنة واحدة” على الأقل من لجان مجلس الأمن الدولي، قبل 30 يومًا من هذا الإجراء.

ويشير نص مسودة القرار الأمريكي إلى تقرير جديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى مجلس الأمن، أكد فيه أن الصواريخ التي أطلقت على أرامكو كانت من “مصدر إيراني”.

يشير التقرير الأممي إلى الهجمات الصاروخية ضد أرامكو السعودية التي أكدت الأمم المتحدة أنها من مصدر إيراني، رغم نفي طهران لذلك.

وفي غضون ذلك، أبلغت روسيا والصين أعضاء مجلس الأمن أنهما لا تؤيدان تمديد حظر الأسلحة على إيران.

تجدر الإشارة إلى أن قرار مجلس الأمن رقم 2231، يشير إلى أنه يجب أن ينتهي حظر الأسلحة عن إيران في موعد لا يتجاوز 5 سنوات بعد اعتماد الاتفاق النووي.

لكن الولايات المتحدة تعارض رفع الحظر، فيما عبرت دول أوروبية أخرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا عن قلقها إزاء هذا الرفع، حيث جاء في بيان جديد من الدول الأوروبية الثلاث: “نعتقد أن رفع هذه العقوبات له آثار خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليميين، وأن أوروبا ستواصل حظر تصدير تكنولوجيا الصواريخ الأوروبية والأسلحة إلى إيران حتى عام 2023”.

یشار إلی أن إیران لم یكن لها الحق في شراء أو بيع الأسلحة منذ عام 2007، ولكن بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2231، من المقرر أن ينتهي حظر الأسلحة يوم 18 أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام.

من جانبها، حذرت الولايات المتحدة من أنها إذا فشلت في تمديد حظر الأسلحة على إيران، فسوف تسعى إلى تفعيل “آلية الزناد”، في الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران.

يُذكر أن آلية االزناد هي آلية لحل الخلافات في الاتفاق النووي، والتي بموجبها، يمكن للأطراف الأخرى في الاتفاق إعادة القضية إلى مجلس الأمن واستئناف العقوبات المفروضة على طهران، إذا لم تف إيران بالتزاماتها.

وفي هذا السیاق، كان وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، قد قال، من قبل، إن الاتفاق النووي منفصل عن قرار مجلس الأمن 2231، الذي وصف الولايات المتحدة بأنها “مشاركة” في الاتفاق النووي.

لكن إيران والصين وروسيا تصر على أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق النووي ولم يعد بإمكانها استخدام “آلية الزناد”.

الضغط على روسيا والصين

قال برايان هوك المبعوث الأمريكي الخاص بإيران لرويترز يوم الأربعاء إن روسيا والصين ستواجهان العزلة في الأمم المتحدة إذا واصلتا المضي قدما في عرقلة مسعى الولايات المتحدة لتمديد حظر السلاح المفروض على إيران.

وقال هوك، في مقابلة مع رويترز، مساء أمس الثلاثاء “نرى فجوة متسعة بين روسيا والصين والمجتمع الدولي”.

وأضاف “روسيا والصين عزلتا في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي، وسيتم عزلهما في مجلس الأمن إذا واصلتا السير في طريق ديستوبيا (الواقع المرير) هذا”.

ويحتاج صدور قرار من مجلس الأمن إلى موافقة تسعة أصوات وعدم استخدام حق النقض من جانب أي من الولايات المتحدة أو الصين أو روسيا أو بريطانيا أو فرنسا.

وفي وقت سابق هذا الشهر، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني روسيا والصين لمقاومة مسعى واشنطن، وتعهد “بزيادة قدراتنا الدفاعية كما كنا نفعل حتى في ظل العقوبات”.

ووزعت الولايات المتحدة مشروع القرار يوم الإثنين الماضي بعد أن أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش المجلس في وقت سابق من الشهر الجاري بأن صواريخ كروز التي استُخدمت في عدة هجمات على منشآت نفطية ومطار دولي بالسعودية العام الماضي كان “أصلها إيراني”.

وهددت الولايات المتحدة في حالة الإخفاق في تمديد الحظر، بإعادة كل عقوبات الأمم المتحدة على إيران بموجب عملية متفق عليها في الاتفاق النووي لعام 2015، على الرغم من أن الولايات المتحدة انسحبت منه عام 2018.

وستقضي مثل هذه الخطوة على الاتفاق النووي، الذي وصفته الولايات المتحدة وآخرون عام 2015 بأنه وسيلة لتعليق محاولة طهران لتطوير أسلحة نووية، ويقول دبلوماسيون إن واشنطن ستواجه معركة صعبة في مجلس الأمن.

وتجادل الولايات المتحدة بأنها يمكن أن تطبق العقوبات لأن قرار مجلس الأمن الذي يضمن الاتفاق النووي لعام 2015 ما زال يسمي واشنطن مشاركًا.

هذا، ويهدف الرئيس الأمريكي من مشروع القرار هذا، تحجيم مشاريع إيران الصاروخية، وتحجيم نفوذها في المنطقة، ودفعها للعودة إلى طاولة المفاوضات. ولذلك صرح ترامب قائلًا: في خطابه الانتخابي في تالسا، إنه إذا انتظر مسؤولو الجمهورية الإسلامية إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة لمفاوضات محتملة مع واشنطن، فإنهم سيدفعون “أكثر بكثير” للتوصل إلى اتفاق.

ربما يعجبك أيضا