“علينا أن نهرب”.. الروهنجيا معاناة لا تنتهي

أسماء حمدي

كتبت – أسماء حمدي

فر آلاف الأشخاص من ولاية راخين غرب ميانمار بعد قتال عنيف بين القوات الحكومية والمتمردين العرقيين خلال الأسبوع الماضي.

وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 10 آلاف شخص فروا بالفعل مع تقدم الجيش وبدء القتال العنيف، بحسب ما قالت ميشيل باشليه، مفوضة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، لمجلس حقوق الإنسان، خلال مناقشات بخصوص ميانمار.

وذكرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في وقت لاحق، إن 10 آلاف شخص فروا وفقا لتقديرات أولية لكن العدد الفعلي قد يكون أكبر بكثير لأن نطاق وتأثير الاشتباكات المزعومة لم يتضح بالكامل بعد”.

وأمرت حكومة ولاية راخين، الثلاثاء الماضي، مديري القرى في بلدة راثيدونغ بإخبار السكان بالابتعاد عن منازلهم بسبب الخطط العسكرية لإجراء “عملية تطهير” ضد المتمردين، و”عملية التطهير” هي اللغة العسكرية في ميانمار من أجل مكافحة التمرد.

يستمر النزوح من أكثر من 40 قرية بعد ذلك بأسبوع تقريبًا، على الرغم من إلغاء وزير أمن وحدود ولاية راخين الأمر، يوم الجمعة الماضي.

وأكد خين ماونج لات، عضو مجلس الشيوخ عن بلدة راثيدونج، فرار أكثر من 10000 شخص، قائلا: “منذ يوم إصدار الأمر فر الجميع من منطقة العمليات”.

كانت الحكومة متورطة منذ أكثر من عام في صراع مع جيش أراكان، وهو قوة حرب عصابات مدربة تدريبا جيدا ومسلحة جيداً تمثل أعضاء جماعة راخين العرقية في المنطقة.

تشكل قوة حرب العصابات أقوى تحد عسكري للحكومة المركزية للعديد من مجموعات الأقليات العرقية التي سعت لعقود من الحكم الذاتي بشكل أكبر.

واتهم المدافعون عن حقوق الإنسان جيش ميانمار باستخدام القوة المفرطة واستهداف المدنيين في عملياتهم التي تقاتل المتمردين.

الهروب من الجحيم

في عام 2017 نفذ الجيش عمليات لمكافحة التمرد ضد المتمردين من أقلية الروهينجا المسلمة في راخين، لكن النقاد يتهمون أنهم استخدموا حملة إرهاب لطرد الروهينجا من البلاد، وفر ما يقدر بـ 740.000 من الروهينجا إلى بنجلاديش المجاورة، حيث لا يزالون في مخيمات اللاجئين.

وتعد ولاية راخين، التي اندلعت فيها الاشتباكات، أفقر منطقة في ميانمار وهي موطن لأكثر من مليون من الروهينجا، والذين يواجهو قيودا شديدة داخل البلاد ذات الأغلبية البوذية أي ما يقرب من 90% من شعب ميانمار، ومازال التوتر بين الطرفين مستمرا.

خلال نزوح الأسبوع الماضي، فر بعض الأشخاص إلى القرى خارج المنطقة المحددة وآخرون إلى سيتوي عاصمة راخين.

“علينا أن نهرب من القرية لأننا لا نريد مواجهة الجنود من الجيش، الوضع هنا اشبه بالجحيم”، هذه كلمات آي إم جي 58 عامًا، أحد سكان قرية كياكتان ببلدة راثيدونغ، حيث احتجزت الحكومة في السابق العشرات من المشتبه بهم من راخين.

تساعد منظمات المجتمع المدني والرهبان البوذيون القرويين النازحين الجدد في العثور على مأوى، يقول الراهب أوكاهاتا، من دير تاهيتي في بلدة راثيدونغ: “لم يعد بإمكان الناس العيش في أماكنهم بسبب القتال، نحن نستضيف أكثر من 300 نازح في ديرنا، ومؤخرا وصل حوالي 100 آخرين”.

وفي حديثه لصحيفة “واشنطن بوست”، قال المشرع خين ماونج لات، موضحا سبب هروب القرويين: “إنه يوم القيامة بالنسبة له، إنهم في خوف. هذا هو أثر أمر الإخلاء بالابتعاد عن القرية أثناء العملية العسكرية، حتى معظم مديري القرية يفرون وخائفون من العودة إلى قراهم مرة أخرى”.

بداية الأزمة

في عام 2012 في ولاية راخين تفجرت أعمال العنف العرقي، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف التوتر واستمر العنف بشكل متقطع.

ومنذ ذلك الحين حاول الآلاف من الروهينجا الفرار بالقوارب عبر بحر أندمان إلى ماليزيا أو برا إلى بنجلاديش، وأدى تصاعد المشاعر الدينية لدى البوذيين في راخين إلى جعل هذه الولاية واحدة من أكثر المناطق التي لا يمكن توقع الوضع السياسي بها.

وفي أكتوبر 2016، اندلعت موجة العنف الاخيرة في راخين، عندما لقي تسعة من رجال الشرطة مصرعهم في هجمات منسقة على مراكز حدودية، وقالت الحكومة حينها إن جماعة مسلحة غير معروفة من أقلية الروهينجا كانت مسؤولة عنها.

وأدت تلك الهجمات إلى حملة عسكرية واسعة للجيش الحكومي ورافقتها انتهاكات وواسعة من قتل واغتصاب وتعذيب للروهينجا، إضافة إلى تهجيرهم، وتم تجريدهم من الجنسية حيث تعتبرهم السلطات بنغاليين رغم وجودهم في ميانمار منذ أجيال، فيما وتعتبرهم الأمم المتحدة ” أقلية دينية ولغوية مضطهدة”.

وفي العام نفسه تم تجريد الروهينجا من حق التصويت أو الترشح في الانتخابات، وقد ضغط حزب أراكان الوطني، وهو حزب يضم البوذيين الماغ في راخين وتشكل عام 2015، من أجل تلك الخطوة.

وتحقق الأمم المتحدة حاليا في تقارير عن انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل قوات الأمن، التي تنكر من جانبها، ارتكابها لأي مخالفات.

كورونا في ميانمار

في 18 أبريل الماضي، أعلنت ميانمار لأول مرة قائمة المناطق المعرضة بشدة لخطر فيروس كورونا وفرضت تدابير الإغلاق في 11 بلدة في الحاضرة التجارية يانجون وأيضا على مستوى منطقة ساجينج.

وتطلبت عمليات الإغلاق أن يبقى الناس في منازلهم وعدم الخروج إلى في حالات الضرورة، مثل الذهاب للتسوق أو للعمل، وكان الدخول والخروج من هذه البلدات يتطلب الحصول على تصاريح.

وفي 14 يونيو بدأت ميانمار تخفيف الإغلاق في عشر بلدات على ثلاث مراحل، وكانت بلدة إنسين هي البلدة الوحيدة المتبقية على قائمة المناطق المعرضة بشدة لخطر الفيروس

ووفقا لبيان صادر عن وزارة الصحة والرياضة، أمس الثلاثاء، رفعت ميانمار الإغلاق الكامل عن بلدة إنسين في يانجون، وحذفت البلدة من قائمة المناطق المعرضة بشدة لخطر فيروس كورونا، بحسب وكالة “بلومبرج” للأنباء.

وجاء تخفيف التدابير مدفوعا بالتحسن الكبير في احتواء تفشي الفيروس، ويسري الأمر اعتبارا من الساعة الرابعة صباح اليوم الأربعاء.

وحتى أمس الثلاثاء، أكدت ميانمار 299 حالة إصابة بفيروس كورونا، تعافى منها 221 شخصا، وتوفى 6 مصابين، بحسب وزارة الصحة والرياضة.

ربما يعجبك أيضا