رجاء الجداوي.. كورونا تسدل الستار على حياة امرأة من زمن الحب

أماني ربيع

أماني ربيع

بعد 43 يوما في العزل الصحي بمستشفى “أبوخليفة” بمحافظة الإسماعيلية، قضاها محبو رجاء الجداوي بين دعاء ورجاء في شفائها من مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، غادرت الفنانة القديرة الحياة فجر اليوم الأحد، عن عمر يناهز 82 عاما.

وعن تفاصيل الوفاة، قال مصدر طبي بالمستشفى: إن الفنانة الراحلة توفيت إثر إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية أثناء خضوعها للعلاج على جهاز تنفس صناعي بالعناية المركزة بالمستشفى.

وكانت حالة الجداوي، بدأت تتدهور في الساعات الأخيرة قبل الوفاة، حيث تدهورت الوظائف الحيوية للجسم، وكانت تخضع لجهاز التنفس الصناعي منذ أيام بعد إصابتها بفشل في التنفس بعد أن تمكن الفيروس من الرئة، بسبب ضعف المناعة وكبر السن.

وكان آخر تحليل “pcr”، لرجاء الجداوي ظهرت نتيجته مساء السبت قبل ساعات من وفاتها، إيجابيا، حيث أثبت استمرار إصابتها بالفيروس التاجي.

ولم تتحسن حالة الراحلة حتى بعد حقنها ببلازما المتعافين يونيو الماضي، وتركيب جهاز تنفس اختراقي بعد وجود تليف في الرئتين.

وبعد إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية، توقفت عضلة القلب وأجهزة الجسم الحيوية، وفشلت محاولات إنعاش عضلة القلب في إعادتها للحياة، وأعقبها إعلان الوفاة عبر منشور لابنتها أميرة مختار على موقع فيسبوك.

ويتولى مسؤولو الطب الوقائي الإشراف على تغسيل جثمان الفنانة الراحلة بالشكل الشرعي حسب تعاليم الدين الإسلامي، وتكفينها ووضعها داخل كيس مخصص لمصابي فيروس “كورونا” المستجد، ثم يتم إقامة صلاة الجنازة عليها داخل المستشفي من الأطباء والتمريض والعاملين بالمستشفي، ويتم عقب ذلك نقلها إلى مقابر أسرتها بالقاهرة عن طريق سيارة إسعاف مجهزة بأطقم مخصصة للتعامل مع حالات الوفاة المصابة بفيروس كورونا.

وكشف أشرف زكي نقيب الممثلين، أن الفنانة رجاء الجداوي سيتم دفنها في مقابر الأسرة بالبساتين بمعرفة الطب الوقائي، وليس بجانب زوجها الراحل لاعب نادي الإسماعيلي حسن مختار، بمقابر الإسماعيلية.

وقال “زكي”، إن ابنتها أميرة اتجهت إلى مستشفى الإسماعيلية لمرافقة الجثمان.

وأصيبت الجداوي بفيروس كورونا في شهر مايو الماضي، وتم نقلها للحجر الصحي بالإسماعيلية، مستشفى أبوخليفة للعزل، فجر يوم 24 مايو، وجرى سحب 3 مسحات لها، الأولى عقب وصولها بـ72 ساعة، والثانية بعد حقنها بجرعات بلازما والثالثة منتصف يونيو عقب تدهور حالتها الصحية، وكانت نتائج المسحات الثلاث إيجابية.

وأجرت بعد دخولها المستشفى مداخلة هاتفية مع “راديو مصر”، لطمأنة جمهورها على حالتها الصحية وجهت فيها نصيحة لهم قائلة:

“حبوا نفسكم وحبوا ولادكم وحبوا مصر وخافوا على نفسكم عشان متوصلوش للي أنا فيه ده”، وأشارت إلى أنها أُصيبت بالفيروس في آخر يوم تصوير بمسلسل “لعبة النسيان” الذي عرض في رمضان الماضي، وأوضحت أنها كانت مضطرة للاستمرار في التصوير رغم أزمة كورونا بسبب التزامها بالعقد الذي أبرمته مع الشركة المنتجة.

وآخر أعمال رجاء الجداوي هو مسلسل “لعبة النسيان” من بطولة دينا الشربيني وإنجي المقدم وأحمد داوود، مأخوذ عن فورمات إيطالي، وإخراج هاني خليفة، وعرض خلال موسم رمضان الماضي.

ولها عمل سينمائي لم يعرض بعد هو فيلم “توأم روحي” مع الفنان حسن الرداد وأمينة خليل، الذي كان مقررا عرضه في موسم عيد الحب الماضي، ثم تأجل عرضه، وبعد تفشي وباء كورونا، تم تأجيل العرض إلى أجل غير مسمى.

“توأم روحي” فيلم رومانسي رومانسي، من بطولة حسن الرداد، وأمينة خليل، وعائشة بن أحمد، تأليف أماني التونسي وإخراج عثمان أبولبن.

لم تخطط رجاء الجداوي لدخول عالم الموضة والفن، وبعد تربية راقية وصارمة في بيت خالتها تحية كاريوكا، كانت تحلم بإكمال دراستها في جامعة السوربون بفرنسا.

وعن سنوات حياتها مع خالتها قالت: أبي طلق والدتي بسبب عمل خالتي تحية بالفن، كنا 5 أطفال، وبسبب شعورها بالذنب قامت كاريوكا باصطحابي وأخي للحياة معها في القاهرة، “ظللت 11 عاما في بيتها، أحضرت لي خلالها مربية إيطالية اسمها بينا، ولشقيقي فاروث مربية أخرى تدعى كريستينا، عشنا حياة راقية، وأنا فخورة بكوني تربيت في منزل تحية كاريوكا، وكل صفة جيدة في شخصيتي زرعتها بداخلي خالتي تحية”.

درست رجاء في مدرسة الفرانسيسكان الداخلية، وعانت كثيرا بسبب سفر خالتها المستمر وغيابها عن زيارتها، وكانت المربية تينا هي التي تزورها شهريا في المدرسة، وتعلمت رجاء بالمدرسة اللغة الإنجليزية والإيطالية والفرنسية، وعملت بعدها كمترجمة جريدة “بروجريه إيجيبسيان” حيث قامت بترجمة الإعلانات من العربية إلى الفرنسية.

وفي سن الرابعة عشرة عادت إلى والدتها، وخلال تواجدها بصحبة والدتها بإحدى المحال التجارية، شاهدها عبدالعزيز جاد الذي أخبرها أنه يبحث عن فتاة بنفس ملامحها لتجسد دور شقيقة أحمد رمزي، في فيلم “غريبة” عام 1958، الذي شاركت في بطولته الفنانة نجاة، وبالفعل شاركت في العمل.

وخلال حضوره إحدى الحفلات مع والدتها وشقيقتها في حديقة الأندلس وكانت في الخامسة عشرة من عمرها، عرفت أن الحفل لاختيار فتاة للفوز بلقب سمراء القاهرة، ولما لم يجدوا فتاة مناسبة بين المتقدمات، بدأوا البحث بين الحاضرين، ثم اختاروها، وكانت هذه خطوة لاختيارها “ملكة جمال القطن المصري”، وهي مسابقة تجري تصفياتها في باريس، كانت تظن الأمر فرصة لاستكمال دراستها هناك، وشاركت بالمسابقة بالفعل وفازت بلقب ملكة جمال القطن، وخلال الحفل كان المخرج هنري بركات حاضرا، واختارها لأداء دور ابنة المأمور خديجة في فيلم “دعاء الكروان”، وفي نفس الليلة اختارها بيير كلوفس مصمم الأزياء اليوناني الشهير، للعمل كعارضة أزياء، لتفتح أمامها أبواب الشهرة.

رفضت تحية كاريوكا عمل ابنة شقيقتها بالفن تماما، ووصل الأمر بينهما لقطيعة استمرت 6 سنوات، وانتهت بعد إجراء تحية عملية جراحية، وعندما زارتها رجاء دخل الثنائي في حالة بكاء، وعادت العلاقة بينهما مجددا دون عتاب.

نجحت في العمل بمجال الأزياء، وسافرت كمرافقة لرئيس الجمهورية وقتها جمال عبدالناصر للتسويق للقطن المصري في الخارج، وعملت لدى مصمم الأزياء الفرنسي بيير كاردان لمدة 7 أشهر، أما فيما يتعلق بالسينما، فكان معظم المخرجين يرشحونها لدور فتاة من الطبقة الراقية بحكم ثقافتها الفرنسية، لكن عملها بالسينما ظل متقطعا بسبب سفرها الدائم مع عروض الأزياء، لهذا لم تستطع الفوز بأدوار البطولة واكتفت بدور البطلة الثانية، وقالت -في حوار لها مع صحيفة الشرق الأوسط- “شعرت بأنني إمبراطورة في عروض الأزياء، وأميرة في السينما”.

اضطروا للاستعانة بشخص يصحح مخرج الألفاظ ويدربها على الإلقاء والنطق بشكل سليم، لتتمكن من إجادة دورها في “دعاء الكروان”، وساعدتها النجمة فاتن حمامة على إتقان الدور عبر تدريبها على كيفية الشعور بالحوار وليس مجرد إلقائه ككلمات صماء، وكان هذا أول درس لها في الأداء.

وبرزت في الأدوار الكوميدية أمام النجم عادل إمام، وخلال إحدى السهرات الفنية رشحها للعمل معه بمسرحية “الواد سيد الشغال”، في ذلك الوقت كانت قد اضطرت لترك الأزياء بعد إصابتها بورم في الغدة الدرقية وزيادة وزنها، وقدمت المسرحية لمدة 8 سنوات بنجاح كبير.

وبجانب المسرح والسينما والتلفزيون، عملت بتقديم البرامج، عبر مشاركة عمرو أديب ونرفانا إدريس في تقديم برنامج التوك شو “القاهرة اليوم”، على قناة أوربيت، واستمرت في تشكيل ثنائي مع أديب حتى مع تنقله بين عدة قنوات فضائية، وكانت تقدم برنامج “وأنتوا بصحة وسعادة” الأسبوعي على راديو “90/ 90” مع سالي سعيد، وكان يناقش قضايا الصحة والتعليم.

وتزوجت رجاء الجداوي من حسن مختار حارس مرمى النادي الإسماعيلي ومنتخب مصر الأسبق في 22 نوفمبر 1970. وأنجبت منه ابنتها “أميرة”.

ظلت رجاء الجداوي حتى أخر لحظاتها تعمل بجدية ودأب وتحرص على تنويع أدوارها، وفي آخر أعمالها ظهرت كمديرة منزل محجبة، لكنه كان دورا حيويا ومؤثرا في الأحداث، وكانت تقول دوما: إن التوقف عن العمل والبقاء في المنزل يشعرها بالتقدم في السن، بينما لا يزال لديها طاقة.

https://www.youtube.com/watch?v=BgabODv_4FA

ربما يعجبك أيضا