“آلية تسريع اتفاق الرياض”.. هل تخرج الأزمة اليمنية الجنوبية من عثرتها؟

حسام السبكي

حسام السبكي

من الرياض خرج الحل، واليوم أيضًا تخرج آلية جديدة، وصفت بـ”آلية تسريع اتفاق الرياض”، تهدف في المقام الأول، لإخراج “اليمن السعيد”، من أزمته، التي بدأت مع انقلاب الحوثيين، قبل نحو 6 سنوات، تبعتها انشغال الدولة، وبدعم من التحالف، في مواجهات ضارية، استُغلت من قبل بعض المغرضين والمدفوعين لأغراض سياسية، في إحداث شرخ في الصف اليمني، استلزم تدخلًا عربيًا رفيعًا، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وتركيزًا للجهود الرامية لإعادة إعمار البلاد، وتحرير المناطق من براثن العدوان الحوثي الإيراني، أسفرت عن توقيع “اتفاق الرياض”، بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في نوفمبر الماضي.

اتفاق الرياض

قبل الخوض في تفاصيل، الآلية الجديدة لتسريع اتفاق الرياض، ينبغي أن نشير، بنبذة قصيرة، حول الاتفاق الأول، والذي يمثل نوعًا من المصالحة، جرى بوساطة سعودية ومشاركة تحالف دعم الشرعية في اليمن، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، وجرى التوقيع عليه في العاصمة السعودية الرياض، في 5 نوفمبر 2019، برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز، وحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي.

مثّل الحكومة اليمنية في توقيع الاتفاق سالم الخنبشي، فيما مثّل المجلس الانتقالي الدكتور ناصر الخبجي.

واستند الاتفاق على عدد من المبادئ أبرزها الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة، ونبذ التمييز المذهبي والمناطقي، ووقف الحملات الإعلامية المسيئة.

شملت البنود أيضًا، عدد من النقاط، التي مثلت الوجه الأبرز للنزاع العسكري بين الجانبين، في أغسطس الماضي، وهي: تفعيل دور كافة سلطات ومؤسسات الدولة اليمنية، وإعادة تنظيم القوات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وإعادة تنظيم القوات الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية.

كما شدد اتفاق الرياض على الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لكافة أبناء الشعب اليمني ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي ونبذ الفرقة والانقسام، وإيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بكافة أنواعها بين الأطراف، وتوحيد الجهود تحت قيادة تحالف دعم الشرعية لاستعادة الأمن والاستقرار في اليمن، ومواجهة التنظيمات الإرهابية، كما نص على تشكيل لجنة تحت إشراف تحالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية تختص بمتابعة وتنفيذ وتحقيق أحكام الاتفاق وملحقاته، كما تضمن الاتفاق مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في وفد الحكومة لمشاورات الحل السياسي النهائي لإنهاء انقلاب الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني

آلية التسريع

قدمت السعودية، في وقتٍ متأخر، من مساء الثلاثاء، آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، وفق ما نقلت “وكالة الأنباء السعودية (واس)”، عن مصدر مسؤول الأربعاء.

وأوضح المصدر أنه المملكة قدمت لطرفي النزاع، آلية لتسريع العمل بالاتفاق، عبر نقاط تنفيذية تتضمن استمرار وقف إطلاق النار والتصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي والذي بدأ سريانه منذ 22/ 6/ 2020م.

كما تتضمن الآلية إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي التخلي عن الإدارة الذاتية، وتطبيق اتفاق الرياض، وتعيين محافظ ومدير أمن لمحافظة عدن، وتكليف رئيس الوزراء اليمني ليتولى تشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوماً، وخروج القوات العسكرية من عدن إلى خارج المحافظة وفصل قوات الطرفين في (أبين) وإعادتها إلى مواقعها السابقة، وإصدار قرار تشكيل أعضاء الحكومة مناصفة بين الشمال والجنوب بمن فيهم الوزراء المرشحون من المجلس الانتقالي الجنوبي، فور إتمام ذلك، وأن يباشروا مهام عملهم في (عدن) والاستمرار في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض في كافة نقاطه ومساراته.

إلى ذلك، أضاف المصدر “أنه جرى العمل على جمع طرفي الاتفاق في الرياض، بمشاركة فاعلة من الإمارات، وقد استجاب الطرفان وأبديا موافقتهما على هذه الآلية وتوافقا على بدء العمل بها، لتجاوز العقبات القائمة وتسريع تنفيذ اتفاق الرياض، وتغليب مصالح الشعب اليمني وتهيئة الأجواء لممارسة الحكومة لجميع أعمالها من عدن وانطلاق عجلة التنمية في المناطق المحررة، والدفع بمسارات إنهاء الأزمة اليمنية وعلى رأسها مسار السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن”.

وقال إن “المملكة تُثمن التجاوب المثمر من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ووفدي الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أدى إلى التوصل إلى هذه النتائج الإيجابية، وتؤكد في ذات الوقت على أهمية الالتزام بما تم التوصل إليه.

كما أكد المصدر المسؤول استمرار دعم التحالف الذي تقوده المملكة للحكومة الشرعية اليمنية واستمرار جهود الأمم المتحدة الرامية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية وفق المرجعيات الثلاث وبما يتوافق عليه أبناء الشعب اليمني.

ترحيب يمني

أعلنت الحكومة اليمنية، ترحيبها بالبيان الصادر عن المملكة العربية السعودية، اليوم الأربعاء، بشأن الآلية المقترحة للتسريع بتنفيذ اتفاق الرياض .

وأكد المتحدث الرسمي باسم الحكومة، راجح بادي، حرص الحكومة على التنفيذ الكامل للاتفاق، مشيدا بالجهود التي بذلتها السعودية لتنفيذ الإتفاق الذي يهدف إلى تثبيت الأمن والاستقرار والحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن والدفع بعجلة التنمية.

تفاعل إيجابي من الانتقالي الجنوبي

انسجامًا مع رؤية القيادة السعودية، ورغبةً في إنجاح جهود المصالحة المخلصة، أصدر المتحدث الرسمي باسم الانتقالي الجنوبي، نزار هيثم، بيانا على صفحته في “تويتر”، أكد فيه موافقة المجلس على كل البنود التي تضمنتها الآلية التي قدمتها السعودية لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض.

وقال إن ذلك يأتي انطلاقا من حرص المجلس على إنجاح جهود قيادتي السعودية والإمارات الشقيقتين لتنفيذ اتفاق الرياض، وتحقيق الأمن والاستقرار، وتوحيد الجهود المشتركة لمواجهة ميليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية، وكذلك تنمية محافظات الجنوب.

وأكد أن المجلس قد حقق الأهداف التي قام إعلان الإدارة الذاتية عليها لتنفيذ اتفاق الرياض بتشكيل حكومة جديدة مناصفة بين الشمال والجنوب خلال ثلاثين يوماً، وتعيين محافظ ومدير أمن للعاصمة عدن، ونقل القوات العسكرية إلى الجبهات القتالية لتحل محلها قوات الأمن.

قرارات عاجلة

في استجابة سريعة، للرؤية السعودية، أعاد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الأربعاء، تكليف رئيس الحكومة الحالية معين عبدالملك، بتشكيل الحكومة الجديدة، تنفيذا لاتفاق الرياض.

كما أصدر الرئيس اليمني، قرارات بتعيين محافظ ومدير أمن للعاصمة المؤقتة عدن، ضمن الخطوات التنفيذية لاتفاق الرياض.

وقضى مرسوم رئاسي بتعيين أحمد حامد لملس محافظا لمحافظة عدن.

ونص مرسوم آخر على تعيين العميد محمد أحمد الحامدي مديرا عاما لشرطة محافظة عدن ويرقى إلى رتبة لواء.

إشادات واسعة

رحب مجلس الأمن الدولي، بالجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية لإعادة تنشيط اتفاق الرياض، مشدداً على أهمية تنفيذه بشكل سريع و فعال.

وأكد المجلس دعمه للعملية السياسية باليمن على النحو الوارد في قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك القرار 2216 (2015)، وكذلك مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذه ونتائج مؤتمر الحوار الوطني.

وأعرب أعضاء المجلس عن دعمهم الثابت للمبعوث الأممي الخاص لليمن، داعين الأطراف إلى الموافقة على مقترحات الوساطة بصورة عاجلة، مجددين التأكيد على القرار 2532، ومعربين عن تأييدهم لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى وقف الأعمال القتالية.

ودعا الأعضاء جميع المانحين إلى الإسراع في تقديم التبرعات، وصرف تعهداتهم، وإنقاذ الأرواح، معبرين عن قلقهم العميق إزاء نقص التمويل الذي يزيد من تفاقم خطر سوء التغذية الحاد.

من جانبه، أكد وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، عادل الجبير، اليوم الأربعاء، أن الآلية المقترحة لتسريع تنفيذ اتفاق الرياض نقلة نوعية إلى مرحلة تسهم في توحيد الصف وتفعيل مؤسسات الدولة لخدمة المواطن اليمني بجميع مكوناته وتلبية احتياجاته المعيشية.

كما أكد الجبير في تغريدة على “تويتر”، أن هذه الآلية تدعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة في اليمن.

وفي السياق ذاته، قال نائب وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، اليوم الأربعاء، إن الجهود التي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أثمرت عن قبول الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي للآلية المقترحة من المملكة لتسريع وتفعيل تنفيذ اتفاق الرياض بهدف تحقيق الأمن والاستقرار وصناعة السلام والتنمية في اليمن.

وأضاف نائب وزير الدفاع السعودي في تغريدات على حسابه في “تويتر”، أن أمن واستقرار اليمن وعودته القوية كعضو فاعل في محيطه الخليجي والعربي يمثل هدفا رئيسيا لتحالف دعم الشرعية اليمنية، لافتا إلى أن اتفاق الرياض يمثل عاملا رئيسيا في الوصول إلى ذلك، إضافة إلى دعم جهود المبعوث الأممي لليمن للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن.

وأكد الأمير خالد بن سلمان أن مشاركة القيادات السياسية اليمنية مع المملكة لتقريب وجهات النظر والوصول إلى التوافق على الآلية المقترحة لتنفيذ اتفاق الرياض نموذج يحتذى به لإمكانية حل الخلافات اليمنية بالحوار دون الحاجة لاستخدام القوة العسكرية.

ربما يعجبك أيضا