تيك توك.. حلقة جديدة من التوتر بين واشنطن وبكين

سهام عيد

كتبت – سهام عيد

بعد أن حقق تطبيق التواصل الاجتماعي “تيك توك” انتشارًا واسعًا حول العالم مؤخرًا حتى وصل عدد مستخدميه في الولايات المتحدة فقط إلى 80 مليون مستخدم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يفكر في حظره داخل البلاد.

تصريحات الرئيس الأمريكي أثارت الكثير من الجدل حتى أصدرت إدارة التطبيق بيانًا للرد عليه، لتصبح أحدث فصول التوتر بين واشنطن وبكين، فما هي مبررات ترامب ولماذا يخشى رئيس أكبر دولة في العالم من تطبيق للتواصل الاجتماعي؟

تيك توك أو دوين هي شبكة اجتماعية صينية لمقاطع الفيديو الموسيقية، انطلقت في سبتمبر 2016 بواسطة مؤسسها تشانغ يي مينغ، وتعتبر شبكة تيك توك اليوم منصة رائدة في مقاطع الفيديو القصيرة في آسيا، إذ شهد تطبيقها للهواتف المحمولة أسرع نمو في العالم وأيضًا صارت المنصة الاجتماعية الأكبر للموسيقى والفيديو على الصعيد العالمي.

وصل مستخدمو التطبيق إلى 150 مليون مستخدم نشط يوميا “500 مليون مستخدم نشط شهريا” في يونيو عام 2018،  وكان التطبيق الأكثر تثبيتاً في الربع الأول من عام 2018  بـ 45.8 مليون تثبيت.

مع انتشار فيروس كورونا وتنفيذ أغلب الدول قرارات الإغلاق لمواجهة خطر العدوى، حقق التطبيق انتشارًا واسعًا إذ هرب إليه الملايين من الشباب والمراهقين لمواجهة ملل “المكوث في المنزل”، فبحسب شركة “سنسور تاور”، تم تنزيل تطبيق تيك توك ملياري مرة، من بينها 623 مليونا خلال النصف الأول من هذا العام، وتعد الهند أكبر سوق للتطبيق، تليها البرازيل ثم الولايات المتحدة.

مبررات ترامب

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن عزمه التوقيع، اليوم السبت، على أمر تنفيذي بحظر تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة، حيث تشتبه السلطات في إمكان حصول عمليّات تجسّس عبره لحساب الاستخبارات الصينيّة.

وأوضح الرئيس الأمريكي أن بالإمكان اللجوء إلى “سلطات اقتصادية طارئة أو أمر تنفيذي لحظر استخدام التطبيق في البلاد”.

وجاء هذا الإعلان بعد أن صرح ترامب، أمس الجمعة، أن “خيارات أخرى ما زالت قائمة” وأن إدارته “ربما تحظر تيك توك” وأنهم يدرسون “الكثير من البدائل”.

ولم يتضح حتى الآن كيف سيتم فرض الحظر بالولايات المتحدة، التي يصل عدد مستخدمي تطبيق تيك توك فيها  إلى 80 مليون مشترك، وما هي التحديات القانونية التي ستواجه ذلك.

قلق أمريكي

في الأسابيع الأخيرة عبر مسؤولون وبرلمانيون أمريكيون عن قلقهم من استخدام بكين للمنصة “لغايات سيئة”، إلا أن الشركة المالكة للتطبيق نفت وجود أي علاقة تربطها بالحكومة الصينية.

وفي مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية في 6 يوليو الماضي، قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن المستخدمين الذين يقومون بتنزيل التطبيق يضعون “معلومات خاصة في أيدي الحزب الشيوعي الصيني”.

وفي 12 يوليو الماضي، قال بيتر نافارو المستشار التجاري للبيت الأبيض لشبكة “فوكس بيزنس”، إن تطبيقي “تيك توك” و”وي تشات” هما “أكبر أشكال الرقابة على البر الرئيسي الصيني”.

ووضعت إدارة ترامب تطبيق تيك توك، المملوك لشركة “بايتدانس” الصينية ومقرها بكين، رهن مراجعة رسمية لدى لجنة الاستثمارات الخارجية في الولايات المتحدة، ما دفع الحكومة الصينية لاتهام واشنطن بـ”التمييز”.

وتعهدت الشركة المالكة لتطبيق تيك توك، الأسبوع الماضي، بالالتزام بـ “مستوى عال من الشفافية، بما في ذلك السماح بالاطلاع على خوارزمياتها لطمأنة المستخدمين والمنظمين”.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، كيفن ماير: “لسنا سياسيين ولا نقبل الإعلانات السياسية وليس لدينا أجندة”، مؤكدا على أن الهدف من المنصة الإلكترونية هو “الإبقاء عليها حيوية ليستمتع بها الجميع”، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية “د ب أ”.

تجارة كبيرة

إلا أن الرئيس الأمريكي أشار إلى سبب مختلف للسعي إلى حظر التطبيق، وهو معاقبة الصين على استجابتها مع أزمة فيروس كورونا، الذي ظهر لأول مرة في مدينة ووهان الصينية.

فضلا عن ذلك، فإن هناك بعدا تجاريا وراء الخطوة الأمريكية المحتملة، فقد قال ترامب في تصريحات صحفية في معرض تعليقه على احتمال حظر التطبيق: “إنها تجارة كبيرة”.

وجاء إعلان ترامب بحظر التطبيق بعد مفاوضات محمومة جرت يوم الجمعة بين البيت الأبيض والشركة المالكة لتطبيق تيك توك والمشترين المحتملين للتطبيق، ومن بينهم شركة مايكروسوفت.

وقالت مصادر مطلعة على الأمر إن المفاوضات لم تسفر عن اتفاق يؤدي إلى تخلي الشركة الصينية عن عمليات التطبيق بالولايات المتحدة.

ومن المتوقع استئناف المحادثات خلال الأيام المقبلة.

مخاوف من نتائج عكسية

جاءت التصريحات الأمريكية بعد أن قال مستخدمو “تيك توك” إنهم ساعدوا في إفساد الحشد لمؤتمر انتخابي للرئيس الأميركي في يونيو الماضي في تولسا بولاية أوكلاهوما، من خلال حجز آلاف التذاكر عبر الإنترنت من دون نية الحضور.

لكن على جانب آخر، يتمتع مؤيدو ترامب بحضور واسع على منصة “تيك توك”، لذا فإن حظر التطبيق يمكن أن يأتي بنتائج عكسية على الرئيس الأميركي، خصوصا من قرب التصويت للفترة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

ربما يعجبك أيضا