قطر و”حماس”.. لعبة “التصعيد والهدوء” و”إدمان” الأموال القطرية

يوسف بنده

رؤية – بنده يوسف

ما زال السؤال الكبير هو: ما الفائدة التي تحصل عليها قطاع غزة منذ استيلاء حركة حماس على السلطة هناك؟ وماذا استفادت القضية الفلسطينية من هذه الخطوة؟ سؤال إجابته هو الواقع المرير الذي يعيشه القطاع، وتحول عجز حماس إلى لعبة في يد السياسة القطرية التي تتلاعب بالحركة من أجل الاحتفاظ بالظهور في مشهد الوسيط ورجل الحل للتهديدات الأمنية التي تواجه الدولة العبرية. ويبدو أن حماس أصابها “الإدمان”؛ حيث تعربد وتثور حينما تغيب عنها الأموال القطرية.

فقد كشف الدبلوماسي القطري محمد العمادي أن الدوحة عملت على التوسط بين إسرائيل وحماس وجهات أخرى وذلك لتخفيف التوتر المتصاعد في قطاع غزة.

وحسب وكالة الأنباء القطرية قال العمادي، الأربعاء الماضي، “اتصالات قطرية مكثفة بُذلت خلال الساعات الماضية، ولا زالت متواصلة على أعلى المستويات ومع كافة الأطراف لاحتواء التصعيد”.

والعمادي أعلن مرارا أنه زار إسرائيل أكثر من 20 مرة منذ 6 سنوات، وذلك في إطار مساع قطرية للمسك بالملف الفلسطيني، خاصة وأن حليفها حركة حماس تسيطر على قطاع غزة منذ أكثر من عقد.

ويرأس محمد العمادي اللجنة القطرية لإعمار قطاع غزة، وله علاقات مع قيادات في الفصائل المسلحة الفلسطينية، وخاصة مع حماس حيث أشار في تصريحات عديدة أن جهوده في تقديم المساعدات للفلسطينيين تأتي لتجنيب الإسرائيليين تبعات الحرب في غزة.

وفي الفترة الأخيرة تصاعد التوتر في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية حيث شنت إسرائيل غارات على مواقع فلسطينية في قطاع غزة في إطار ما تحوّل إلى رد يومي على إطلاق بالونات حارقة وصواريخ على مناطق في جنوب إسرائيل.

وتأتي الوساطة القطرية تزامنا مع الجهود المصرية لتخفيف التوتر حيث استقبلت حماس وفدا أمنيا مصريا الإثنين وصل إلى قطاع غزة لإجراء مناقشات مع قادة الحركة الإسلامية لاحتواء التوتر وتثبيت التهدئة حيث اعتبر تصعيد الجهود القطرية محاولة لإحباط خطوات مصر والمزايدة عليها.

وأوضح مصدر إعلامي أن حركة حماس “ستطلب من الإخوة في الوفد المصري الضغط على حكومة الاحتلال لوقف العدوان وإلغاء إجراءات الخنق وتخفيف الحصار المفروض”.

ومنذ حرب 2014 توصلت حماس والفصائل من جهة وإسرائيل من جهة أخرى لتهدئة، على حدود قطاع غزة، لكن بقيت هذه التهدئة هشة إذ تم اختراقها عدة مرات بتبادل لإطلاق النار بين الجانبين.

وحسب صحيفة الأيام الفلسطينية، فقد رجّحت مصادر موثوقة ومطلعة نجاح زيارة العمادي، المرتقبة للقطاع، في إحداث اختراق جدي في موقفَي حركة حماس والاحتلال، والتوصل إلى حل وسط بينهما ينهي حالة التوتر القائمة منذ أكثر من أسبوعين.

وأضاف تقرير الصحيفة الفلسطينية: أن تقديرات حركة حماس، والفصائل بشكل عام في غزة، ترجح نجاح العمادي في التوصل إلى حل وسط يرضي الطرفين، خصوصاً بعد تلقيه الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وإسرائيل للتحرك.

وتوقعت الصحيفة، أن تقبل حركة حماس بالعرض القطري الذي سيتضمن على الأرجح تمديد المنحة المالية القطرية، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع أخرى بدعم أممي، وضمان تراجع إسرائيل عن إجراءاتها الأخيرة التي أدت إلى تعميق أزمة الكهرباء وتقليص مساحة الصيد ومنع إدخال المواد الخام، وفتح المعابر التي أغلقتها بشكل شبه كامل، أمس.

إدمان الأموال القطرية

اعترف العمادي، في وقت سابق، أن أموال المساعدة التي تقدمها بلاده إلى الفلسطينيين تهدف إلى تجنيب تل أبيب الحرب في غزة، مؤكدا أن التعاون مع إسرائيل، يجنبها تلك الحرب.

والواضح، أن الدوحة باتت تستخدم ورقة أموال الدعم من أجل الضغط على حماس وتوجيهها بما يضمن لقطر استمرار التنسيق بين الدوحة وتل أبيب.

فقد أجرى رئيس الموساد يوسي كوهين اتصالات مع كبار المسؤولين في قطر، مطلع الشهري الجاري (أغسطس) للتأكد من أن قطر ستستمر في تحويل الأموال خلال الأشهر المقبلة لحركة حماس.

وتقدّم قطر نفسها على أنها واحدة من أكثر الدول الداعمة لقطاع غزة والممول التاريخي للمشاريع الإغاثية في القطاع المحتل، ليتبيّن أن الدوحة ومن خلال هذه المساعدات تضرب عصفورين بحجر واحد: مساعدة حركة حماس من جهة وتقديم خدمة لإسرائيل من جهة أخرى.

لكن، يرى خبراء إسرائيليون أن هذه السياسة، التي تبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، تدفع إسرائيل نحو تكرار أخطاء الماضي حين دعمت سرا جماعة الإخوان لضرب منظمة التحرير الفلسطينية، ما أدى إلى صعود حماس.

كان بنيامين نتنياهو من أول المعترفين بالفضل القطري، حين قال خلال حملة انتخابات الكنيست 2019 إن “الأموال القطرية المتدفقة على قطاع غزة ساهمت ببقاء غزة منفصلة عن يهودا والسامرة”.

وقالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية: إن قطر تلعبُ دورا بالغ الخطورة في قطاع غزة من خلال الدعم المالي لحركة حماس، مشيرة إلى أن الدوحة قد تكون سببا في تأجيج نزاع آخر بين الحركة وإسرائيل، مستقبلا.

وأورد المصدر أن قطر ظلت تقدم الأموال لحماس، لكن هذا الدعم الذي أدى دور المهدئات، لا يعالج الوضع، بل يجعله معرضا لاضطرابات كبرى.

وأوردت “هآرتس”، أن ما يبدو في الوقت الحالي هو أن قطر توقفت عن تقديم الدعم السخي لحركة حماس، فأقدمت على “شد الحزام” حين أضحت الحاجة ماسة إلى تلك الأموال.

وكشفت الصحيفة أن مدير المخابرات الإسرائيلية “الموساد” أجرى زيارة سرية لقطر، في فبراير الماضي، حتى يقنع القطريين بمواصلة دعم حركة حماس، لأن التوقف عن الإمداد بالنقد، قد يؤدي إلى تصعيد على الحدود مع إسرائيل.

وأوردت الصحيفة أن حماس تعاني ضغطا مزدوجا، أي من قبل إسرائيل وقطر في الآن نفسه، نظرا إلى تراجع الدعم المالي من الدوحة، وإصرار وزير الدفاع الإسرائيلي على ربط أي تخفيف للقيود على غزة بإطلاق سراح أسرى إسرائيليين.

ربما يعجبك أيضا