330 مليون دولار ثمن صفقة المصالحة الأمريكية السودانية

هالة عبدالرحمن

كتب – هالة عبدالرحمن

يشهد السودان حدث تاريخي بزيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للسودان في أول زيارة رسمية لوزير خارجية أمريكي للبلاد منذ 15 عاما، حيث التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك وبحث معهما العلاقات الثنائية والعلاقات مع إسرائيل ومسألة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. ووصل بومبيو إلى الخرطوم قادما من تل أبيب في رحلة مباشرة.

وأثار اقتراح أمريكي بشطب اسم السودان من قائمة الدول التي ترعى الإرهاب – مقابل تعويض 330 مليون دولار أمريكي لضحايا القاعدة الأمريكيين – غضبًا في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا المنكوبة بالفقر.
 

وقال رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إنه بحث موضوع إدراج بلاده من جانب الولايات المتحدة كدولة راعية للإرهاب مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو خلال زيارته إلى الخرطوم.

ويأمل السودان في أن يُزال اسمه من القائمة لكي يكون بالإمكان رفع العقوبات عنه، وكانت البلاد قد أُدرجت على القائمة منذ التسعينيات من القرن الماضي عندما عاش زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن هناك، ضيفاً لدى حكومة الرئيس السابق عمر البشير.

ومنذ ذلك الحين تمت الإطاحة بالبشير وتحسنت العلاقات مع الولايات المتحدة.

وكتب حمدوك في تغريدة له على تويتر يقول: “لقد أجرينا حواراً مباشراً وشفافاً حول إزالة اسم السودان من القائمة”.

ويرد اسم السودان في القائمة إلى جانب كل من كوريا الشمالية وإيران وسوريا.

ويتطلع قادة البلاد إلى إنهاء العزلة الاقتصادية لبلادهم والحصول على مدخل إلى النظام المالي العالمي المبني على الدولار من أجل جذب القروض والاستثمارات.

وأحد الشروط الرئيسية التي وضعتها الولايات المتحدة لكي تتم إزالة اسم السودان من القائمة هو تعويض أُسر البحارة الأمريكيين الـ 17 الذين قضوا عندما تعرضت سفينتهم “يو أس أس كول” للتفجير من قبل تنظيم القاعدة في أحد موانئ اليمن في العام 2000، فيما وافق السودان على ذلك في فبراير/ شباط الماضي.

وأُدرج السودان على القائمة منذ عام 1993، ولذا فهو يواجه مجموعة من الإجراءات الصارمة بما في ذلك رفض المساعدات المالية التي تشتد الحاجة إليها من المؤسسات الدولية متعددة الأطراف.

كان التفجير المزدوج للسفارتين في تنزانيا وكينيا في عام 1998 من عمل تنظيم القاعدة، الذي كان يديره حينها أسامة بن لادن من أفغانستان. وقتل أكثر من 224 شخصا وجرح 4000 في التفجيرات.

وجدت المحاكم في الولايات المتحدة أن السودان مذنب بتقديمه الدعم الأساسي للقاعدة عندما كان بن لادن مستقرا في البلاد بين عامي 1991 و1996.

لكن الوزراء وزعماء المعارضة والناس العاديين في البلاد أعربوا عن استيائهم من احتمال دفع ملايين الدولارات للولايات المتحدة. اشتكى البعض من أنه ليس من العدل أن تعاني الحكومة الإصلاحية الجديدة في السودان من أفعال دكتاتور أسقطه الشعب.

واتهم الناشط محمد بابكر (32 عاما) الولايات المتحدة بتكثيف مشاكل السودان، مضيفا في تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية “عارضنا النظام وأسقطناه، الآن علينا أن ندفع ثمن الخطأ الذي ارتكبه”.

وقال شمائل النور، أحد المشاركين في الاحتجاجات الجماهيرية التي أدت إلى عزل البشير “الإرهاب مرتبط بأيديولوجية النظام السابق .. من الظلم إبقاء السودان على تلك القائمة بينما يثور الناس على إرهاب ذلك النظام”.

وطعن آخرون في أساس المطالبة بالتعويض، قائلين إن السودان سعى إلى التعاون مع الولايات المتحدة بطرد بن لادن وأن الهجمات حدثت بعد عامين من مغادرة المتطرف السعودي المولد لبلاده.

وقال حسن عبد الرحمن، وزير الدفاع في السوداني وقت إقامة بن لادن بالبلاد، إن واشنطن رفضت عرضا لتسليم الزعيم المتطرف.

وأشار عبد الرحمن إلى أن السياسيين اقترحوا إرساله إلى الأمريكيين، لكن (الأمريكيين) رفضوا ذلك … قال السودانيون أيضًا إنهم مستعدون لاعتقال بن لادن أو تقييده بطريقة أخرى”.

ونفى المسؤولون الأمريكيون في مناصب رئيسية لمكافحة الإرهاب في ذلك الوقت أن يكون العرض السوداني جادًا. في النهاية تم طرد بن لادن من قبل الخرطوم ووجد ملاذًا آمنًا في شرق أفغانستان ، ثم تحت سيطرة أمراء الحرب.

وتأتي صفقة التعويض المقترحة في أعقاب دفع مبلغ أصغر لضحايا هجوم آخر للقاعدة، على سفينة حربية قبالة شاطئ عدن في اليمن عام 2000.

في ظل تعثر اقتصاد السودان بسبب عقود من سوء حكم البشير ، واستمرار الصراع الداخلي، والاضطرابات السياسية الأخيرة، ووباء كوفيد -19 ، قد لا يكون أمام السودان خيار سوى الموافقة على مطالب الولايات المتحدة.

ويواجه حوالي 10 ملايين شخص في السودان نقصًا في الغذاء، وفقًا للأمم المتحدة، وتجاوز التضخم 130 بالمائة في يونيو.

وقال وزير الاتصالات والإعلام فيصل محمد صالح إن السودان مجبر على دفع التعويض لأنه صدر بأمر من محكمة وكان “ملزمًا لحكومة الولايات المتحدة قبل أن يكون ملزمًا لنا”.

ومع ذلك، يعترض الكثير على هذا الأمر، والصفقة مثيرة للجدل حتى بين المستفيدين المحتملين.

اضغط هنا لمشاهدة الرابط الأصلي

ربما يعجبك أيضا