“هنية” زار لبنان بأمر إيراني .. لبنانيون: توقيت الزيارة ليس بريئًا

مراسلو رؤية

رؤية

التقى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، الأحد الأمين العام لحزب الله، الذي استقبله في مكان لم يكشف عنه، وذلك على هامش أول زيارة لهنية إلى لبنان منذ قرابة 30 عاما.

وذكرت قناة المنار التابعة لحزب الله أنه جرى خلال هذا اللقاء استعراض مفصل لمجمل التطورات السياسية والعسكرية في فلسطين ولبنان والمنطقة، وما تواجهه القضية الفلسطينية من أخطار خصوصا…. وتأتي هذه الزيارة في أعقاب التطبيع الإماراتي الإسرائيلي.

ووصل هنية الأربعاء إلى بيروت، وزار مسؤولين عديدين، كما شارك الخميس في اجتماع موسع للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لبحث خطط الضم والتطبيع بين دول عربية وإسرائيل.

وزار هنية الأحد مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا في جنوب لبنان، حيث استقبله حشد كبير بينهم من توافد من مخيمات أخرى في لبنان.

وقال هنية في المخيم، وفق بيان صادر عن حركة حماس، إن “التطبيع لا يمثل شعوب الأمة وضميرها، ولا تاريخها وميراثها”، مؤكداً رفضه للتوطين ولفكرة “الوطن البديل”.

هذا، وأدت زيارة إسماعيل هنية لحزب الله اللبناني إلى إثارة الكثير من الجدل بين السياسيين؛ حيث لعبت الأزمة السورية ومساندة حزب الله لنظام الأسد دورًا في الخلاف مع حماس التي أيدت سقوط النظام السوري لصالح جماعة الإخوان المسلمين في سوريا. وتمثل هذه الزيارة منعطفًا في العلاقات مع حزب الله اللبناني وإيران، حيث تأتي الزيارة بعد تهديدات إيرانية لدول الخليج ولدولة الإمارات خصوصا، بعد إعلان التطبيع الرسمي مع إسرائيل. وبعد اتصالات إيرانية بحماس لإعلان حالة الاستنفار لما تسميه طهران “محور المقاومة”، وذلك للضغط على القوى الإقليمية والولايات المتحدة الأمريكية، في وقت تعيش فيه إيران أيامًا عصيبة بسبب العقوبات والأزمات الاقتصادية.

أهمية زيارة هنية بالنسبة لمحور إيران في المنطقة، أن حزب الله اللبناني اعتاد على زيارات قادة الفصائل الشيعية العراقية للتباحث حول سوريا والضغط على المصالح الأمريكية في المنطقة. لكن هذه المرة جاءت الزيارة من جانب سني متمثلًا في رئيس المكتب السياسية لحركة حماس، إسماعيل هنية. ما يعني أن حماس لم يعد أمامها سبيلًا إلا الانصياع للأوامر الإيرانية.

زيارة غير بريئة

كتب الصحفي اللبناني، عوني الكعكي، في صحيفة الشرق، تعقيبًا على هذه الزيارة: لا أعلم ما الذي دفع إسماعيل هنيّة للقيام بزيارة لبنان في هذا “التوقيت” بالذات ووسط هذه الظروف التي يمر بها اللبنانيون وهم ينتقلون من أزمة إلى أزمة أكبر منها.

وهنا لا بدّ من التساؤل: هل قام هنيّة بزيارته هذه، ليخبرنا أنه حليف “الحزب العظيم”، وأنّ علاقته بإيران جِدّ مميّزة؟

إنّ زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في هذه الأوقات الصعبة، وما نُسِب إليه من كلام، أوحى بأنّ لبنان بات بعد الزيارة ساحة بديلة، أو أنّ أحداً حلّ محل اللبنانيين في تقرير مصيرهم.
 
إنّ الزيارة ليست في مصلحة لبنان، ولا تصب أيضاً في مصلحة الفلسطينيين الذين يقيمون بين إخوانهم… والدخول عنوة في لعبة المحاور، لا يجلب إلا الكوارث.

وعلى ما يبدو فإنّ هنيّة اليوم، لم يكفه أنه وبسبب مواقفه العنترية والبطولية رفض كل شيء، فعرقل مشروع الوحدة الفلسطينية ضمن سلطة واحدة… وجعل لإسرائيل حجّة للادعاء بأن الفلسطينيين لا يريدون السلام.

ولنذكّر إسماعيل هنيّة بـ”اتفاق مكة” بين “حماس” و”فتح”، والذي وقّع في 8 شباط/ فبراير من عام 2007، بعد مداولات تم الاتفاق بعدها على إيقاف الاقتتال الداخلي وتشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن الاتفاق انهار مع أحداث منتصف حزيران في قطاع غزة من العام نفسه، أحداث انتهت إلى أن تؤول السلطة في القطاع إلى حركة حماس. ونسأله بكل موضوعية: هل كان هو ومن معه مخلصين لـ”اتفاق مكة”؟ ولماذا غيّروا نظرتهم، وهل كان هذا التغيير نتيجة قناعة شخصية أم أنه نتيجة إملاءات خارجية..؟ ومَن هي هذه الجهات الخارجية؟

لقد كان الانقلاب المدبّر على منظمة التحرير الفلسطينية الإسفين الذي دُقّ في نعش الدولة الفلسطينية التي شكّلت في يوم من الأيام أملاً للفلسطينيين.
 
محور تركي-إيراني

كتب الصحفي اللبناني، طوني عيسى في صحيفة “الجمهورية” تحت عنوان “خَلّوا عيونَكم على الأمن!”: ربما يكون التوتير الأمني الذي ظهر في لبنان خلال الأيام الأخيرة، هو محاولة من البعض لقطع الطريق على بعض الخيارات السياسية، كالحياد، أو لتذكير الذين يعنيهم الأمر بأنّ لبنان يجب أن يبقى ساحة صراعٍ وصندوق بريد لتبادل الرسائل الإقليمية والدولية الساخنة.
 
وهنا تبرز زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية للبنان، ولقاؤه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وما رافق الزيارة مِن عراضات عسكرية في عين الحلوة، وإطلاق مواقف تتحدّى إسرائيل، بأنّ لبنان ما زال بالنسبة إلى “حماس” جبهة مفتوحة، وأنّ فيه صواريخ يمكن أن تصل إلى “أبعد من تل أبيب”.
 
الخبراء اعتبروا أنّ رسالة هنيّة موجّهة خصوصاً إلى الفرنسيين والأميركيين. فالرجل ينسّق خطواته بقوة مع محور تركيا وقطر، لكنه يحظى بدعم إيران أيضاً. وهناك تقاطع إيراني – تركي على دعم “حماس” في غزّة، كما هناك تقاطع حول ليبيا والعراق واليمن. وكذلك، حول لبنان.
 
يخوض الفرنسيون صراعاً مريراً مع تركيا في شرق المتوسط، يكاد يصل إلى المواجهة العسكرية. ولذلك، بديهي أن يكون الجانب التركي مستفيداً من تعطيل المبادرة الفرنسية في لبنان، أو على الأقل التشويش عليها. وثمة مَن يتحدث عن خطة تركية طويلة الأمد لفرض الحضور في لبنان، ولاسيما البيئة السنّية والنازحين والمخيمات.
 
وفيما يبدو تحييد لبنان عن المحاور والمواجهات الإقليمية أبرز مرتكزات المبادرة الفرنسية، فإنّ زيارة هنيّة تكرِّس انخراط لبنان في هذه المحاور، بدعم تركي – إيراني مشترك، ومن خلال حلفاء الطرفين. فالإيرانيون أيضاً متضرِّرون من طرح الحياد، ومن مصلحة “حزب الله” أن تتولّى ““حماس” مَهمَّة التعطيل فلا “يُسَوِّدُ وجهَه” مع الفرنسيين.
 
وتذكِّر زيارة هنية استعادةً لزيارة قيس الخزعلي، الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق”، التابعة لـ”الحشد الشعبي العراقي”، بالبزّة العسكرية إلى جنوب لبنان، مطلع كانون الأول 2017، حيث واكبه “حزب الله” في جولة استطلاع عسكرية، ومن دون استئذان أحد في الدولة اللبنانية.
 
يومذاك، كان الرئيس سعد الحريري خارجاً للتوّ من أزمة الاستقالة المعروفة في الرياض، وقد أطلق وعداً للسعوديين ولصديقه الرئيس ماكرون، الذي اضطلع بدور حيوي في حلّ الأزمة، بأنّه سيبدّل نهج حكومته ويتبنّى استقلالية القرار والنأي بالنفس عن صراعات المحاور.
 
المشكلة هي أنّ لبنان يبدو عاجزاً عن اتخاذ قرار بالاعتراض على إلحاقه بالصراعات القاتلة. ولذلك، تقوم “حماس” بحراكها من دون تحفّظ. وأساساً، هي لا تمتلك القدرة على التحرّك ميدانياً في أي دولة عربية، إلّا لبنان. فلا الأردن يسمح، ولا مصر طبعاً، ولا حتى سوريا، حيث الرئيس فلاديمير بوتين يضبط اللعبة، وتُنفِّذ إسرائيل ضرباتها المتتالية لأي هدفٍ إيراني.

لبنان ليست مسرحًا لإيران

وقد وجه الوزير اللبناني السابق اللواء أشرف ريفي، الاثنين الماضي، رسالة نارية لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، مؤكدًا أن أفعاله لا تخدم القضية الفلسطينية.

وقال -في سلسلة تغريدات عبر “تويتر”- “رسالتي إلى إسماعيل هنيّة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس: أخاطبك من مدينتي الحبيبة طرابلس لبنان، وأخاطبك باسمي وباسم الشهيدين وسام الحسن ووسام عيد. مواقفك التي استظلت بحزب الله الإيراني، لا تخدم قضية فلسطين ولا توحيد الموقف الفلسطيني الذي ندعم صموده في الأرض المحتلة”.

وأضاف: “إيران حولت القضية الفلسطينية لورقة مساومة ومزايدة وعمقت الخلاف الفلسطيني ودعمت نموذج غزة، وما فعلَته بفلسطين كان نسخة عن مشروعها لتفتيت لبنان واليمن والعراق وسوريا. إن تمكين إيران من الورقة الفلسطينية، هو خطأ جسيم، والخطأ الأفظع، تسليمها ورقة المخيمات الفلسطينية في لبنان”.

وأوضح: “لبنان وطنٌ مستقل وليس مسرحاً لإيران، والفلسطينيون الذين تيقّنوا من درس الحرب، استخلصوا عبر قيادتهم الوطنية، خطورة تجيير قضيتهم، للمتاجرين في محور الممانعة الذين أمعنوا قتلاً بالفلسطينيين في مخيمات الشتات ومنها مخيم اليرموك”.

وتابع: “لبنان يدعم قضيتكم العادلة بمنطق الأخوّة، لكن لن يقبل أحد أن توظفها إيران لتخريب وطننا، وأنتم أهل أعزاء حتى عودتكم للأرض المحتلة. السلاح الذي تستثمره الممانعة للمتاجرة بكم ولتخريب لبنان مرفوض. لا سلاح بلبنان إلا سلاح الشرعية، ولا ضمان للحدود إلا الدولة وقرارات الشرعية الدولية”.

ربما يعجبك أيضا