دلالات متصاعدة.. هل اخترق اليمين المتطرف الشرطة الألمانية؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي 

تهديدات بالقتل ومستودعات أسلحة وكتابات على الجدران بالصليب المعقوف، هل توجد شبكات يمينية متطرفة بين عناصر الشرطة الألمانية؟ تصاعدت الشكوك حول تزايد خطر اليمين المتطرف داخل ألمانيا ولا سيما المؤسسات الأمنية بداخلها عقب وقوع عدة أحداث أدت للبحث عن مدى تضرر مؤسسات باليمين المتطرف في بلد تضم أكبر عدد من اللاجئين بعد موجات الهجرة واللجوء التي نجمت عن ثورات الربيع العربي.

شنت السلطات في ولاية شمال الراين-ويستفاليا الألمانية حملة مداهمات ضد عدد من رجال الشرطة للاشتباه في اشتراكهم في مجموعات دردشة يمينية متطرفة، ووصف وزير الداخلية في الولاية ما تم الكشف عنه بأنه “عار على الشرطة”.

دردشة متطرفة

أعلنت السلطات الألمانية الكشف عن مجموعة من رجال الشرطة في ولاية شمال الراين-ويستفاليا مشتبه في اشتراكهم في خمس مجموعات دردشة يمينية متطرفة على الأقل.

وقال وزير الداخلية المحلي، هيربرت رويل، الأربعاء (16 سبتمبر) إن هناك 29 شرطية وشرطياً مشتركون في هذه المجموعات، مشيراً إلى أنه تم إيقافهم جميعاً عن العمل اليوم، بالإضافة إلى بدء إجراءات تأديبية ضد 15 منهم، فضلاً عن تسريح 14 شرطياً من الخدمة.

ووفقاً لرويل، فإن 25 شرطياً منهم ينتمون إلى رئاسة شرطة مدينة إيسن. وقال الوزير إن السلطات شنت منذ صباح اليوم مداهمات على 34 موقعاً، منها مراكز للشرطة وشقق خاصة، في مدن دويسبورغ وإيسن ومورس ومولهايم وأوبرهاوزن. ووصف الوزير ما تم الكشف عنه بأنه “عار على الشرطة”.

وذكر رويل أنه تم تداول 126 صورة عبر مجموعات الدردشة الخمسة، من بينها صور لأدولف هتلر، إلى جانب صورة تخيلية للاجئ داخل غرفة غاز. ويرجح الوزير أن هذه المجموعات تم تأسيسها منذ عام 2013 حتى مايو 2015 على أقصى تقدير.

تهديد بالقتل عبر رابط لحاسوب الشرطة

تلقت الفكاهية الألمانية إديل بيدار تهديدا بالموت موقَعًا من الجاني الذي يحمل رتبة تلك الخدمة النازية. وبيدار فكاهية ناجحة تتناول العنصرية اليومية ضد المهاجرين وتحمل ملايين الألمان على الضحك والتفكير، وهذه القضية ليست فقط مقلقة، بل مثيرة من الناحية السياسية، لأن آثار الجاني تقود مباشرة إلى الشرطة الألمانية. فرسالة التهديد ضد إديل بيدار تحتوي على معلومات شخصية مأخوذة من حاسوب تابع للشرطة في ولاية هسن وسط غربي ألمانيا.

وعلمت بيدار عن التجسس عليها من الصحيفة:” ما أجده فعلا غريبا هو أنه لم يتصل بي أحد من الشرطة. ولا أحد قال بأننا نتحكم في القضية ولا تقلقين نحن نحميك. أشعر بأنه تم التخلي عني، ويبدو أن وضع التهديد سيان بالنسبة إلى الشرطة”، كما تقول بيدار في مقابلة مع صحيفة “تاغستسايتونغ”.

وبيدار ليست هي الحالة الأولى: فالعديد من السياسيات من حزب اليسار سبق وأن تلقين منذ 2018 رسائل تهديد الكترونية مشابهة. وحتى هؤلاء الأشخاص تعرضوا للتجسس عبر حاسوب للشرطة في ولاية هسن. وفي الأثناء تجري النيابة العامة تحقيقات، إذ استقال رئيس الشرطة في هسن، أودو مونش الثلاثاء، ويتعرض وزير الداخلية في الولاية، بيتر بويت للضغط، وهو يعتبر أنه من الممكن وجود شبكة يمينية داخل الشرطة. “أتوقع من شرطة هسن أن لا تدخر جهدا لتبديد هذه الشبهة”، كما قال بويت في مؤتمر صحفي ويعتزم تعيين محقق خاص.

في ألمانيا نقص دراسات

وما ينقص في ألمانيا هي أرقام موثوقة حول بنية وحجم المواقف العنصرية داخل الشرطة. ولتوه رفض وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر دراسة يتم من خلالها رصد السلوك العنصري لدى الشرطة الألمانية بالرغم من أن المجلس الأوروبي أوصى بها للألمان. وهذا خطأ، كما يعتبر طاهر ديلا في حديث مع دويتشه فيله. “عنف الشرطة العنصري قد يؤدي إلى حالات وفاة. وهذا ينطبق على الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك على ألمانيا ـ رغم كل الاختلافات بين البلدين. فعدم إلقاء الضوء على المشاكل الهيكلية لا يقود إلى التحسن”. أما خبير شؤون الشرطة رفاييل بير فيشكو وفي مقال لمجلة “ديرشبيغل” فقد اشتكى من تعامل خاطئ لسلطات الأمن الألمانية مع هذا الموضوع الشائك وتحدث عن موقف رافض خطير من جانب الشرطة.

وهذه الاعترافات تتطابق مع استنتاجات جهاز المخابرات الداخلية الذي عرض في 9 يوليو تقريره لعام 2019. وتحدث وزير الداخلية الألماني عن تنامي قوي لمعاداة السامية واليمين المتطرف والعنصرية ووصف اليمين المتطرف بأنه أكبر تهديد للأمن في ألمانيا.

ربما يعجبك أيضا