على الجانب الآخر استمر الآلاف من المواطنين في التظاهر بشكل يومي ضد نتنياهو وحكومته، متهمين بيبي بالفساد المالي والسياسي، إضافة إلى فشله وحكومته بشكل ذريع في مواجهة وباء الكورونا، ويرى هؤلاء المتظاهرون، ومعهم كثير من المحللين والمشتغلين في مجال الإعلام أن بيبي دفع حكومته لإقرار الإغلاق الشامل حتى يتخلص من ضغط المتظاهرين الذين يعانون اقتصاديا، فيما يكدس ملابس أسرته في حقائب ويحملها لتُغسل بالمجان في البيت الأبيض.
في الوقت نفسه ازداد غضب المتدينين كذلك، لأن قرار الإغلاق شمل دور العبادة مع تقييد الصلاة في الأماكن المفتوحة بتقليل أعداد المصلين، وبسبب الغضب الشديد من طوائف المتدينين تم السماح بفتح الكُنس للصلاة في يوم الغفران، بعد الضغط الكبير الذي مارسته الأحزاب الحريدية، حتى إن وزير الداخلية رئيس حزب شاس أرييه درعي قد هدد بالاستقالة ما لم تُفتح الكُنس للصلاة في يوم الغفران.
اللافت أيضا أن قرار حكومة نتنياهو بالإغلاق لم يأت بإجماع وزراء حكومته، بل واجه قرار المجلس الوزاري المصغر المعني بمكافحة كورونا اعتراضات كبيرة من وزراء بالحكومة، منهم وزير المالية يسرائيل كاتس، عضو حزب هاليكود، الذي صرح أنه كان بإمكان الحكومة اللجوء لخيارات أخرى، وليس الإغلاق الشامل أحدها.
في مقال تحليلي نشره موقع معاريف منتصف الشهر الماضي، قال الكاتب الصحافي ران إِديليست إن بنيامين نتنياهو يدير الدولة كما لو أن الانتخابات غدا، ويُقسم المواطنين إلى طيبين وأشرار.
اعتبر ران إديليست أن الخلاف بين طوائف الإسرائيليين لم يعد سياسيا فحسب، أو أيديولوجيا، وإنما تحول لصراع وجودي، حيث واجه هاليكود غضب المتظاهرين باتهامهم بأنهم مدفوعون من قوى المعارضة، بهدف نشر الفوضى وتحدي الحكومة وإسقاط نتنياهو، مما دفع الموالين لتنظيم مظاهرات مضادة تؤيد بيبي وحزبه، ليتحول المشهد إلى صراع “بينهم” و”بيننا”، صراع يستهدف شباك التذاكر، للحصول على اللقطة كاملة.
أما الكاتب نحميا شطرنسلر، الكاتب والمحلل الاقتصادي بصحيفة هآرتس، فقد كتب الأسبوع الماضي مقالا شديد اللهجة، جاء عنوانه: “إلهي؛ بماذا أذنبنا كي نستحقه”، والمقصود بالمُستحق نتنياهو بالطبع، وقال في متن المقال المنشور قبيل يوم الغفران:
إذا كان من الممكن أن نتلقى إجابة من الرب، لكنت سألته في هذه الأيام، بين رأس السنة اليهودية ويوم الغفران، بماذا أذنبنا لنستحق عقابًا شديدًا كهذا؟ بماذا أخطأنا لنُبتلى برئيس حكومة فاشل إلى هذا الحد؟ أي جريمة ارتكبناها ليُفرض علينا نتنياهو لهذه المدة الطويلة؟ فقد أصبح واضحًا ومعروفا للجميع بأنه أسوأ من تولي إدارة الحكومة، ليس قادرا على اتخاذ قرار مناسب في وقته المناسب، فقد تسببت قراراته في مواجهة الكورونا مثلا في حدوث فوضى لا مثيل لها، وارتباك كبير، وارتفاع في نسب المصابين، وتخبط صحي واقتصادي رهيب.
على الجانب الاقتصادي، أضاف نحميا، فإن نتنياهو قد فشل بشكل مروع، وعلى عكس الصورة التي رسمها لنفسه كخبير في الاقتصاد، فإنه لم يقدم شيئا لإصلاح النظام الاقتصادي الإسرائيلي منذ 2009، لم يعمل على إصلاح القطاع العام، بل ترك الفساد ينتشر داخله، لم يعمل على خفض تكاليف المعيشة بالنسبة للجمهور، وارتفت أسعار السكن إلى حدود رهيبة، فيما انخفضت معدلات النمو، وتراجع مستوى معيشة الفرد الإسرائيلي مقارنة بنظيره الأوربي، أما تعامله مع ملف الميزانية فقد كان شائنًا، بعدما أنفق عشرات المليارات دون موازنة معتمدة، حتى وصل العجز في الناتج المحلي إلى 14%، ونسبة الدين إلى 80%، وارتفعت البطالة إلى 12% من القوى العاملة، أي ما يقرب من نصف مليون شخص.
يختم نحميا مقاله بالقول إن نتنياهو: “شيك مؤجل الدفع، بدون رصيد، كم أخطأنا وأذنبنا، كي نتلقى هذا العقاب الشديد!”.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=448772