الإسلاموفوبيا في فرنسا.. غضب المسلمين يتصاعد

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

يستمر الرئيس الفرنسي في سياساته للتضييق على المسلمين في فرنسا، بل تحدي العالم الإسلامي علنا، حتى إنه اعتبر الصور المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم “حرية تعبير”، رغم أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قضت في عام 2018م بأن الإساءة للنبي محمد لا يمكن إدراجها ضمن حرية التعبير عن الرأي، إلا أن لماكرون رأيًا آخر، حيث شجع على نشر الصور المسيئة للنبي مجددا في ميادين عامة بفرنسا وفي عدد من وسائل الإعلام في تحد خطير لمشاعر المسلمين في العالم.

صحيح أن الاعتداء على المدرس الفرنسي الإسلاموفوبي تمت إدانته من كافة المسلمين في فرنسا، ولكنهم أدانوا كذلك تطاوله على الإسلام، إلا أن الغريب أن السلطات الفرنسية أغلقت مسجد في إحدى ضواحي باريس، بعدما نشر عبر حسابه بمواقع التواصل، مقطع فيديو يستنكر الدرس الذي عُرضت فيه رسوم كاريكاتورية للنبي محمد من قبل صمويل باتي، رغم أنه استنكر كذلك عملية القتل.

وفي 13 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، كشف وزير الداخلية الفرنسى جيرار دارمانان، عن إغلاق السلطات لـ 73 مسجدًا ومدرسة خاصة ومحلا تجاريا منذ مطلع العام الجاري، بذريعة “مكافحة الإسلام المتطرف”.

خطاب ماكرون عنصري

وانتقد شيخ الأزهر أحمد الطيب ماكرون، مُحذرًا مما اعتبره إصرارًا من بعض مسؤولي الدول الغربية على استخدام مصطلح “الإرهاب الإسلامي”، لما له من “تأثيرات سلبية” مُسيئة للإسلام.

كما رفض مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، التصريحات الأخيرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حول الإسلام.

وقال مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، في بيان، إن ماكرون وجه “اتهامات باطلة” للإسلام “لا علاقة لها بصحيح الدين، الذي تدعو شريعته للسماحة والسلام بين جميع البشر، حتى من لا يؤمنون به”، وأضاف البيان أن تصريحات الرئيس الفرنسي “تنسف كل الجهود المشتركة للقضاء على العنصرية والتنمر ضد الأديان”، وأن “تصريحات عنصرية مثل هذه من شأنها أن تؤجج مشاعر ملياري مسلم”.

ووصف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر قول ماكرون إن بلاده ستتصدى لـ”الانعزالية الإسلامية” بأنه “خلط معيب بين حقيقة ما تدعو إليه الأديان من دعوة للتقارب بين البشر وعمارة الأرض وبين استغلال البعض لنصوص هذه الأديان وتوظيفها لتحقيق أغراض هابطة”.

اللجوء للأمم المتحدة

بدورها، لجأت جمعية “التجمع ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا”(CCIF) إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة؛ بسبب موقف إدارة الرئيس إيمانويل ماكرون، تجاه المسلمين في البلاد، الجمعية التي تقوم بأعمال بخصوص المسلمين الذين يتعرضون للتمييز والاعتداءات في فرنسا، وصفت في بيان صادر عنها الثلاثاء، موقف إدارة ماكرون من المسلمين بـ”الذي لا مثيل لها”.

وأشارت إلى أنها لجأت إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ضد رزنامة القرارات الحاسمة التي اتخذتها السلطات الفرنسية مؤخرًا والتي تتضمن غلق جمعيات ومنظمات مجتمع مدني إسلامية، وذكرت أن عملية ذبح مدرس فرنسي على يد شاب شيشاني بسبب عرضه رسوماً كاريكاتيرية مسيئة للرسول شكلت نفساً جديداً لكل المبادرات الهادفة إلى التضييق على الجاليات المسلمة بفرنسا.

وأعربت الجمعية عن استنكارها لإعلان وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد درمانان، الإثنين، اعتزامهم غلقها في إطار القرارات التي تم الكشف عنها عقب الحادث المذكور.

وتابع البيان “إلقاء وزير الداخلية مسؤولية هذا الحادث الشنيع دون وجود دليل، إنهاء لدولة القانون في فرنسا”، مشددًا على أهمية إعطاء المسلمين في البلاد، وجمعياتهم حق الدفاع عن أنفسهم تجاه ما ينسب إليهم من اتهامات.

الاعتداء على سيدات مسلمات

فيما أظهرت مقاطع مرئية، الهجوم بسكين على أسرة مسلمة فرنسية مكونة من 9 أفراد (4 نساء و5 أطفال)، من قِبل مهاجمين يمينيين، وسط إطلاق إهانات عنصرية وعبارات نابية عن العرب والمسلمين منها “العرب القذرين”، بالإضافة إلى تمزيق حجاب سيدتين وطعنهن بمناطق متفرقة من الجسد، أدى إلى دخول إحدى النساء إلى المشفى وإصابتها بثقب في الرئة.

كما تعرضت فتاتان تركيتان للعنف والتمييز من قبل الشرطة في فرنسا، التي بدأت مؤخرا باستهداف المسلمين على أراضيها، وقالت خديجة بايزيد، إحدى الفتاتين اللتين تعرضتا للعنف والتمييز، إن الشرطة أوقفت سيارتها أثناء توجهها لتناول العشاء مع قريبتها، وأوضحت أنها أصيبت بجروح، وتوجهت على إثرها إلى المستشفى، وتقدمت بشكوى بعد حصولها على تقرير طبي.

والغريب أن وسائل الإعلام لم تلق الضوء على مثل هذه الحوادث العنصرية.

مرصد الإسلاموفوبيا

فيما دان مرصد الإسلاموفوبيا محاولة القتل المتعمد لسيدتين مسلمتين محجبتين، في باريس، في أعقاب حادثة مقتل المعلم الفرنسي، وحذر من الاعتداءات العنصرية ضد المسلمين.

وأكد مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء المصرية في بيان، أن “مثل هذه الاعتداءات الوحشية تعبر عن تطرف وعنصرية بغيضة تجاه الإسلام والمسلمين، تغذيها الخطابات السياسية من قِبل تيارات اليمين المتطرف، التي تغفل حقيقة أن الوجود الإسلامي في فرنسا هو وجود أصيل وليس طارئًا، وأن المسلمين الفرنسيين هم مواطنون كاملو الأهلية، وهم جزء لا يتجزأ من المجتمع، ولهم كافة الحقوق والواجبات التي يتمتع بها كافة المواطنين في المجتمع الفرنسي”.

ودعا المرصد إلى ضرورة سن القوانين التي تجرم إثارة الكراهية والتمييز العنصري ضد فئة بعينها بناء على لون أو جنس أو دين، وتفعيل المواثيق الدولية لردع كل من يسعى إلى إثارة الصراعات الدينية لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، ودعا أفراد المجتمع الفرنسي إلى عدم الالتفات والانجراف وراء تلك الخطابات المسيئة التي تحاول اختلاق الصراعات وبث الفزع من الإسلام والمسلمين في أوساط المجتمع الفرنسي على وجه الخصوص، والمجتمع الغربي على وجه العموم.

“التعاون الإسلامي”

من جانبها، أدانت منظمة التعاون الإسلامي، الجمعة، ربط المسلمين بالإرهاب، ونشر رسوم مسيئة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام على واجهات بعض المباني بفرنسا، جاء ذلك في بيان صادر عن المنظمة (تضم 57 دولة)، غداة تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن بلاده لن تتخلى عن “الرسوم الكاريكاتورية” (المسيئة).

وقالت المنظمة: “ندين استمرار الهجوم المنظم على مشاعر المسلمين بالإساءة إلى رموزهم الدينية، المتمثلة في شخص الرسول محمد”، واستغربت “الخطاب السياسي الرسمي الصادر عن بعض المسؤولين الفرنسيين، الذي يسيء للعلاقات الفرنسية الإسلامية ويغذي مشاعر الكراهية من أجل مكاسب سياسية حزبية”.

كما استنكرت المنظمة، “أي تبرير لإهانة الرموز الدينية من أي ديانة باسم حرية التعبير”، وحثت “التعاون الإسلامي”، فرنسا على مراجعة السياسات التمييزية التي تستهدف المجتمعات الإسلامية، وتسيء لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم.

ربما يعجبك أيضا