عملية الكركرات.. حسم مغربي ودعم عربي في وجه استفزازات البوليساريو

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

تدخل جيش المملكة المغربية بحسم، أمس الجمعة، لإعادة فتح معبر الكركرات الحدودي وتأمين المنطقة العازلة في وجه استفزازات جبهة البوليساريو، معلنا أنه لا تساهل مع أية محاولة لتغيير الوضع القانوني والتاريخي بمنطقة الصحراء.

وقالت القيادة العامة للقوات المسلحة المغربية -في بيان صدر مساء أمس-  إن المعبر القابع جنوب المملكة أصبح مؤمناً بالكامل، موضحا أن عملية التأمين نجحت بفضل حزام أمني وضع، ليضمن تدفق البضائع والأشخاص عبر المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا، مؤكداً أنه لا خسائر بشرية وقعت خلال عملية تأمين  “الكركرات”.

استفزازات البوليساريو

وأوضح الجيش، أن القوات المسلحة الملكية قامت، في ساعة متأخرة من مساء أول أمس الخميس، بوضع حزام أمني من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر الكركرات والمنطقة العازلة عموما، لافتا إلى أن هذا القرار جاء إثر الحصار الذي قام به نحو ستين شخصا تحت إشراف عناصر مسلحة من البوليساريو على محور الطريق الذي يقطع المنطقة العازلة بالكركرات، ويربط المغرب بموريتانيا، وتحريم حق المرور.

من جانبها أكدت وزارة الخارجية المغربية – في بيان صدر مساء أمس- أن العملية العسكرية التي تم تنفيذها في منطقة الكركرات لطرد ميليشيات البوليساريو، تمت “بطريقة سلمية” دون اشتباكات أو تهديد لسلامة المدنيين، لافتة إلى أنها نفذت بناء على تعليمات من الملك محمد السادس، من أجل استعادة حرية الحركة في معبر الكركرات، وبعد إعطاء كل الفرص لحلول الدبلوماسية من خلال المساعي الحميدة للأمم المتحدة.

وفي حين شددت “الخارجية” على تمسك المغرب بالحفاظ على وقف إطلاق النار، وكل قرارات الشرعية الدولية، أعلنت جبهة البوليساريو العودة للكفاح المسلح، وقال وزير خارجيتها محمد سالم ولد السالك: الحرب قد بدأت، نحن في حالة دفاع عن النفس وسنرد على القوات المغربية.

منطقة الكركرات هي منطقة منزوعة السلاح بين المغرب والبوليساريو وتتواجد بها قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة، وهذه ليست المرة الأولى التي تشهد تصعيدا بين الطرفين، فجبهة البوليساريو من وقت لأخر تعمد إلى استفزاز المملكة المغربية، ففي العام الماضي على سبيل المثال نظمت مؤتمرها الـ15بمنطقة تفاريتي المغربية والمشمولة بقرار وقف النار؛ كما استحدثت منشآت إدارية وعسكرية وراء الجدار الأمني.

أخيرا وتحديدا في 21 أكتوبر الماضي، عمدت البوليساريو إلى إغلاق معبر الكركرات بحجة أنه “غير شرعي”، وعرقلت حركة التنقل بين المغرب وموريتانيا، ما تسبب في بقاء نحو 108 أشخاص يعملون في نقل البضائع عالقون في الجانب الموريتاني من الحدود، و78 آخرين في الجانب المغربي، وبعد أن باءت محاولات بعثة الأمم المتحدة بالفشل في استعادة السيطرة على معبر الكركرات، جاء قرار الملك محمد السادس بتدخل الجيش، لإعادة فتح الطريق أمام حركة المرور وبناء جدار عازل لمنع البوليساريو من إعادة الكرة.

البوليساريو تفجر اتفاق وقف النار

تحرك البوليساريو لفرض أمر واقع في الكركرات يهدد حالة وقف إطلاق النار المعمول بها منذ 30 عاما بين الجبهة والمملكة المغربية، وينذر بعودة التوترات الحدودية في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب من جهة والبوليساريو من جهة، فبالنسبة للأولى عرضت على المنطقة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية وتعتبر أراضي الصحراء الغربية بأكملها ضمن ترابها الوطني، أما البوليساريو فتريد الانفصال لكامل الصحراء وإعلان استقلالها، لإعلان اكتمال “الجمهورية الصحراوية” التي أعلنت قيامها عام 1976، لكنها لم تحظ باعتراف دولي أو إقليمي واسع.

بناء على وساطة الأمم المتحدة التي أنهت الحرب المسلحة بين البوليساريو والمغرب عام 1991، يفترض أن ينظم استفتاء يشارك فيه سكان هذه المنطقة للاختيار بين مقترحات بالانفصال أو الاندماج في الأراضي المغربية أو التمتع بالحكم الذاتي، لكن الخلاف الذي يعرقل عملية الاستفتاء يدور حول كيفية تنفيذها وتحديد هوية من يُسمح لهم بالتصويت، إذ يسيطر المغرب بالفعل على مساحة واسعة من الصحراء الغربية، فيما عمدت البوليساريو إلى توطين المئات في مناطق نفوذها، ما تعتبره المملكة المغربية خرقا واضحا للتأثير مستقبلا على نتائج الاستفتاء.

إلى جانب الأمم المتحدة هناك دول أخرى شريكة في هذا الملف أهمها الجزائر وموريتانيا، وكلاهما يعترف بالبوليساريو ويدعم حق الشعب الصحراوي في تقريره مصيره، ولديهما خلاف مع المغرب حول آليات تنفيذ الاستفتاء المصيري.

 تأييد واسع لتحرك المملكة ودعوات لضبط النفس

منذ أن أعلن الجيش المغربي عن تحركه لتأمين معبر الكركرات، أعربت العديد من البلدان على دعم موقف المملكة في وجه استفزازات البوليساريو، واتفق الجميع بما فيهم الجزائر وموريتانيا على ضرورة التحلي بضبط النفس والحفاظ على اتفاق وقف النار التاريخي.

بالأمس جددت دولة الإمارات دعمها لكل ما يتخذه المغرب من خطوات للدفاع عن سلامة وأمن أراضيه، وقال بيان للخارجية الإماراتية: ندعم قرار الملك محمد السادس بوضع حد للتوغل غير القانوني بالمنطقة العازلة للكركرات التي تربط المغرب بموريتانيا بهدف تأمين الانسياب الطبيعي للبضائع والأشخاص بين البلدين الجارين.

صباح اليوم أكدت الرياض وقفها إلى جانب المغرب في كل خطواته لإرساء حرية التنقل المدني والتجاري في الكركرات، وعبرت عن استنكارها الشديد لأي ممارسات تهدد حركة المرور في هذا المعبر الحيوي، كما دعت الطرفين إلى ضبط النفس، وعدم التصعيد امتثالا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

كما أصدرت وزارة الخارجية الأردنية بيانا، يؤكد دعم المملكة للخطوات التي أمر بها الملك محمد السادس لإعادة الأمن إلى المنطقة العازلة بالكركرات، ويشدد على موقف الأردن الثابت في دعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على أراضيها كافة ودعم جهود التوصل لحل سياسي لمشكلة الصحراء المغربية وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة الحكم الذاتي التي أطلقها المغرب.

وأصدرت أيضا البحرين والكويت وسلطنة عمان بيانات مماثلة تؤيد تحرك المغرب للحفاظ على أمن وسلامة أراضيه.

دوليا، دعت فرنسا مساء أمس، إلى فعل كل ما يمكن تجنّباً للتصعيد في الصحراء الغربية والعودة إلى الحل السياسي في أقرب وقت ممكن، مطالبة الأمم المتحدة بتكثيف الجهود لإطلاق العملية السياسية بين الطرفين “المغرب والبوليساريو”.

كما أعرب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الإيطالي بييرو فاسينو، صباحا، عن قلقه بشأن عودة أعمال عنف في المنطقة العازلة بالكركرات، داعيا الجميع إلى عدم تغذية دوامة التوتر وتجنب أي استخدام للقوة واستئناف عملية السلام على أساس قرارات مجلس الأمن.

وصباح اليوم، دعت أيضا الخارجية الروسية، الطرفين إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، والامتناع عن اتخاذ خطوات قد تؤدي إلى تفاقم الوضع، مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتعيين مبعوث جديد للمنطقة للشروع في عملية سياسية تنهي التوتر الراهن.

من جانبه أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن الأسف الشديد لفشل جهوده في الأيام الأخيرة لتجنب التصعيد بالمنطقة.

بحسب وسائل الإعلام المغربية، حتى اللحظة، الوضع بمنطقة الكركرات مستقر بعد انسحاب عناصر “البوليساريو”، إثر إقدامهم على تخريب بعض الطرقات وإحراق خيامهم أمام أعين قوات حفظ السلام، كما أقدمت البوليساريو اليوم ولأول مرة منذ العام 1991 على استهداف منطقة المحبس، إلا أن القوات المغربية قامت على الفور بتدمير كافة الأدوات المهاجمة.

الأمل الوحيد الآن لعودة الهدوء إلى الصحراء المغربية، هو نجاح بعثة الأمم المتحدة “المينورسو” في التواصل مع البوليساريو لاستئناف العملية السياسية المتوقفة منذ أشهر، سعيا لإنجاز مهمتها الأصلية وهي تنظيم استفتاء حق تقرير المصير قبل انتهاء مدة عملها في أكتوبر 2021.  

115479179 81a974ab 618b 4d65 9652 998f4fd7b941

ربما يعجبك أيضا