استهداف السفارة الأمريكية في العراق .. إيران تسعى وراء «انتصار كاذب»!

يوسف بنده

رؤية

قال مصدر أمني عراقي، الأربعاء، إن هناك هجوماً صاروخياً استهدف السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء بالعاصمة بغداد. وذكرت وسائل إعلام عراقية أن هناك أنباء عن إصابة 3 مدنيين عراقيين جراء القصف الصاروخي الذي استهدف محيط السفارة الأمريكية. وأفادت خلية الإعلام الأمني العراقية بأن الصواريخ الـ 4 التي سقطت على المنطقة الخضراء أُطلقت من حي الأمين الثانية شرق بغداد.

ودوت أصوات صفارات الإنذار من السفارة الأمريكية داخل المنطقة التي تضم أيضاً مباني حكومية وبعثات أجنبية.

ويأتي هذا الهجوم، بعد أنباء عن رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في تحقيق وعوده الإنتخابية، التي منها عودة القوات الأمريكية من العراق وأفغانستان. وتحاول إيران استغلال هذه الرغبة في إظهار أن تهديداتها ودعمها للمليشيات الموالية لها في العراق وأفغانستان قد نجحت في طرد القوات الأمريكية في المنطقة.

وكان ترامب الذي وعد مراراً بإنهاء «الحروب التي لا نهاية لها» أكّد عزمه على خفض عديد القوات الأميركية في أفغانستان إلى 2500 جندي في مطلع 2021، بل إنّه تحدّث في إحدى المرّات عن رغبته بعودة كلّ الجنود من هذا البلد بحلول عيد الميلاد في 25 كانون الأول/ديسمبر.

قرار بسحب القوات

أعلن وزير الدفاع الأميركي كريستوفر ميللر مساء امس الثلاثاء أن واشنطن: «قرّرت سحب قواتها من أفغانتسان والعراق خلال الساعات المقبلة».

يُذكر أن صحيفة «التايمز» البريطانية قالت في تقرير إنه: «من المتوقع أن يأمر ترامب بسحب كل القوات الأميركية من العراق وأفغانستان قبل أن يترك منصبه في كانون الثاني/ يناير 2021».

مُؤكّدةً أنه: «في خطوة للوفاء بالتعهدات التي قطعها على نفسه، بإعادة القوات إلى الوطن، ووضع حد للحروب التي لا تنتهي، فإن التعديلات التي أجراها ترامب على قمة “البنتاجون”، من المعتقد أنها جزء من خطة انسحاب القوات».

مبينةً أن كريستوفر ميللر: «الذي تم تعيينه قائماً بأعمال وزير الدفاع الأميركي الأسبوع الماضي، كان ضابطاً في القوات الخاصة الأميركية في المرحلة الأولى لإسقاط حكم طالبان عام 2001، أشار إلى أن انسحاب القوات الأميركية أولوية بالنسبة له».

كما نقلت «التايمز» عن مسؤولٍ أميركي قوله إن: «الرئيس ترامب أبلغ وزير الدفاع “إسبر” بعزمه المضي قدماً في خطة الانسحاب قبل 20 يناير، ولكن “إسبر” والبنتاغون أشارا إلى أنهما لا يوافقان بشكل مؤسسي على تلك الخطة».

بعد ذلك أعلن “ترامب” إقالة “إسبر” في تغريدة له عبر منصّة تويتر، بعد يومين من انتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة، وعيّـن “كريستوفر ميلر” مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، وزيراً للدفاع بالوكالة.

ولم تؤكّد وزارة الدفاع الأميركية صحّة هذه التقارير الإعلامية التي أشارت إلى أنّ ترامب قد يعلن بنفسه عن هذا القرار خلال الأسبوع الجاري.

قلق في بغداد

أكدت مصادر مقربة من الحكومة العراقية أن مسؤولين رفيعين في «البنتاجون» يضعون سيناريوهات لمنع تنفيذ أي قرار متسرع قد يتخذه الرئيس دونالد ترامب بسحب القوات الأميركية المساندة في العراق وتطويق تداعيات أي ضربة أميركية محتملة لحلفاء طهران العراقيين.

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد قالت المصادر، إن قلق بغداد من أي خطوة مفاجئة لا يقل عن قلق أنصار إدارة التوتر في وزارة الدفاع الأميركية، الذين أبرم معهم رئيس الحكومة العراقي مصطفى الكاظمي خلال حوار امتد شهوراً، اتفاقات تقضي بتحفيف تدريجي لعدد القوات الأميركية في العراق، يمتد ثلاثة أعوام، ويحافظ على مهام المساندة والاستشارة للقوات العراقية في مواجهة تحديات ما بعد القضاء على تنظيم داعش.

وأشارت إلى اتصالات مكثفة تجري بين بغداد ووحدة التخطيط العسكري في القيادة المركزية لجيوش أميركا، للتحرك سياسياً بحيث يجري منع انسحاب مفاجئ كما يجري تطويق احتمالات تفجير الأوضاع بضربات غير منسقة لأهداف إيرانية أو أخرى تتعلق بحلفاء طهران.

وذكرت أن أي انسحاب مفاجئ من العراق لن يتخلى عن حقيقتين، أولاهما أن هناك معسكرات ستبقى للضرورة القصوى قريبة من العراق في الكويت، وأخرى في إقليم كردستان العراق، وهي جاهزة للتدخل في أي لحظة، خصوصاً مع تصاعد التوتر بين حلفاء إيران المسلحين، والحكومة في بغداد.

أما الحقيقة الأخرى فهي أن واشنطن تدرك استعداد روسيا والصين وإيران عسكرياً واقتصاديا لملء أي فراغ تتركه أميركا في الشرق الأوسط والعراق خصوصاً.

وأشارت المصادر إلى أن أطرافاً في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة دخلت على خط الأزمة منذ تهديد إدارة ترامب بإغلاق السفارة الأميركية في بغداد، رداً على تباطؤ الكاظمي في التعامل مع هجمات صاروخية كانت شبه يومية ضد المصالح الأميركية في العراق، قبل إعلان هدنة غامضة أوقفت القصف منذ أكثر من شهر، بوساطات وتفاهمات شملت ممثلي الأمم المتحدة ومرجعية النجف الدينية، وأطرافاً أخرى.

تحذير الشيوخ

وجّه زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي السناتور ميتش ماكونيل الإثنين تحذيراً شديد اللهجة إلى حليفه الرئيس دونالد ترامب من مغبّة تسريع وتيرة انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان أو العراق، معتبراً أنّ من شأن مثل هكذا إجراء أن يهدي الحركات الإٍسلامية المتطرّفة «نصراً دعائياً عظيماً».

وقال ماكونيل في خطاب في مجلس الشيوخ إن «عواقب انسحاب أميركي سابق لأوانه قد تكون أسوأ حتّى من انسحاب أوباما من العراق في 2011، والذي أدّى إلى صعود تنظيم الدولة الإسلامية».

وأضاف أنّ مثل هكذا انسحاب سيمثّل «تخلّياً» من جانب الولايات المتّحدة عن حلفائها وسيفسح المجال أمام حركة طالبان لبسط نفوذها في أفغانستان وسيتيح لتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة بإعادة تجميع صفوفهما في العراق.

وقبل أن يقيله ترامب الأسبوع الماضي شدّد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر على ضرورة بقاء 4500 جندي أميركي على الأقلّ في أفغانستان إلى أن تبرهن حركة طالبان على أرض الواقع أنّها خفّضت من وتيرة العنف.

وتجري محادثات سلام بين طالبان والحكومة الأفغانية بموجب اتفاق تاريخي أبرمته واشنطن مع الحركة المتمرّدة وينصّ على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان بحلول منتصف عام 2021.

وحذّر ماكونيل من أنّ انسحاباً عسكرياً أميركياً متسرّعاً «سيُسعد أولئك الذين يتمنّون لنا الأذى».وأضاف أنّ من شأن هذا الأمر أن «يعطي تنظيم القاعدة الضعيف والمشتّت نصراً دعائياً عظيماً».

وحذّر الحليف الوثيق للرئيس المنتهية ولايته من أنّ «مشهد تخلّي الجنود الأميركيين عن منشآتهم ومعدّاتهم (…) سيبثّ في جميع أنحاء العالم على أنّه رمز لإذلال وهزيمة أميركيّين وانتصار للتطرّف الإسلامي».

ربما يعجبك أيضا