موهوب ومُقنع.. وثيقة إسرائيلية تكشف عن تحليل فلكي لشخصية السادات

محمد عبد الدايم

كتب – د. محمد عبدالدايم

في 19 نوفمبر منذ 43 عامًا هبطت طائرة الرئيس المصري محمد أنور السادات في مطار تل أبيب، في زيارة مفاجئة للعالم، بعد أربعة سنوات من حرب أكتوبر 1973، التي فاجأت إسرائيل في يوم الغفران، وفاجأت العالم أجمع بقدرة مصر على عبور خط بارليف وتحرير سيناء.

“ماكر”، “ذئب منفرد”، “متوهم قليلا”، “موهوب مُقنع”، هكذا وُصِف داخل إسرائيل الرئيس الراحل أنور السادات، هذا ما ورد في وثيقة صُنِفت بأنها “سرية”، واشتملت على تحليل لشخصية الرئيس الراحل.

لم تكن مشاعر الفرح وحدها هي المسيطرة، بل إن الشعور بالارتياب، والخوف، والترقب المشوب بالحذر، كان مسيطرًا على قطاع كبير من الإسرائيليين، وعلى رأسهم مسئولين كبار، مثل الرئيس السابق لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي مُردخاي جور، الذي كان يشك في نوايا السادات، ونُقل عنه أنه يحذر من أن الرئيس المصري سيفاجئ إسرائيل بمجرد فتح باب الطائرة، مثلما فاجأها يوم الغفران.

تحليل شخصية

دأبت الصحافة الإسرائيلية على محاولات تحليل شخصية السادات، وفك رموز هذه الشخصية الغامضة، والمتقلبة، وخلقت له أبعادًا أسطورية، برسمه في الكاريكاتور في هيئة أبي الهول المصري، وخرجت العديد من الوثائق والدراسات التي كانت تركز على فك رموز شخصيته، وفهم تحركاته المستقبلية.

زيارة “تاريخية” إلى حيفا

بعد توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في مارس 1979، قام السادات بزيارتين، الأولى إلى بئر السبع في مايو، والثانية إلى حيفا في سبتمبر، وعشية تلك الزيارة تم تحليل شخصيته وفقا لبرجه الفلكي، إلى جانب الوثيقة السرية التي حللت شخصيته كذلك، وهذه الوثائق محفوظة في أرشيف رئيس إسرائيل الخامس يتسحاق نافون الذي تولى المنصب في الفترة من 1978 – 1983.

كانت زيارة السادات لحيفا “استثنائية”، وصل “الذئب” المصري على متن اليخت الرئاسي “الحرية”، ترافقه زوجته جيهان وإحدى بناته، وحلقت في السماء طائرات مقاتلة من طراز “كفير” لتأمين الزائر، مع قافلة تحية لسفن سلاح البحرية الإسرائيلية، واستقبله رئيس إسرائيل نافون بقوله: “سفينتك ترسو هنا في ميناء صديق، وأدعو طاقمك لاعتبار أنفسهم هنا في حيفا كما لو نزلوا بميناء الإسكندرية”.

بجانب نافون؛ وقف في استقبال السادات مناحم بيجن رئيس الوزراء في ذلك الوقت، وأرييه جورئيل رئيس بلدية حيفا، والكثير من كبار المسئولين والمدعوين، واصطف عشرات الآلاف من الجماهير تحيي الزائر المصري منذ رسا يخته في الميناء، وحتى وصوله إلى فندق “دان كرمل”، وفي الطريق توقف السادات ليصافح بعضا من محييه، الذين كانوا يصيحون في فرح، وذهول، وكانت الزيارة تاريخية بالنسبة لحيفا، وتسمت فيما بعد ساحة باسم السادات في المدينة منذ 11 عامًا.

ما جاء بالوثيقة عن الزيارة

زيارة السادات لحيفا جاءت لبحث قضية القدس، وموضعها من اتفاق السلام، إلى جانب مسألة الحكم الذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية، وإنشاء قوة متعددة الجنسيات في سيناء، وكذلك مناقشة إمداد إسرائيل بالنفط المصري.

الوثائق المحفوظة في أرشيف نافون، ومنها وثيقة طالعه الفلكي، ركزت على “المكر السياسي” الذي يتسم به السادات، الذي نال إعجاب شخصيات سياسية عالمية، ووصفه البعض بأنه “زعيم ماكر” وشخصيته “مثيرة للفضول” و”يستطيع تقديم حججه” ويقنع الطرف الذي يتحدث معه بأنه في بحاجة إليه، حيث “يتميز بقدرة كبيرة على الإقناع”، و”يتفوق في العلاقات العامة”، فهو “ذئب وحيد ذو حدس موزون”.

لكن الوثيقة كذلك لم تغفل التطرق لتحليل الحالة الصحية للرئيس الراحل، الذي كان يبلغ 61 عامًا خلال زيارته لحيفا، حيث ذكرت أنه ربما يعاني مشكلة في عضلة القلب، وتتزود قافلته الرئاسية بمعدات عناية مركزة.

كذلك تحدثت الوثيقة عن تشديد التأمين على الرئيس الراحل، بسبب مخاوف من تعرض عناصر مختلفة اعترضت على زيارته الأولى لإسرائيل، والطريف، أن التحليل الشخصي للسادات، وفقا لبرجه الفلكي، قد تنبأ -وفقا للوثيقة- أنه سيتعرض لخطر داهم يهدد حياته في عام 1980، أو في العام التالي له 1981، وهو العام الذي شهد اغتياله.

لم تذكر الوثيقة السرية التي تم الكشف عنها شخصية “المحلل الفلكي” الذي قام بدراسة شخصية السادات، لكنها ذكرت أنه سيكون واحدًا من كبار زعماء العالم العربي خلال السنوات التالية 1984- 1985، إذا لم يصبه شيء، وسيصبح زعيمًا عالميا، لكنه سرعان ما سيرتكب “خطأ تاريخيًا كبيرًا”، سيؤدي به للانحراف عن مسار حكمه الناجح، بعد أن “يثمل” من نجاحه على مدى سنوات حكمه، وهذا الخطأ سيكون سياسيًا، ومع ذلك سوف ينجو من السقوط.

ربما يعجبك أيضا