اليمن.. معارك ضارية في «مأرب» معقل الشرعية

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

تصاعدت حدة القتال بين قوات الشرعية اليمنية ممثلة في الجيش اليمني والمقاومة الشعبية ورجال القبائل من جهة وبين مليشيا الحوثي الانقلابية الموالية لإيران من جهة أخرى، في محافظة مأرب النفطية.

المعارك مستمرة منذ أشهر في محافظة مأرب بين الجيش والحوثيين، وتمكنت قوات الشرعية من صد عشرات الهجمات الحوثية على محافظة مأرب، إلا أن المليشيات مصممة على التقدم رغم خسائرها الكبيرة في الأرواح، بل هي تدفع بالآلاف إلى حتفهم.

مأرب كذلك هي بوابة صنعاء الاستراتيجية وهي الأمل الوحيد لتحرير صنعاء، ومأرب حصن الجمهوريين في اليمن في مواجهة الكهنوت الإمامي الجارودي، ودعم ثبات وصمود مأرب في مواجهة الهجمة الحوثية الوحشية، يعني كسر تلك المليشيا وتفكيك مفاصلها، فعبدالملك الحوثي، ومن خلفه إيران، يعتبرون معركة مأرب معركة “حياة أو موت”.

ومع جبهة مأرب تشهد جبهات القتال في نهم والحديدة والجوف معارك مستمرة منذ عدة أشهر.

تقدم الحوثيين

وكانت إعلام المليشيا قال إن الحوثيين سيطروا على معسكر ماس الاستراتيجي، وهو خط دفاع مهم للقوات الحكومية على تخوم مدينة مأرب، لكن مصادر عسكرية يمنية في قوات الشرعة، أكدت استعادة أجزاء واسعة من المعسكر الاستراتيجي، وقالت مصادر محلية، إن مقاتلات التحالف العربي كثفت ضرباتها الجوية ضد الحوثيين الذين توغلوا في معسكر ماس ومحيطه، وأفادوا أن حوالي 35 غارة جوية شهدتها مناطق القتال في مدغل ومجزر حيث مسرح المواجهات الأعنف منذ أسابيع.

خسائر الحوثيين

فيما أعلن الجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية، مقتل 35 عنصرا من جماعة  الحوثي في قصف غربي محافظة مأرب، وذكر موقع “26 سبتمبر” التابع لوزارة الدفاع اليمنية أن “مدفعية الجيش استهدفت مواقع وتجمعات للحوثيين في جبل هيلان، مديرية صرواح بمحافظة مأرب، وأسفر القصف عن سقوط 21 عنصرا حوثيا”، وأضاف المصدر أن “مقاتلات التحالف العربي، نفذت غارات مكثفة على مواقع وتجمعات للحوثيين في منطقة الشبكة ومواقع متفرقة من جبل هيلان، أدت إلى قتل وجرح العديد من عناصرهم وإعطاب وتدمير آليات قتالية”.

تعزيزات عسكرية سعودية

وقالت مصادر عسكرية، إن قوات التحالف بقيادة السعودية، دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى محافظة مأرب حيث تدور مواجهات عنيفة ضد الحوثيين الذين يستميتون من أجل التقدم نحو مركز المحافظة المنتجة للنفط والغاز، ووصلت فعلًا هذه التعزيزات إلى إحدى قواعد التحالف قادمة من الأراضي السعودية، وتضم آليات حربية حديثة منها عربات هجومية وأسلحة ثقيلة، بما في ذلك دبابات وراجمات صواريخ ومدافع ذاتية الحركة، إضافة إلى قوة برية سعودية محدودة.

استنزاف بلا نهاية

فيما قال المحلل السياسي في معهد كارنيجي أحمد ناجي، “إن كانت هناك مواجهة في حرب اليمن صُممت بدقة لالتهام أكبر عدد من المقاتلين، فهي معركة مأرب. ذلك أن المواجهات العسكرية التي تدور رحاها منذ خمس سنوات بين “الحوثيين” والتشكيلات العسكرية الموالية للحكومة المعترف بها دوليًا، والتي زادت وتيرتها مؤخرًا، أدت إلى مقتل الآلاف من الطرفين، في معارك الهجوم والهجوم المضاد. لا هزيمة كاملة في هذه الجبهة ولا انتصار كامل أيضًا. يُقاتل الطرفان في مساحة من الصعوبة تجاوزها. وتبدو الحرب فيها عملية استنزاف واسعة، وظيفتها الرئيسية إنهاك الجميع. حتى وإن قادت المواجهات إلى انتصار أحد الأطراف، فسيكون المنتصر أمام معركة استنزاف جديدة”.

وأضاف: لذلك، يبدو المشهد في مأرب كمعركة صفرية، لا يرى طرفاها سوى مواصلة القتال مهما بلغت الأكلاف المادية والبشرية. الطرفان يدركان أن هذه المعركة ستحدد مصير خارطة السيطرة، والتحالفات، وجزءاً كبيراً من المشهد العام في اليمن في قادم الأيام. فهي ليست معركة جزئية على الهامش، بل مواجهة مؤجلة ومكثفة تدحرجت منذ العام 2014 من الكثير من المناطق، واستقرت في جبال مأرب وصحرائها.

الأمم المتحدة

من جانبه، حذّر مارتن لوكوك، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مما وصفها بـ”مواجهة كارثية” بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي في مدينة مأرب اليمنية، وأضاف لوكوك أن “حوالي مليون نازح يحتمون في مدينة مأرب وما حولها، والمواجهة الكبرى هناك، ستكون كارثية؛ حيث يستمر العنف في إجبار الناس على ترك منازلهم”.

ولفت إلى أن “ما يقرب من 150 ألف شخص هذا العام فروا من منازلهم معظمهم في مأرب”، وأردف أن “الخسائر البشرية في الحديدة، ومأرب، والجوف وصلت إلى أعلى المستويات المسجلة هذا العام، وإن كانت قد تراجعت في الأيام الأخيرة، لكن ليس كافيا”، وأشار لوكوك، إلى أنه “يوجد الآن 47 خط قتال أمامي نشطا في جميع أنحاء اليمن، وهو أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق”.

ربما يعجبك أيضا