«الكبت النفسي» و«العنف المجمتعي».. تداعيات كورونا في الأردن ‎

علاء الدين فايق

رؤية – علاء الدين فايق  

عمّان – شهدت محافظات أردنية عديدة، خلال اليومين الأخيرين، مشاجرات واسعة أسفرت عن سقوط قتلى وإصابات، وتخللها حرق منازل ومركبات، وسط توقعات بارتفاع معدلات العنف الأسرى والمجتمعي في ظل جائحة كورونا.  

واليوم السبت، ألقت القوات الأمنية القبض على عدد كبير من المتهمين الذين شاركوا في مشاجرة وقعت في بلدة الصريح بمحافظة إربد “شمال الأردن” قبل يومين وأصيب على إثرها خمسة أشخاص. 

وقال مصدر أمني: إن المداهمات تواصلت على امتداد الساعات الماضية، حيث تم إلقاء القبض على أغلب المطلوبين والتحقيق ما زال جاريا معهم، تمهيدا لتحويلهم إلى القضاء بينما يتواصل ملاحقة باقي المتهمين. 

من جهته، أوضح محافظ إربد رضوان العتوم، أن العملية مستمرة لحين إلقاء القبض على جميع المطلوبين من الأطراف كافة، وأنه لن يتم التهاون في هذا الأمر. 

وأكد مصدر طبي أن أحد المصابين بحالة حرجة وهو يتلقى العلاج في مستشفى الملك المؤسس الجامعي، وبقية الإصابات بين الخفيفة والمتوسطة. 

وتشهد بلدة الصريح هدوءا عاما مع انتشار كثيف للقوات الأمنية داخل البلدة وفي محيطها، في الوقت الذي تستمر فيه جهود الجهات المختصة، بالتعاون مع وجهاء البلدة لتطويق تداعيات المشاجرة والحيلولة دون تطورها. 

وفي إحدى مناطق الكرك، جنوبي المملكة، وقعت مشاجرة واسعة بين مجموعتين من عشرة واحدة، أصيب على إثرها 6 أشخاص، إضافة لحرق مركبات ومنازل.  

وفي منطقة الفيصلية بمحافظة مادبا توفي شخص وأصيب آخرون، الجمعة، إثر مشاجرة عشائرية تمكن الأمن من السيطرة عليها وتطويق مكان المشاجرة واعتقال مجموعة من المشاركين فيها.  

ومساء اليوم السبت، قال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام: إن سائق مركبة عمومية ( تكسي) أُسعف للمستشفى اثر تعرضه لاعتداء بأداة حادة من قبل شخص مجهول صعد معه اثناء عمله. 

وبالاستماع لاقوال السائق أفاد انه إثر خلاف حصل بينه وبين أحد الركاب اقدم ذلك الشخص غير المعروف له بالاعتداء عليه بواسطة أداة حادة وأُسعف للمستشفى وهو قيد العلاج. 

واضاف الناطق الإعلامي: إن المحققين في البحث الجنائي ومن خلال التحقيقات وجمع المعلومات تمكنوا من تحديد هوية الجاني وأُلقي القبض عليه وهو من ذوي الأسبقيات الجرمية وما زال التحقيق جارياً. 

كبت جائحة كورونا  

وأمام تصاعد حالات العنف المجتمعي والمشاجري، توقع خبراء في علم الاجتماع ازديادها في المرحلة المقبلة، مؤكدين أن ارتباط ذلك وثيق جدا بتداعيات أزمة كورونا.  

ويرى اختصاصي علم الاجتماع في الأردن، الدكتور حسين خزاعي، أن تصاعد أعمال العنف والمشاجرات مؤخرا، له علاقة وارتباط كبير بجائحة كورونا في ظل ما سببته من آثار نفسية واجتماعية إضافة للقلق والخوف المستمر.  

وأوضح خزاعي، أن تداعيات كورونا تزيد من احتمالية إخراج الكبت وقت حدوث المشاجرات، وخطورة ذلك مع حالات الاضطرابات النفسية. 

وحذر اختصاصي علم الاجتماع من تحول الكبت إلى ظاهرة في الأردن، في ظل استمرار البطالة والفقر وفقدان فرص العمل وضعف الحالة الاقتصادية.  

وتوقع الخزاعي، زيادة أعمال العنف المجتمعي في المرحلة المقبلة، داعيا لعدم الذهاب نحو ثقافة أخذ الحق باليد في دولة القانون والمؤسسات.  

تضاعف العنف الأسرى  

وفي الآونة الأخيرة، برزت أشكالا من العنف الأسرى في الأردن، تضاعفت منذ بداية تفشي فيروس كورونا وبدء الدول بتطبيق إجراءات الإغلاق والحجر الصحي المنزلي، خصوصاً منذ منتصف شهر آذار مارس الماضي. 

وتركزت حالات العنف بشكل أكبر على النساء، حيث بلغت نسبة زيادة العنف الأسري 33% خلال أول شهر من الحظر. 

وكشف استطلاع رأي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، أنّ حظر التجول أدى إلى مشاحنات أو خلافات أو عنف داخل الأسرة لدى أكثر من ثلث الأردنيين، بنسبة 34%، وأبرز أشكالها العنف اللفظي بـ17%، يليه العنف النفسي بـ9%،  ثم الإهمال بـ6%. 

وأشار الاستطلاع، إلى أن الأطراف الرئيسية في هذه الخلافات كانت الزوج والزوجة بنسبة 34%، الأب وأحد الإخوة الذكور بنسبة 13%، الإخوة والأخوات بنسبة 11%، الإخوة الذكور بين بعضهم بنسبة 10%. 

وفي هذا الصدد، قالت الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة سلمى النمس: إن تزايد العنف في الأردن “يحتاج إلى وقفة جادة من منظومة الحماية في الأردن سواء من خلال إعادة التعريف بالخدمات أو تجويدها أو مراجعة التشريعات التي من شأنها ردع المعتدين وتشديد العقوبات خصوصاً في حالات العنف داخل الأسرة لأنها تؤثر بشكل سلبي على المجتمع الأصغر وتعيق تحقيق التنمية المستدامة”. 

ربما يعجبك أيضا