في طهران.. «المقداد» يناقش التحالف الاستراتيجي أم خطة إيران للانتقام من الجولان؟

يوسف بنده

رؤية

وصل وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، الذي تولي منصبه بعد وفاة وليد المعلم، فجر الإثنين الماضي، إلى طهران، التي تعد أولى محطات جولاته الخارجية.

وشدد الرئيس الإيراني، حسن روحاني، على أن إيران “ستواصل عزمها وإرادتها على دعم سوريا حكومةً وشعباً كحليف استراتيجي، وستقف دائماً إلى جانب سوريا حتى النصر النهائي”.

وقد أرسلت إيران مساعدات مالية وعسكرية إلى بشار الأسد منذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، لكنها زعمت دائمًا أن وجودها في سوريا “استشاري”.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، عن روحاني القول إن العلاقات «ستستمر بقوة وبإرادة وقرار مسؤولي البلدين». وأضاف: «لا يساورنا أي شك في أننا يجب أن نستمر في المقاومة حتى النهاية والقضاء على الإرهابيين». وقال روحاني إن طهران «ستقف دائماً إلى جانب سوريا، حكومةً وشعباً… وسنظل دائماً إلى جانب هذا البلد حتى النصر النهائي».

ووصف المقداد العلاقة بين طهران ودمشق بأنها «من أكثر العلاقات السياسية في العالم قيمة ونزاهة»، وأضاف: «نعتقد أن على الدول الأخرى أن تتعلم كيفية بناء علاقة صداقة حقيقية وكيفية مواصلتها بقوة».

وأكد أن «العلاقات بين سوريا وإيران استراتيجية، وطهران ستبقى إلى جانب سوريا، شعباً وحكومة، حتى تحقيق النصر النهائي». وشدد على أن «مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب، هدف مشترك بين سوريا وإيران»، مضيفاً أنه «لا شك في أن المقاومة ستستمر حتى القضاء على الإرهاب في المنطقة».

وقال روحاني: «نجدد إدانة اعتراف إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالجولان السوري المحتل كجزء من إسرائيل، ونؤمن بأنه ينبغي مواصلة المواجهة مع (إسرائيل) حتى تحرير الأراضي المحتلة من بينها الجولان». وتابع: «نؤمن بأن مسار آستانة يخدم مصالح سوريا ووحدة أراضيها، وسنكمل هذا المسار بجدية».

وثمّن الرئيس الإيراني تعديلات الدستور السوري، قائلاً: «نثمّن إجراءات الحكومة السورية لتعديل الدستور، ونأمل أن تشهد سوريا العام المقبل انتخابات عامة تشارك فيها التيارات السياسية كافة». وأشار إلى أن «إيران اختبرت أسوأ العقوبات خلال السنوات الثلاث الماضية»، مؤكداً أنها «تدرك الظروف الصعبة التي يمر بها الشعب السوري جراء الإرهاب والعقوبات».

كما لفت روحاني إلى أن «الهدف من اغتيال (قائد فيلق القدس) قاسم سليماني، هو الانتقام من مقاومة إيران وشعوب المنطقة»، وأضاف أن «الهدف من اغتيال (العالم النووي الإيراني) فخري زاده، هو الانتقام من التطور العلمي والتكنولوجي».

وكان المقداد قد التقى في وقت سابق اليوم، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، والذي رأى أن «أمريكا تهدف من وراء وجودها في سوريا إلى تهريب نفطها وضمان أمن (إسرائيل) وتوسيع خلايا (داعش) الإرهابية في المنطقة»، وشدد على ضرورة «وضع نهاية للوجود الأمريكي الشرير في المنطقة».

وأشاد المقداد خلال اللقاء بالدعم الشامل الذي قدمته طهران لسوريا في مكافحة الإرهاب.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان: إن المسؤولَين ناقشا خلال اللقاء «القضايا الثنائية والإقليمية والدولية فضلاً عن الحرب المشتركة ضد الإرهاب». وشدّد ظريف على «ضرورة اليقظة والتشاور» بين إيران وسوريا بسبب «التطورات الإقليمية الأخيرة».

الانتقام من إسرائيل

رغم أن المؤشرات الصادرة عن طهران، بعد اغتيال عالمها النووي العسكري البارز محسن فخري زاده، توحي بأنها لن ترد في وقت قريب، فإن الدوائر الأمنية في المنطقة لا تزال متأهبة، تحسباً لأن طهران قد تختار الذكرى السنوية الأولى لاغتيال جنرالها البارز قاسم سليماني في الأيام الأولى من يناير، كموعد لانتقام مزدوج لسليماني وفخري زاده.

وحسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فقد كشف مصدر رفيع المستوى في «فيلق القدس»، الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري» الإيراني، أن طهران استطاعت، خلال الشهرين الماضيين، إرسال كميات كبيرة من مواد صناعة الصواريخ إلى سورية ولبنان، على الرغم من قيام الإسرائيليين والأمريكيين باستهداف بعض قوافل الأسلحة الإيرانية.

وأوضح المصدر أن الكميات المرسلة تكفي لصناعة 200 ألف صاروخ قصير ومتوسط المدى من نوع أرض-أرض، وأرض-جو، وأرض-بحر، وتم توزيعها في معامل صناعة الأسلحة بشمال سورية ولبنان.

ولفت إلى تمكُّن الإيرانيين من إرسال محركات الصواريخ والوقود الخاص بها وأجهزة إلكترونية أيضاً، إضافة إلى أن فرقاً هندسية من «الحرس الثوري» بدأت العمل مع فرق هندسية من الجيش السوري و«حزب الله» اللبناني، لتركيب هذه الصواريخ التي ستكون جميعها من الصواريخ الدقيقة أو ذات التوجيه الإلكتروني.

وأضاف أن بعض هذه الصواريخ مجهز بتكنولوجيا إلكترونية جديدة، وتعمل على أساس مبدأ صواريخ كروز وهي مشابهة للطائرات من دون طيار، حيث يتم تزويد الصاروخ ببيانات الهدف وتضاريسه، ويستطيع إصابة أهدافه في شعاع لا يزيد على عشرة أمتار، ويطير على مستوى منخفض جداً لا يمكن للرادارات كشفه.

وقال المصدر إن سبب تجهيز القوات الموالية لإيران في سورية ولبنان بهذه الصواريخ هو نجاح بعض الفصائل الفلسطينية، التي استخدمتها، في اختراق منظومة الدرع الحديدية الإسرائيلية، وكذلك النجاح عند استهداف منشآت أرامكو بالسعودية في تجاوز الرادارات الأمريكية.

وتأتي هذه التطورات في وقت لا يزال التوتر العسكري يحوم فوق المنطقة. ورغم استبعاد إمكانية ضربة أمريكية لمنشآت إيران النووية، فلا تزال تقارير إسرائيلية، أحدها نشر في صحيفة «معاريف» أمس، تقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يجد نفسه مضطراً إلى توجيه ضربة عسكرية لإيران، قبل مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير، لثنيها عن تسريع وتيرة برنامجها النووي، بما في ذلك رفع نسبة التخصيب إلى 20%، حسب القرار الذي ألزم مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) حكومة الرئيس حسن روحاني بتنفيذه.

ويأتي الكشف عن هذه «الدفعة» الإيرانية لمصانع السلاح في لبنان وسورية، بعد موقف بارز للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، في مقابلة مع الكاتب الصحافي البارز توماس فريدمان، شدد فيه على أن الصواريخ الدقيقة، التي تثير هواجس إسرائيل وبعض دول الخليج من إيران، تأتي في المرتبة الثانية من الخطورة بعد البرنامج النووي، الذي تجب معالجته أولاً بالعودة إلى اتفاق 2015.

فتح جبهة الجولان

وحسب تقرير الصحيفة الكويتية، فقد طرح المسؤولون الإيرانيون بإلحاح على وزير الخارجية السورية فيصل مقداد، خلال زيارته إلى طهران، ضرورة إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالموافقة على فتح جبهة الجولان ضد إسرائيل، إذ إن بشار الأسد ما زال مصراً على أن الجيش السوري لا يتحمل فتح جبهتين داخلية وخارجية، في حين أن الإيرانيين يعلمون جيداً أنه يتعرض لضغوط روسية بهذا الشأن.

إلى ذلك، أكد مصدر في قيادة الأركان الإيرانية أن أوامر صدرت للجيش الإيراني أمس بالانضمام إلى “الحرس الثوري” في تغطية وحماية المنشآت النووية في نطنز وبوشهر، وبالفعل قام الجيش بنقل وتركيب صواريخ S300 الروسية في المنشأتين اللتين كان “الحرس” يؤمنهما بصواريخ باور 373.

وحسب المصدر، اتُّخذ هذا القرار بعد انكشاف مدى الاختراق الأمني الذي يواجهه “الحرس” والذي ظهر في اغتيال فخري زاده، وضرورة تنويع وزيادة الدفاعات في هذه المراكز.

ويأتي الحديث عن ضغوط إيرانية لفتح جبهة الجولان، بينما يدور حديث آخر، عن إمكانية استعادة سوريا لهضبة الجولان في ظل عمليات التطبيع مع إسرائيل في المنطقة العربية. حيث قال الرئيس السوري بشار الأسد، في أكتوبر الماضي، إن بلاده مُستعدة لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل “عندما نستعيد أرضنا”، في إشارة إلى هضبة الجولان، التي تسيطر عليها إسرائيل من سوريا، منذ 5 يونيو/ حزيران 1967.

وقال بشار الأسد: إن “موقفنا واضح جدًا منذ بداية محادثات السلام في تسعينيات القرن العشرين، أي قبل نحو ثلاثة عقود، عندما قلنا: إن السلام بالنسبة لسوريا يتعلق بالحقوق. وحقنا هو أرضنا”.

وأضاف الأسد: “يمكن أن نقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل فقط عندما نستعيد أرضنا”، مُعتبرًا أن “المسألة بسيطة جدًا.. ولذلك، يكون الأمر ممكناً عندما تكون إسرائيل مُستعدة، ولكنها ليست كذلك وهي لم تكن مستعدة أبدًا”.

وتابع الرئيس السوري: “لم نرَ أي مسؤول في النظام الإسرائيلي مُستعد للتقدم خطوة واحدة نحو السلام. وبالتالي، نظريًا نعم، لكن عملياً، حتى الآن فإن الجواب هو لا”.

ربما يعجبك أيضا