انشقاق في حزب الليكود.. متى يسقط الملك بيبي؟

محمد عبد الدايم

كتب – د محمد عبدالدايم

المرشح السابق على رئاسة الحزب يعلن سعيه لإسقاط نتنياهو.
تأسيس حزب جديد ينافس هاليكود الذي أصبح أداة لرئيس الحكومة.
ترحيب من المعارضة بخطوة ساعر.
تغييرات مرتقبة في خارطة توزيع مقاعد الكنيست في حال إجراء انتخابات.

أعلن جدعون ساعر، عضو الكنيست عن حزب هاليكود، انشقاقه عن الحزب الحاكم، وسعيه لتأسيس حزب جديد ينافس به في الانتخابات المقبلة، وكذلك أعلن أنه سيتقدم باستقالته من الكنيست، لزوال صفته الحزبية التي حصل بها على مقعده.

ساعر، منافس نتنياهو بحزب هاليكود وزعيم جناح المعارضة بالحزب، هاجم بيبي واعتبر أنه حول الحزب إلى مطية لصالح أغراضه الشخصية، كما فشل في إحداث تغييرات إيجابية خلال رئاسته للحكومة، على مستوى الإدارة السياسية وكذلك مواجهة وباء كورونا، في بيانه الموجه لوسائل الإعلام قال ساعر: “لم يعد بإمكاني الاستمرار في تأييد نتنياهو، ولا أن أكون عضوا بـ هاليكود تحت رئاسته، فقد تحول الحزب إلى أداة تخدم المصالح الشخصية لرئيس الوزراء، وخرج الأمر عن الأطر السياسية وتحول إلى عبادة الأشخاص وطي الأعلام، مع تشويه الخصوم السياسيين، في غياب للنقاش الجدي حول أمور السياسة”.

أضاف ساعر بأن إسرائيل تعيش خلال السنتين الأخيرتين “أزمة سياسية هي الأخطر في تاريخها، وأصبح الخطاب العام سامًا بشكل متزايد، وتراجعت ثقة الجمهور في النظام السياسي، إلى جانب مواجهة فاشلة لوباء كورونا أثمرت عن أزمة اجتماعية واقتصادية كبيرة”.

3104350 46

خائن لناخبيه، وترحيب من خصوم نتنياهو

بالطبع واجه ساعر هجومًا كبيرًا من أقطاب هاليكود، وحيث اعتُبر “خائنًا للناخبين”، ويسعى لادعاء مجد شخصي، وفي المقابل نالت خطوته بالانشقاق ترحيبًا من خصوم نتنياهو، فقد صرح أفيجدور ليبرمان رئيس حزب يسرائيل بيتينو أن انشقاق ساعر ستتبعه انشقاقات أخرى بحزب هاليكود، مما يؤكد فشل نتنياهو، فيما رحب زعيم المعارضة يائير لابيد، رئيس حزب ييش عاتيد، بانشقاق ساعر، قائلا: “أهنئ ساعر على قراره الشجاع بالاستقلال، رغم خلافنا حول العديد من القضايا، لكن السياسة الإسرائيلية بحاجة إلى أشخاص لائقين لا يخضعون للسلطة والفساد”.

كذلك رحب عضو الكنيست عوفر شيلح، عن تكتل ييش عاتيد تيلم، بانشقاق ساعر، واعتبر أنه “جريء وشجاع فعل الأمر الصائب، ولم يعد مستعدًا للانضمام إلى حزب بيبي”.

2929803 46

تغييرات جديدة في خريطة الأحزاب والتكتلات السياسية

ساعر هو المنافس الأكبر لنتنياهو داخل الحزب الحاكم، وكان الوحيد الذي نافسه في الانتخابات الداخلية التي جرت في ديسمبر من العام الماضي، وفاز نتنياهو بأغلبية ساحقة وصلت إلى 75% من أصوات المنتسبين للحزب، ورغم أن ساعر أحد الخمسة الأوائل في ترتيب أعضاء الحزب الذين فازوا بمقاعد في الكنيست؛ فإنه لم يتم تعيينه وزيرا في حكومة نتنياهو- جانتس.

انشقاق ساعر عن هاليكود واستقالته من الكنيست تعنيان إمكانية انضمامه لحزب آخر ينافس به أو تدشينه لحزب سياسي جديد، مما يرفع عدد الأحزاب السياسية القائمة، ويعني هذا مزيدًا من تكسير الكتل التصويتية، مع تفتيت أصوات الناخبين.

جدير بالذكر أن جدعون ساعر قد صعّد انتقاده للحكومة خلال الأسابيع الماضية، كما استقال من لجنة الدستور بالكنيست احتجاجا على سياسة مواجهة كورونا، ويبدو أنه لن يكون الوحيد الذي يترك هاليكود، فهناك آخرون من المتوقع انشقاقهم، ومن بينهم ميخال شير المحسوبة على جناح المعارضة الداخلية بحزب هاليكود، وكذلك عضو الكنيست يفعات شاشا بيطون التي تولت رئاسة لجنة كورونا بالكنيست، ورفضت 7 من 11 قرارًا قدمتها إليها حكومة نتنياهو- جانتس، مما عرضها لهجوم شديد من الحزب والحكومة، ورغم أنها لم تستقل من رئاسة اللجنة بعد، فإن صلاحيات لجنتها تم اقتصاصها بشكل كبير، لتصبح رئاستها شكلية، وبعد انتشار أخبار حول انشقاقها ولحاقها بجدعون ساعر؛ صرحت شاشا بيطون أنها إذا اتخذت قرارًا سوف “تقف أمام الجمهور لتعلن قرارها بكل شفافية”.

هذه التوقعات بانشقاق أعضاء آخرين من هاليكود يمكن أن تفضي إلى قيام حزب سياسي جديد على غرار ما حدث في 2005 عندما انسحب أرئيل شارون من هاليكود بعد تنفيذ خطة فك الارتباط عن قطاع غزة، ووقوف نتنياهو ضده في مواجهة كبيرة داخل هاليكود، مما دفع شارون للانشقاق وتأسيس حزب قاديما (إلى الأمام)، وتبعه عدد من أعضاء هاليكود، على رأسهم تسيبي ليفني، مؤخرًا كذلك تأسس حزب ديريخ إيرتس (طريق الوطن) الذي أسسه عضوا الكنيست يوعاز هندل وتسيفي هاوزر اللذان انشقا عن حزب تيلم برئاسة موشيه يعلون، كما يفكر رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق جادي أيزنكوت في دخول الساحة السياسية.

نتنياهو يكسب مزيدًا من الخصوم

3048549 46

هذه التغييرات المتتالية يُتوقع أن يتبعها تغييرات أخرى في الهيكل العام للكتل السياسية المتنافسة في الانتخابات الإسرائيلية القادمة، وتشير استطلاعات الرأي إلى استمرار صعود كتلة يامينا التي تجمع حزبي هايمين هاحادش (اليمين الجديد)، وهاإيحود اللئومي (الاتحاد القومي)، ويتزعمها نفتالي بينت، وزير الدفاع السابق، الذي يواصل هجومه على نتنياهو وحكومته، ويبدو أنه بدأ يكتسب شعبية جديدة، تؤهله، وفقًا لاستطلاعات الرأي، للحصول على عدد من المقاعد تدفعه في المركز الثاني خلف حزب هاليكود، فيما يستمر تراجع حزب كاحول لافان برئاسة بيني جانتس بعد أن ظهر خلال الأشهر الماضية كظل باهت لم يقدم أوراق تزكيته كسياسي يثق فيه الجمهور، وكذلك تشير استطلاعات الرأي إلى تراجع القائمة العربية المشتركة، التي تملك 15 مقعدًا في الكنيست الحالي.

إذا ما قرر جدعون ساعر تدشين حزب سياسي جديد، فإنه سيكون محسوبًا على اليمين المعارض لنتنياهو، مثل يائير لابيد وأفيجادور ليبرمان، ورغم التوقعات بخسارة حزب هاليكود لعدد من المقاعد؛ فإنه يظل حتى الآن الحزب صاحب المركز الأول، لكن في حالة إجراء انتخابات جديدة مع استمرار الخلاف بين نتنياهو وجانتس، فإن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة سوف يكون محطًا بصراع كبير بين الخصوم السياسيين الذين كانوا حتى فترة قريبة للغاية حلفاء سياسيين.

نتنياهو في الوقت الحالي يواجه خصومة من رفاقه السابقين: ليبرمان، وبينت، وشاقيد، وينضم إليهم جدعون ساعر، والقوس ما يزال مفتوحًا، مع توقعات بمزيد من المنشقين عن هاليكود، وبالطبع يتربص زعيم المعارضة يائير لابيد، وكذلك بيني جانتس الذي يبدو أنه سيفشل في إجبار بيبي على تنفيذ اتفاق الائتلاف الحكومي الذي يقضي بتولي جانتس رئاسة الحكومة العام المقبل.

ربما يعجبك أيضا