الانتقام الصعب .. هل تخطئ إيران وتهاجم إسرائيل؟

يوسف بنده

رؤية

في الثاني من يناير/ كانون الثاني، هاجمت الولايات المتحدة قافلة سيارات تقل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس خلال عملية في بغداد وقتلتهما مع عدد من مرافقيهما.

ومنذ ذلك الحين، صرح المرشد الأعلى والمسؤولون العسكريون والحكوميون في الجمهورية الإسلامية مرارًا بأنهم سيقومون “بالانتقام الصعب”.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن المسؤولين الأميركيين قلقون من قيام إيران بهجوم انتقامي في ذكرى مقتل سليماني.

وجاء اغتيال فخري زاده في وقت تتصاعد فيه التوترات، حيث تخشى طهران من أن يشن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب هجوما عليها قبيل مغادرته البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني القادم.

وحسب تقرير من تل أبيب لمحلل الشؤون الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلي يوسي ميلمان، فإن احتمالات إقدام إيران على الانتقام بعد انقضاء بضعة أيام على مقتل فخري زاده في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني سرعان ما انحسرت.

وربما يكون السيناريو المأمول أن تثأر إيران لاغتيال عالمها النووي من الولايات المتحدة، الأمر الذي لن يجد ترامب بعده مناصا سوى إعلان الحرب على طهران.

فإن كان ذلك هو مخطط نتنياهو وترامب، فإنهما بذلك يريدان -برأي ميلمان- إحراج الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن؛ إلا أن القادة الإيرانيين أدركوا “المؤامرة الإسرائيلية الأميركية، فقرروا ألا يقعوا في الفخ”.

ويمضي الكاتب: بالرغم من أن إيران ما تزال تسعى للانتقام وتتأهب استخباراتها للقيام بذلك؛ إلا أنها تتنظر بفارغ الصبر تولي إدارة بايدن الحكم، على أمل أن يعودوا إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

ويختتم ميلمان: على عكس ما يصوره نتنياهو والجمهوريون الأميركيون من أن بايدن “ضعيف ومتساهل” إزاء إيران؛ إلا أنه لا يأتمر بأمرها، فهو يريد إحياء الاتفاق النووي، ويعيد إيران إلى الأسرة الدولية؛ لكن ليس بأي ثمن. كما يأمل بايدن إقناع إيران بتوسيع الاتفاق النووي بحيث يعالج القضايا المتعلقة بالصواريخ بعيدة المدى، وتدخلات طهران “المزعزعة” لاستقرار منطقة الشرق الأوسط ودعمها للجماعات المسلحة.

إسرائيل هدف محتمل

قال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، في اجتماع افتراضي، إن إيران قد تهاجم إسرائيل ردًا على مقتل محسن فخري زاده، العضو البارز في الحرس الثوري. وتابع “ماكنزي”: “إيران مرتبكة بعد مقتل محسن فخري زاده، وقد ترد بمهاجمة إسرائيل”

وذكر أن “إيران عادةً ما تتصرف ببطء وتعطي وقتًا لردودها”. وأضاف ماكنزي أن “الولايات المتحدة قلقة من أن الميلشيات الإيرانية في العراق ستتخذ إجراءات ضد الولايات المتحدة”.

وأشار ماكنزي أيضًا إلى أن الحكومة العراقية تواجه “بشكل مؤثر” هذه الجماعات المسلحة. وأضاف قائد القيادة المركزية الأميركية: خليفة “قاسم سليماني” في الحرس الثوري ليس له التأثير الذي كان يمتلكه “سليماني”، وعجز إيران عن إخراج الولايات المتحدة من العراق يشير إلى ضعف خليفة “سليماني”.

تأهب أمريكي

وقد أفادت صحيفة بوليتيكو، نقلًا عن مصدر عسكري أميركي، أن الجيش الأميركي وضع قواته في حالة تأهب قصوى في الشرق الأوسط استعدادًا لهجوم إيراني محتمل.

وبحسب التقرير، فإن البنتاجون على وجه الخصوص يراقب تحركات الميلشيات المدعومة من إيران في العراق.

وقال المصدر العسكري، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن القوات الأميركية في حالة تأهب قصوى لمنع أي عدوان إيراني محتمل على القوات الأميركية وقوات حلفائها في المنطقة.

وأضاف أن “البنتاجون قلق من أن طهران ستستغل نقل السلطة في الولايات المتحدة، وانسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان، والذكرى السنوية لاغتيال قاسم سليماني القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، للهجوم”.

وأكد هذا المسؤول العسكري الأميركي أن البقاء في حالة تأهب في مثل هذا الموقف هو خيار حكيم: إن الخطوة الأميركية “ليست ذات طبيعة هجومية”.

وقال “الخطة هي أن نكون في وضع دفاعي قوي لوقف أي عمل عدائي محتمل”.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) الخميس أنها أرسلت قاذفتين قنابل من طراز B-52 من قاعدة باركسديل في لويزيانا إلى الشرق الأوسط بهدف “منع أي هجوم” في المنطقة.

وفقًا لـ “بوليتيكو”، اتخذ الجيش الأميركي في الأسابيع الأخيرة إجراءات أخرى، مثل إرسال حاملة طائرات “يو إس إس نيميتز” أيضًا إلى الشرق الأوسط.

كما أفادت وكالة “أسوشييتد برس”، بأن إرسال القاذفتين الأمريكيتين، فوق أجزاء من الشرق الأوسط لإرسال رسالة “رادعة” إلى إيران.

وتعتبر هذه هي العملية الأميركية الثانية من نوعها في أقل من شهر.

وقال فرانك ماكنزي، قائد القوات الأميركية غربي آسيا (سينتكوم) في بيان: “إن قدرة القاذفات الاستراتيجية على التحليق حول العالم في مهمة مستمرة، ودمجها بسرعة مع العديد من الشركاء الإقليميين، يوضح علاقاتنا الوثيقة والتزامنا المشترك بالأمن والاستقرار في المنطقة.”

وأشارت وكالة “أسوشييتد برس” إلى أن هذه الخطوة تهدف إلى إعادة تأكيد التزامات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على الرغم من سحب قواتها من العراق وأفغانستان.

تأهب مليشيات إيران

ذكرت شبكة “سي إن إن” أن المسؤولين الأميركيين قلقون بشكل متزايد من تحركات المسلحين المدعومين من إيران في المنطقة، في ظل التوتر الحالي.

ونقلت “سی‌ إن ‌إن” عن مسؤولين دفاعيين مطلعين قولهم إن “الميلشيات العراقية المدعومة من إيران وصلت إلى مستوى عالٍ من الاستعداد في الأيام الأخيرة”، مما أثار مخاوف جديدة بشأن احتمال هجوم على القوات الأميركية أو المقار الدبلوماسية الأميركية لدى العراق.

وقال مسؤول أميركي لهذه الشبكة: “هذا أمر مقلق؛ لدينا معلومات عن استعداد المسلحين”.

إلى ذلك، رفض المسؤول الأميركي الإدلاء بمزيد من التفاصيل بسبب حساسية المعلومات، لكنه قال إنه بالنظر إلى حقيقة أن الميلشيات المدعومة من إيران تحتفظ دائمًا بمستودعات الصواريخ والمدفعية، فإن جميع “القدرات” الضرورية لهذه الجماعات المسلحة موجودة الآن في العراق.

وأضافت “سي إن إن” أنه على الرغم من عدم وجود مؤشر واضح على اتخاذ قرار بالهجوم، فقد قال المسؤول الأميركي إنه تم اتخاذ استعدادات في الأيام الأخيرة.

وأكدت الشبكة أن المسلحين العراقيين ينفذون هجمات صاروخية منذ سنوات، لكن التوترات تصاعدت في المنطقة منذ مقتل محسن فخري زاده القيادي في الحرس الثوري، وعشية ذكرى مقتل قاسم سليماني.

جبهة الجولان

تشير معظم التقارير إلى أن إيران تسعى للانتقام من إسرائيل عبر جبهة الجولان، وحسب تقرير صحيفة “نيزافيسمايا غازيتا” الروسية، فقد أظهرت زيارة وزير الخارجية السوري الجديد، فيصل المقداد، إلى إيران، وهي أول رحلة له في هذا الوضع إلى خارج البلاد، أولويات سياسة دمشق الخارجية.

وفي طهران، تلقى وزير الخارجية السورية وعدا بأن تستمر الحكومة السورية في تلقي المساعدة اللازمة حتى اللحظة التي تعود فيها جميع الأراضي إلى سيطرتها، بما في ذلك مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل.

حيث قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، في 8 من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، إن بلاده ستواصل دعم سوريا في مواجهة إسرائيل، حتى “عودة مرتفعات الجولان إلى سوريا”.

لم يكن لكلام روحاني عن الجولان إلا أن يثير قلق الإسرائيليين. خاصة وأن هذه المنطقة السورية، أصبحت، في الأشهر الأخيرة، مصدرا لمشاكل للدولة اليهودية. المسألة، هنا، لا تقتصر على إيران. ففي التاسع من ديسمبر، اضطرت وكالات إنفاذ القانون الإسرائيلية إلى استخدام القوة لتفريق الاحتجاجات في الجولان.

فقد طالب زعماء الطائفة الدرزية، عشية ذلك، سكان قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة بالتظاهر ضد خطط السلطات الإسرائيلية نصب أبراج توليد الكهرباء بالرياح في المنطقة. وقال الشيوخ في بيان إن تركيب توربينات الرياح “سيصادر أراضي الدروز ويحرمهم من مصدر رزقهم”.

وفي الصدد، أشار خبير مجلس الشؤون الدولية الروسي، كيريل سيميونوف، إلى أن زيارة المقداد لإيران أظهرت من هو، في الواقع، الحليف الأهم لدمشق الرسمية. إضافة إلى ذلك، أظهرت القيادة السورية أنها تخطط للبقاء عنصرا مدمجا في “محور المقاومة” الإيراني في المستقبل.

ربما يعجبك أيضا