كمين على الحدود السودانية – الإثيوبية.. قراءة في المشهد

محمد عبدالله
الجيش السوداني

رؤية – محمد عبدالله

توتر غير مسبوق في العلاقات السودانية – الإثيوبية يلوح في الأفق، إثر إعلان الجيش السوداني تعرض وحدة من قواته لكمين، من طرف مسلحين إثيوبيين داخل الأراضي السودانية، مؤكدا وقوع خسائر مادية وبشرية في صفوف قواته.

من جانبه ندد مجلس الوزراء السوداني بالهجوم، مؤكدا أنه يتابع باهتمام تطور الأحداث في السودان، في إشارة إلى المواجهات بين الجيش الإثيوبي والمتمردين في إقليم تيجراي.

علاقة الحادث بأزمة تيجراي

رغم أن الحادث الأخير، ليس الأول من نوعه، إذ ظلت منطقة الحدود السودانية الإثيوبية تشهد حوادث مشابهة طيلة السنوات الماضية، إلا أن الجديد هذ المرة بحسب الخبير الأمني الاستراتيجي أمين إسماعيل، هو القتال الخطير الذي اندلع في الرابع من نوفمبر الماضي في إقليم التيجراي الإثيوبي بين الجيش الإثيوبي ومقاتلي جبهة تحرير شعب التيجراي والذي أسفر عن مقتل المئات وفرار نحو 50 ألف من الإثيوبيين إلى داخل الأراضي السودانية بحثا عن الأمان.

وقال إسماعيل لـ «سكاي نيوز عربية» إن الجانب الإثيوبي يلقي باللوم في تأجيج تلك التوترات على عصابات مسلحة تنطلق من أراضيه، لكن السودان ظل دائما يرى أن الحكومة الإثيوبية يجب أن تعمل على ضبط تحركات المجموعات المسلحة التي تنطلق من أراضيها.

ويتوقع إسماعيل أن تزيد توترات إقليم تيجراي من تعقيدات الملف الحدودي، خاصة وأن الجيش السوداني سيكثف وجوده من أجل حماية أراضيه في المناطق المتاخمة للحدود الإثيوبية.

آبي أحمد: لن يكسر علاقاتنا بالخرطوم

من جهته، يرى رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أن الحادث لن يؤثر على العلاقات مع الخرطوم. وكتب أبي أحمد في تغريدة: «الحكومة تتابع عن كثب الحادث الذي شاركت فيه ميليشيا محلية على الحدود مع السودان».

وأضاف: «هذه الحوادث لن تكسر الروابط بين بلدينا لأننا ننتهج دائما لغة الحوار لتسوية الإشكالات. من الواضح أن أولئك الذين يثيرون الفتنة لا يفهمون قوة روابطنا التاريخية».

الحادث يأتي بعد يومين من زيارة رئيس الحكومة السودانية، عبدالله حمدوك، إلى أديس أبابا، ونقل إلى مسؤوليها مخاوفه بشأن التهديدات الأمنية على طول الحدود مع إقليم تيجراي، خاصة بعد اندلاع المعارك في بداية الشهر الجاري بين الجيش الإثيوبي ومتمردين، انعكس بشكل مباشر على الخرطوم في ظل نزوح آلاف الإثيوبيين إلى داخل الأراضي السودانية.

هل تورط الجيش الإثيوبي ؟

عسكريون سودانيون شاركوا في المعارك التي وقعت على الشريط الحدودي مع ميلشيات إثيوبية كشفوا عن تعرضهم لقصف مدفعي من الجيش الإثيوبي أثناء عودتهم.

وقال أحد الجنود لصحيفة ـ«سودان تربيون» إن القوة تعرضت لقصف مدفعي من الجيش الإثيوبي داخل الحدود السودانية بعمق 7 كلم عند جبل الطيور، مشيرا إلى أن القوات السودانية كانت تمارس عملية تمشيط في المنطقة ونجحت في التقدم لتتفاجأ بعدها بقصف وهجوم كثيف من عدة جهات.

وأكد الجندي أن عدد المصابين في الهجوم ارتفع الى نحو 27 عسكريًا لا يزال بعضهم في انتظار الإخلاء إلى القضارف لتلقي العلاج، مضيفا أن تكتيك الهجوم الذي تعرضت له القوة يشير إلى أنه من تدبير قوات منظمة وليس مليشيات فقط.

التوترات العسكرية وأزمة سد النهضة

في السابق كانت الخرطوم تتهم «العصابات» بالتوغل داخل أراضيها، إلا أن الحادث الذي وقع في مايو الماضي، والذي اتهمت فيه الخرطوم صراحة إثيوبيا بدعم الميليشيات المسلحة والتعدي على أراضيها كان تطورا لافتا يعكس حجم الأزمة بين البلدين.

وفق محللين فإن الخلاف الحدودي بين السودان وإثيوبيا وصل إلى الحافة، ويرى البعض أن التوترات العسكرية قد تلقي بظلالها على ملف سد النهضة في ظل حالة الاستقطاب الجارية، خاصة مع الرفض السوداني التوقيع على اتفاق ثنائي مع إثيوبيا لملء السد دون موافقة مصر، ما اعتبره البعض تغيرا في الموقف السوداني واصطفافه إلى جانب مصر.

ويتمدد نشاط الميليشيات الإثيوبية المسلحة داخل الأراضي السودانية منذ تسعينيات القرن الماضي حيث تعمد على الاستيلاء على آلاف الأفدنة الخصبة وزراعتها، لا سيما في منطقتي الشفقة الكبرى والصغرى والتي تقدر مساحتهما بنحو 6 آلاف كيلو متر.

ربما يعجبك أيضا