أنا البحر في أحشائه الدر كامن

كتبت – علياء عصام الدين

تعد اللغة العربية أحد أعرق عناصر الهوية وأهم أداة من أدوات التفاعل المجتمعي العربي، حيث تشكل وسيلة الانخراط المعرفي نحو المستقبل.

فاللغة العربية هي الأداة التي تحتضن كل سبل التواصل والتعبير والإبداع لأكثر من 400 مليون شخص حول العالم وفق إحصائية الأمم المتحدة لعام 2019.

وعلى الرغم من صلابة الأرض التي تقف عليها لغتنا العربية وامتلاكها الكثير من مقومات الصمود والبقاء مقارنة بغيرها من اللغات، فلا يمكن إنكار التحديات التي تواجهها لغتنا العربية لا سيما في مضمار القدرة على مجاراة عالم لا يقف ليلتقط أنفاسه للحظات.

وليس من باب المصادفة اختيار 18 ديسمبر من كل عام، يوماً عالمياً للاحتفال باللغة العربية حيث إنه تاريخ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل المقررة في الجمعية.

وتحتل اللغة العربية المركز الرابع على مستوى العالم من حيث الانتشار بعد الإنجليزية والصينية والهندية.

وتكمن ملامح التحدي في واقع اللغة العربيّة في عدة سياقات يصعب حصرها فبعيدًا عن ضعف الإنتاج والتأليف باللغة العربية وتركيز المؤسسات التعليمية في الدول العربية على تعليم اللغات الأجنبية بشكل أكبر فضلًا عن ضعف حركة الترجمة من وإلى اللغة العربية وانحسار دور المجامع اللغوية، يكمن التحدي الأكبر في القدرة على صون اللغة العربية في ظل المتغيرات الحديثة والثورة الرقمية والتكنولوجية وانتشار اللهجات العامية على حساب الفصحى.

ويمكن المساهمة في النهوض باللغة العربية لمواجهة زحف العامية والكلمات الغربية إليها من خلال زيادة تعريب المصطلحات الأجنبية إلى العربية لاسيما في مجال العلوم دعم مشروعات ترجمة آداب اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية زيادة وعي الجيل الجديد من الشباب بأهمية اللغة العربية والتصحيح المستمر من خلال التعاون بين المدرسة والأسرة في تصحيح الأخطاء الشائعة وتسهيل قواعد النحو العربي على الأطفال من خلال إنشاء مشروعات وتبني مبادرات متخصصة لذلك.

وتبرز قضية التحدث بالعامية، على حساب العربية الفصحى، في احتفالية هذا العام باليوم العالمي للغة العربية، فبحسب الأمم المتحدة، فإن موضوع الاحتفالية سيتناول حلول لغات عالمية، مكان اللغة العربية سواء في التواصل اليومي، أو الدراسة الأكاديمية، مع إشارتها إلى ما وصفته بـ “تناقص” استخدام العربية الفُصحى، مقابل توسع أكبر باستعمال اللهجات المحلّية، فأصبحت هناك “حاجة ملحة لصون اللغة العربية الفصحى من خلال جعلها متوافقة مع متطلبات المشهد اللغوي المتغير اليوم”.

وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أطلقت وزارة الثقافة والشباب في الإمارات العربية المتحدة تقريرا حول حالة اللغة العربية ومستقبلها الذي يشخص واقع اللغة العربية.

وتضمن التقرير مجموعة من الكلمات الافتتاحية ومقالات الرأي ودارسات الحالة للنهوض باللغة العربية في مختلف مناحي الحياة.

ويمكنكم الاطلاع على التقرير من خلال الرابط التالي:- تقرير حالة مستقبل اللغة العربية

وليس أبلغ في التعبير عن حال لغتنا العربية من كلمات الشاعر حافظ إبراهيم قبل 100 عقب الحملة الجائرة التي طالتها من قبل المستشرقين بغية تشويهها ودعم استخدام اللهجات العامية على حساب الفصحى، حيث قال بلسان اللغة العربية وهي تتحدث وتدافع عن نفسها:

رجعت لنفسي فاتهمت حصاتي      وناديت قومي فاحتسبت حياتي

رموني بعقم في الشباب وليتني     عقمت فلم أجزع لقول عداتي

ولدت ولما لم أجد لعرائسي          رجلاً وأكفاء وأدت بناتي

وسعت كتاب الله لفظاً وغاية         وما ضقت عن آي به وعظات

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة       وتنسيق أسماء لمخترعات

أنا البحر في أحشائه الدر كامن       فهل سألوا الغواص عن صدفاتي

ربما يعجبك أيضا