«الإقليم».. خيار العرب السنة في العراق أمام تغوّل مليشيات إيران

محمود سعيد

رؤية – محمود سعيد

عاد مجددا إلى الواجهة، الحديث عن إنشاء إقليم يضم المحافظات السنية في العراق، حيث تناقلت وسائل إعلام معلومات عن عقد مغلق، بين رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي وعدد من الشخصيات والقيادات السياسية السنية، لمناقشة عدد من الأمور ومنها ضرورة إنشاء إقليم سني.

والإقليم السني إن كتب له الوجود سيشمل الأنبار وصلاح الدين في مرحلة أولى تلتحق بهما نينوى وديالى فيما بعد، والدستور العراقي يتيح لمحافظة أو عدة محافظات المطالبة بإقليم إداري ضمن نظام العراق الاتحادي الفيدرالي، على غرار إقليم كردستان في شمال العراق.

في 2013م كان الحراك السني في ساحات الاعتصام الذي يحرص ممثلوه على رفع علم العراق في عهد حكم الرئيس الأسبق صدام حسين، قد دعا كل القيادات السنية لأخذ زمام المبادرة وإنقاذ ”ما تبقى لأهل السنة قبل فوات الأوان” وشدد حينها على مطالبة سنة العراق بتطبيق القانون الدولي للحصول على “حق تقرير المصير”، وقاد هذه الحملة “الحراك الشعبي السني” و”الحراك السني في العراق” في العراق حملة “إعلان الإقليم السني”، وهو كان يرى التطورات الخطيرة التي يشهدها العراق الآن وهي تعبر عن انقسام واضح في البلد.

رئيس البرلمان العراقي

رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، عقد اجتماعاً مغلقاً في مدينة الرمادي مع كوادر حزبية في محافظتي نينوى والأنبار، في سعي منه على مايبدو لتوسيع رقعته الانتخابية من جهة وسعياً لتثبيت ركائز تشكيل “الإقليم السني” المرتقب من جهة أخرى، وفق ما ذكره مصدر مسؤول. 

وقال المصدر، لوكالة شفق نيوز، إن “رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي عقد، اليوم، اجتماعاً في المقر العام لحزب تقدم شمال مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، مبيناً أن “اعضاء حكومة الأنبار المحلية وعدد من البرلمانيين الممثلين عنها قد حضروا الاجتماع أيضاً”، وأوضح، أن من بين الذين حضروا الاجتماع “هيبت الحلبوسي وعادل المحلاوي ويحيى المحمدي، بالإضافة إلى عدد من شيوخ ووجهاء المحافظة ومدراء مكاتب حزب تقدم في الأنبار”، مشيراً إلى أن “الاجتماع كان مغلقاً ولم يتم السماح لأحد بالدخول”، وبحسب المصدر، فإن “الحلبوسي يسعى لكسب محافظتي نينوى وصلاح الدين بهدف الحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد خلال الانتخابات القادمة، فضلاً عن كسب هذه المحافظات للاتجاه بها إلى الأقلمة التي يسعى إليها الحلبوسي”، وفق  قوله.

سلامة سنة العراق

بدوره قال رئيس حزب الوطن مشعان الجبوري، إن العراق في خطر والدولة مختطفة والفصائل الشيعية المسلحة تتصرف من منطلق عقائدي والعيش بات مستحيلا بدولة يقودها المسلحون”، معتبرا أن “تشكيل الإقليم السنّي قد يكون الضمان الوحيد لسلامة أبناء المكون و”السنّة” لا يسعون إلى السلطة”.

وأكد الجبوري أنه “اذا أفرزت الانتخابات مزيدا من القوة للفصائل فلا سبيل سوى خيار الإقليم”، مبينا “نحن ندعم الكاظمي ولكنه لم يتمكن من أن يكون صاحب السلطة الحقيقية فالإيرانيون هم من خطط لدخول داعش للانتقام من المكون السني”.

أسباب

ويشكو السنة من التهميش منذ وصول الشيعة إلى سدة الحكم عقب اسقاط النظام الذي كان يقوده الرئيس الراحل صدام حسين، على يد قوات دولية قادتها الولايات المتحدة في 2003، ويقول الكثير من الساسة السنة: إن السياسات الطائفية للحكومات العراقية المتعاقبة، المقربة من إيران، ساهمت بشكل كبير في ظهور تنظيم القاعدة، ومن ثم بروز تنظيم “داعش”.

ولا تزال المخاوف تساور السنة بشأن إمكانية تحقيق شراكة حقيقية في المرحلة المقبلة تمكنهم من إدارة مناطقهم بمعزل عن قادة العسكر وزعماء الحرب.

الأقاليم حق كفله الدستور

النائب عن تحالف القوى أحمد مظهر الجبوري، قال إن: “الأقاليم هي حق كفله الدستور الذي كتب بأيدي جميع القوى السياسية الممثلة لجميع المكونات بالتالي فهو حق مشروع.. ونحن لدينا شعور بالغبن نتيجة عدم الشعور بالشراكة الحقيقية إضافة إلى أن مناطقنا ما زالت أغلبها حتى اللحظة بعد تحريرها دون إعمارها أو إعادة العوائل النازحة إليها”.

فيما كشف برلماني سني لوكالة “شفق نيوز”، أن ما تشهده الأنبار من ثورة إعمار كبيرة وغير مسبوقة في العراق نتاج خطة بدائية لجعل المحافظة عاصمة للإقليم السني المقرر تشكيله العام القادم، بسبب فوضى الأمن  في الكثير من المحافظات السنية والامتعاض الطائفي من وجود قوات خارج منظومة الشرطة والجيش العراقي.

واقع سنة العراق

مئات الآلاف من أبناء العرب السُنة، من سكان مخيمات البؤس المنتشرة في كل حدب من مناطقهم، في مدنهم المحطمة والفاقدة للحد الأدنى من الخدمات العامة الضرورية، وما يضاهيهم من اللاجئين في كردستان والدول الإقليمية، يجدون أنفسهم يوما بعد آخر يدفعون أثمان تدهور كل شيء في العراق.

الأمر نفسه بالعراق، فقد تم تهجير مئات الآلاف من مناطق سنية في حزام بغداد كجرف الصخر وعدة مناطق في بغداد والبصرة وديالى، ولم يتم السماح لسكانها بالعودة، رغم أن الحكومة العراقية أعلنت مرارًا وتكرارًا أنها تعمل على عودة النازحين من “إقليم كردستان العراق” والمناطق الأخرى التي تم النزوح إليها (3 مليون نازح سني في كردستان العراق وحدها)، وللأسف بدأ الآلاف من العراقيين في الهجرة رفقة إخوانهم السوريين، الأمر الذي بات يشكل كارثة على توزيع المكونات السكانية في العراق.

مستقبل سنة العراق

وبالتأكيد فإن تجاهل الحكومة العراقية للمحافظات السنية والرغبة الجامحة في تطبيق فكرة الدكتاتورية على العرب السنة من الأسباب الرئيسية التي دفعت القوى السياسية للمضي نحو تأسيس الإقلايم السني، والمتأمل لما يجري في المحافظات العراقية ذات الأغلبية السنية من تهجير وتغيير ديموغرافي ممنهج واختراق إيراني عسكري، لا بد أن يشعر بالخطر العظيم الذي يهدد العراق.

ربما يعجبك أيضا