كتبت – أميرة رضا
بعد رحلة عطاء وإخلاص خيرة امتدت لأكثر من نصف قرن، خيم الحزن على دولة الإمارات العربية المتحدة، اليوم السبت، إثر الإعلان عن وفاة عقيدة علي المهيري، أشهر وأبرز معالجي الطب الشعبي بالدولة، ليرحل الرجال ويبقى الأثر عامرًا بمسيرة حافلة بالدروس والنجاحات.
ففي بيان حزين، أعلن عبدالله المهيري، نجل الفقيد، ظهر اليوم، خبر رحيل والده بكل آسى، في تغريدة له عبر حسابه الرسمي بموقع التدوينات القصيرة “تويتر”، قائلًا: “انتقل إلى رحمة الله والدي عقيدة علي المهيري اليوم السبت الموافق 2/1/2021 وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
رائد الطب الشعبي في الإمارات
ولد عقيدة علي المهيري في مدينة العين عام 1920 في وقت كانت فيه أبسط الأمراض قادرة على الفتك بحياة الآخرين، وكانت فيه الإمكانيات البسيطة والخبرات المتراكمة عند ذوي الخبرة في الطب الشعبي تساعد على إنقاذ حياة كثيرين.
توفي والده في مرحلة الشباب، مما اضطره للاعتماد على نفسه مبكرًا فعمل في العديد من المهن البسيطة.
وفي سن الـ20 عمل المهيري في مهنة الطب الشعبي، وتعلّم على يد جدته ممارسة الطب الشعبي، وتكونت لديه دراية عميقة بكيفية معالجة أكثر من 50 نوعًا من الأمراض الخطيرة.
واستطاع المهيري بذكائه أن يطور أدوات الحجامة، وعالج خلال ممارسته هذه المهنة الإنسانية آلاف المرضى، بعد أن حظي بمحبة واسعة في أرجاء المنطقة التي اشتهر بعلاج أهلها والتخفيف من معاناتهم.
المهيري.. المهنية والوفاء
بتفانٍ منقطع النظير، واصل المهيري عمله رغم تقدمه في العمري، وسخر خبرته في خدمة مجتمعه ووطنه على مدى عقود من العطاء، حيث قدم كل ما يستطيع تقديمه لكل من يلجأ إليه ممن يرون في الطب الشعبي فائدةً لهم، من غير مقابل أو بأجر زهيد تحت إلحاح المرضى.
ولم يبخل المهيري عن توفير أي معلومات تتعلق بمهنته للباحثين والدارسين المهتمين بالطب الشعبي من ناحية علمية حديثة، واستفاد من خبرته العديد من الناس في الدولة وخارجها، فقد علم كل من طلب منه هذا العلم سواء طلبة الطب أو الباحثين.
ولم تقف خبرة عقيدة المهيري عند حد معرفته الشخصية بل نقل هذه الخبرة لحفيده عيسى، وتعلم ذلك من جده وله دراية فيه ممارسًا الوسم على بعض المرضى.
تكريم وتقدير
وصف المهيري طوال حياته، بأنه موسوعة علمية وثقافية واجتماعية ملمة بجميع مجالات الحياة، إلى جانب إلمامه بالأنساب وأصولها، وبجغرافية الأرض في كل من أبوظبي والعين ودبي.
وبالإضافة إلى ذلك، توافرت لديه خبرة جيدة في ترميم الأفلاج وصيانتها، وحظي في ذلك بثقة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليساهم في ترميم وصيانة أفلاج العين المختلفة.
لذلك، كرمه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عام 2011 ومنحه “جائزة أبوظبي” تقديرًا لما قدمه من خدمات لأهالي المنطقة كواحد من أشهر المعالجين الشعبيين فيها.
وفي 2013، افتتحت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، مسجد “عقيدة علي جمعه المهيري” قرب مستشفى مدينة خليفة الطبية في أبوظبي.
أما في 2014 قرر مجلس أمناء معهد التكنولوجيا التطبيقية، إطلاق اسم المهيري أول طبيب أعشاب، والمواطنة سلمى الشرهان أولى الممرضات في الدولة، على المختبرين العلميين الرئيسيين في كلية فاطمة للعلوم الصحية في أبوظبي والعين.
وجاء ذلك في إطار توجه قادة الدولة الدائمة نحو ضرورة اتخاذ كافة الإجراءات والقرارات اللازمة لتكريم وتخليد أبناء الإمارات الأوفياء والمبدعين، الذين قدموا لوطنهم الكثير من الجهد والعرق والابتكار في عملهم.
وداع حزين
وبمشاعر الحزن والأسى، نعى قادة الإمارات، اليوم الفقيد الراحل بكلمات مبكية، إذ قال عنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية: “رحم الله تعالى عقيدة علي المهيري الذي سخر خبرته في خدمة مجتمعه ووطنه على مدى عقود من العطاء”.
وأشار إلى أنه “من رجالات الدولة المخلصين وأبنائها الأوفياء”.
ودعا ولي عهد أبوظبي للفقيد بأن يتغمده الله بواسع رحمته ورضوانه، مقدمًا خالص العزاء والمواساة إلى عائلته وذويه.
ومن جانبه نعى الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في تغريدة عبر حسابه على “تويتر”، الراحل قائلاً: “نتقدم بخالص التعازي والمواساة إلى قبيلة آل بومهير الكرام في رحيل عقيدة علي المهيري، أحد كبار دولة الإمارات ممن عملوا وأخلصوا فأحبه الناس وحفظوا سيرته وأعماله الطيبة، سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون”.
كذلك تقدم الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، بخالص التعازي والمواساة إلى آل بومهير، في وفاة المهيري.
وفي هذا الصدد، قال في تغريدة له، عبر تويتر: “رحم الله الفقيد أحد أبناء الوطن الذين كانت لهم إسهامات كثيرة في المجالات الاجتماعية والطب الشعبي”.
وفي نهاية تغريدته، دعا الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه.
ومن جانبه، نعى المعلق الرياضي علي سعيد الكعبي، الفقيد، عبر تويتر، قائلًا: “رحم الله عقيدة المهيري وأسكنه فسيح جناته، أحد أبناء هذا الوطن المخلصين، رحل عن دنيانا اليوم تاركًا خلفه سيرة عطرة بعد حياة حافلة بأعمال البر والخير”.
دفتر عزاء
على الفور، وبعد أن نشر عبدالله المهيري، نجل الفقيد، خبر وفاة والده عبر حسابه على موقع «تويتر»، تحول موقع التواصل الاجتماعي لدفتر عزاء، واصفين الراحل بأنه كان “أبًا مخلصًا” للشعب الإماراتي، لما قدمه خلال سنوات عمله من الخبرة والنصح والتوجيه للعاملين في هذا مجال الطب الشعبي، وللبصمة الخيرة التي تركها من بعده.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=604067