هل يمثل تنظيم داعش خطرًا في عام 2021؟

محمود رشدي

رؤية

رغم تعرض تنظيم “داعش” لضربات قوية خلال عام 2020، لاسيما داخل سوريا والعراق، على غرار القبض على العديد من قياداته البارزة والقضاء على بعض مجموعاته النشطة، إلا أنه ما زالت لديه القدرة على الاستمرار في نشاطه الإرهابي في مناطق مختلفة من العالم، لاسيما بعد أن اتجه إلى نقل ثقله التنظيمي إلى مناطق أخرى يتصاعد فيها نفوذ بعض المجموعات الفرعية الموالية له، خاصة بعد أن تحولت تلك المجموعات إلى تنظيمات عابرة للحدود، وفي مقدمتها تنظيم “ولاية الصحراء” الذي ينشط في بعض دول منطقة الساحل والصحراء. وربما تدفع تلك الضغوط التنظيم إلى التحرك على أكثر من مستوى خلال عام 2021 من أجل إثبات قدرته على البقاء رغم كل الخسائر التي منى بها في الفترة الماضية.

أزمة هيكلية

مثّل مقتل قائد التنظيم أبوبكر البغدادي في العملية العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية في محافظة إدلب السورية في 27 أكتوبر 2019، بداية مرحلة جديدة تعرَّض فيها التنظيم لخسائر كبيرة على المستويين البشري والمادي أدت إلى إضعافه وتقليص قدرته على تنفيذ عمليات إرهابية نوعية. وبدا أن تلك الضربات تتركز في العراق تحديداً بعد أن تزايد الخناق على التنظيم في سوريا، وهو ما انعكس في اعتقال أو قتل عدد من قياداته الرئيسيين، على غرار أبو سالم المولى مسئول ما يسمى بـ”جهاز الاستخبارات” الذي اعتقل مع معاونه في التنظيم، في 4 أكتوبر الماضي. حسبما أشار تقرير لمركز المستقبل للدراسات والبحاث المتقدمة.

وقبل ذلك، أعلنت السلطات العراقية، في 27 مايو الماضي، عن إلقاء القبض على أحد أهم قيادات “داعش”، والذي كان مرشحاً لخلافة أبوبكر البغدادي، وهو عبد الناصر قرداش، الذي تشير تقارير عديدة إلى أنه كان يتولى منصب رئيس اللجنة المفوضة في التنظيم، وضمن مجموعة القيادات التي كانت تقود المواجهات الميدانية في الباغوز.

وتوازى ذلك مع الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية في ملاحقة زعيم التنظيم الجديد حجي عبدالله الذي يلقب بـأبو إبراهيم الهاشمي القرشي، حيث جددت وزارة الخارجية الأمريكية، في 25 سبتمبر الماضي، عرضها بمنح مكافأة قيمتها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه.

توجهات محتملة

يمكن تحديد أبرز ملامح استراتيجية تنظيم “داعش” خلال العام القادم في التالي:

1- تعزيز النفوذ في سوريا والعراق: يبدو أن التنظيم سيحرص خلال العام المقبل على البقاء في سوريا والعراق، ليس فقط لأنهما كانتا المعقل الأساسي لمشروعه، وإنما أيضاً لأن إنهاء الوجود في الدولتين يعنى فقدان السيطرة على الفروع الخارجية، وانتقال المنصب الأهم إلى أحد قادتها، وهو ما لا يمكن أن يسمح به التنظيم الرئيسي، خاصة أن ذلك يعنى فقدان كل الامتيازات التنظيمية والمادية. ومن هنا، لا يمكن استبعاد إقدام قادة التنظيم الرئيسي على الإيعاز لخلاياه من أجل شن عمليات إرهابية نوعية في الدولتين، مستندين في هذا السياق إلى التحول من استراتيجية السيطرة الترابية إلى استراتيجية الانتشار التنظيمي.

2- التوسع في وسط أفريقيا: ربما تكون منطقة وسط أفريقيا إحدى المناطق التي سوف يسعى التنظيم إلى تعزيز نفوذه فيها خلال العام القادم، مستنداً في هذا السياق إلى وجود مجموعات موالية له في منطقة غرب أفريقيا، على غرار جماعة “بوكو حرام” النيجيرية. وقد كان لافتاً في هذا الصدد الهجوم الواسع الذي شنه التنظيم على سجن كانجباي المركزي في الكونغو الديمقراطية، في 20 أكتوبر الماضي، والذي أسفر عن فرار أكثر من 1300 من السجناء.

ويتوازى ذلك، مع حرص التنظيم على تعزيز نفوذه في منطقة الساحل الأفريقي، التي بات يعتبرها أحد معاقله الرئيسية، بعد الهزائم العسكرية التي تعرض لها في كل من سوريا والعراق. وبدا ذلك جلياً في دعوة المتحدث باسم التنظيم أبو حمزة القرشي، خلال الكلمة التي تم بثها في 18 أكتوبر الماضي، عناصر التنظيم في كل من نيجيريا ومالي والكونغو وبوركينا فاسو إلى توسيع نطاق العمليات الإرهابية التي يقومون بها خلال الفترة القادمة. وكان لافتاً هنا أن التنظيم حرص على ضم أهداف جديدة، وفي مقدمتها قادة وعناصر تنظيم “القاعدة” الذي يسعى بدوره إلى تعزيز نشاطه في تلك المنطقة، خاصة بعد تولي يوسف العنابي قيادته، والذي يعرف برفضه الشديد لوجود “داعش” في المنطقة.

ربما يعجبك أيضا