كتب – عاطف عبداللطيف وهدى إسماعيل
هنا شارع كامل صدقي بمنطقة باب الشعرية في القطاع الشمالي من القاهرة التاريخية، بنى الناصر صلاح الدين الأيوبي أسوار كبيرة شاهقة وممتدة تساندها أبراج للحراسة والاستطلاع والمراقبة خارج العاصمة؛ لحماية عواصم مصر الإسلامية الأربعة وقتئذ وهي: (الفسطاط، العسكر، القطائع، القاهرة) وأمام الأسوار العالية شيد قلعة الجبل في عام 572ه – 1176م.
وعندما آتى صلاح الدين الأيوبي كانت القاهرة الفاطمية محاطة بسور كبير في القطاع الشمالي؛ وهو السور الذي بناه الأمير بدر الجمالي 480هـ – 1087م.
أطلال
وعندما آتى الوزير بهاء الدين قراقوش بنى الجزء الغربي من أسوار القاهرة الشمالية، وهو السور المتبقي منه أجزاء وأطلال وأحجار في نهاية شارع باب البحر من ناحية باب النصر، وهو السور الممتد من الخليج المصري إلى شاطئ النيل (حدود النيل كانت في شارع رمسيس حاليًا).
وأسس السلطان صلاح الدين الأيوبي آنذاك بابين مع تلك الأسوار الشاهقة آنذاك، الأول باب البحر (أحد أشهر شوارع القاهرة حاليًا لبيع أدوات وماكينات الأطعمة وتجهيزات المطاعم وسوق خامات صناعة وخردوات الحلويات وياميش ومستلزمات رمضان وحلويات مولد النبي) من اتجاه شارع رمسيس حاليًا، والثاني باب الشعرية من جهة الأسوار الشمالية الفاطمية وباب النصر.
سبب التسمية
وسمي بباب البحر لأن نهر النيل أو بحر النيل كان يمر أسفل الباب عند ميدان رمسيس أو ما عرف في أيام الحملة الفرنسية على مصر بباب الحديد. وأزيل باب البحر في عهد محمد علي باشا عام 1847م لعمل توسعة في الميدان الفسيح.
أما باب الشعرية فما يزال الحي بمسماه وهي تسمية تعود إلى العصر الفاطمي من زمن جوهر الصقلي، وهي نسبة لقبيلة من البربر آتت مع “الصقلي” اسمهم بنوا شعرية طغوا في مصر ونهبوا ثرواتها وسكنوا تلك المنطقة ونسب اسم الباب إليهم عندما بناه صلاح الدين الأيوبي، وأزيل الباب نتيجة خلل في بنائه وتصدع مبانيه عام 1884م.
تاريخ مهمل
كان باب الشعرية مسجلًا ضمن كراسة لجنة حفظ الآثار العربية، لأن أجزاءً منه كانت باقية، لذا اعتبروه أثرًا من آثار القاهرة الكبرى، منها لوحة كبرى مكتوبة بالخط الكوفي مذكور بها بعض المعلومات الخاصة بالبوابة، كما وجدت بعض الأحجار الضخمة التي بني منها الباب محفور عليها نسور، التي كان يستخدمها المصريون وقتها للإشارة إلى صلاح الدين الأيوبي تبعًا لشجاعته وبسالته في الحروب، وبالرغم من التغيرات التي طرأت على المنطقة إلا أنها لا تزال تعرف باسم باب الشعرية.
المضحك المبكي في أسوار القاهرة الشمالية الشرقية أنها تعرضت للاندثار والدمار بفعل الإهمال والتعديات حتى أنها أصبحت مأوى للكلاب الضالة وجراج للسيارات ومرتع للحيوانات الضالة ومقهى.
ورغم الحديث عن خطط للتطوير وجهود مصرية حكومية ومؤسساتية لإحياء التراث والاهتمام بالآثار وحفظها من عوامل الزمن وتعديات الإهمال البشري، يبقى التنكر للتاريخ جريمة لا تغتفر.
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=605907