ملف المصالحة الفلسطينية يعود للواجهة مُجددًا

محمود

كتب – محمد عبدالكريم

عاد ملف المصالحة الفلسطينية إلى الواجهة مجددًا، مع تبادل الرسائل بين حركتي “فتح” و”حماس”، والإعلان عن قرب إصدار الرئيس الفلسطيني محمود عباس مراسيم بمواعيد الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني.

المُتحدّثون باسم الحركتين المَذكورتين أيّ “فتح و”حماس”، أكدوا أن هذه العودة للمُصالحة والانتِخابات بعدّة عوامل: أولهما الظّروف والتحدّيات الصّعبة والخطيرة التي تُواجِه القضيّة الفِلسطينيّة هذه الأيّام، إضافة إلى ضمانات من خمس دول رئيسيّة بدعم وتسهيل هذه المُبادرات والانتِخابات الثّلاثيّة التي ستتمخّض عنها، وهي مِصر وتركيا وروسيا وقطر والأردن، فيما أكدت حماس أنها تلقت ضمانات من دول صديقة بإجراء كل الاستحقاقات الانتخابية.

وكان الحوار قد توقف عند نقطة التتالي والتزامن في الانتخابات، وفق المصادر، إذ أرادت “حماس” أنّ تكون الانتخابات عامة وشاملة وفي وقت واحد، غير أنّ السلطة وحركة “فتح” أرادتاها متتالية، بدءاً بانتخابات المجلس التشريعي ومن ثم الرئاسة، وكانت تتجاهل الحديث عن انتخابات المجلس الوطني.

ونتيجة لغياب الثقة بين الطرفين انفضّت جلسات حوار القاهرة بكثير من التشنّج وبالعودة إلى التراشق الإعلامي، لكن بعد أيام فقط، حصلت “حماس” على ما كانت تنتظره: وعود من دول صديقة تؤكد إجراء السلطة الفلسطينية كل الاستحقاقات الانتخابية، بدءاً من التشريعية، مروراً بالرئاسة، وصولاً إلى انتخابات المجلس الوطني، وذلك في مدة أقصاها ستة أشهر.

ومع عودة الترتيبات الخاصة بالانتخابات، يبقى إصدار عباس مراسيمها عقب دعوة لجنة الانتخابات المركزية لبحث تفاصيل إجرائها. غير أنه تبقى الكثير من العقبات أمام إجرائها، وإذا لم تخضع للنقاش الداخلي فإنها قد لا تتم. ومن أبرز هذه العقبات، محكمة الانتخابات التي لم تنجز، والأمن المشرف على تنفيذها ومتابعتها، في ظل عدم اعتراف السلطة الفلسطينية بأمن غزة الذي تديره “حماس”، وهامش الحرية الممنوح للطرف الآخر، لا سيما لـ”حماس” في الضفة الغربية، إضافة إلى عقبات خارجية متوقعة أبرزها رفض الاحتلال الإسرائيلي إجراء الانتخابات في القدس المحتلة.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية قد أطلّ الأحد،  وأكد أن “المصالحة الفلسطينية هدف سامٍ يسعى إليه الجميع وننتظر لحظة إعلانه باتفاق فلسطيني شامل، وأننا ننتظر إعلان المصالحة للتفرغ لمواجهة الاحتلال وتحرير أرضنا”، مضيفاً أنه “نظراً للظروف ولضرورة مواجهة صفقة القرن والتطبيع فإن حركة حماس تجاوبت مع كل محاولات الوحدة”.

وقال هنية: إن “حماس لم توفر فرصة للمصالحة والوحدة إلا وسعت إلى تحقيقها وإنجازها”، مشيراً إلى أنه “قطعنا شوطاً كبيراً على طريق الاتفاق مع الإخوة في حركة فتح، وأنه “في الآونة الأخيرة اتصل العديد من الدول بحماس وفتح لاستئناف مسار الحوار الفلسطيني”، مشدداً على أنه “تعاطينا بشكل إيجابي مع اتصالات مصر وقطر وتركيا وروسيا لتفعيل مسار الحوار الفلسطيني”.

ولفت إلى أنه “نحن أمام مرحلة جديدة وواعدة لإنتاج اتفاق فلسطيني يفتح مرحلة جديدة في مسيرة شعبنا الفلسطيني، كما تحدث هنية عن أنّ كل وسائل النضال متاحة “وهدفنا مجلس تشريعي موحد وحكومة موحدة وبرنامج وطني مشترك”.

الرئيس الفلسطينيّ محمود عباس، رحّب بما جاء برسالة “حركة حماس” بشأن إنهاء الانقسام وبناء الشراكة وتحقيق الوحدة الوطنيّة، وانه قرّر دعوة رئيس لجنة الانتخابات المركزيّة حنا ناصر لبحث الإجراءات الواجبة لإصدار المراسيم الخاصّة بالانتخابات”.

كسرت ضمانات جديدة بإجراء الانتخابات الفلسطينية من دون تلاعب من قِبَل حركة «فتح»، هاجس الخوف لدى حركة «حماس»، ودفعت الأخيرة إلى إرسال موافقة نصيّة لرئيس السلطة محمود عباس، تتنازل فيها عن إجرائها بالتزامن.

وبحسب مصادر «حمساوية»، تلقّى رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، اتصالات عديدة، في الأيام الماضية، من عدد من المسؤولين العرب والأتراك، إضافة إلى مسؤول روسي، لبحث قضية المصالحة وإبلاغ الحركة تعهُّد عباس بإجراء الانتخابات الفلسطينية خلال ستة أشهر بالتتالي: التشريعية تليها الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني لـ»منظمة التحرير».

وأشارت المصادر إلى أن الجهود الأخيرة شملت المصريين والقطريين والأتراك والروس، متوقعةً أن يُصدر عباس، خلال أيّام، مرسوماً رئاسياً بالتواريخ والآليات والمناطق التي ستجرى فيها الانتخابات، وذلك بعد اجتماعه برئيس لجنة الانتخابات المركزية، حنا ناصر، في الأيام المقبلة، قبل وصول الأخير إلى قطاع غزّة لبحث الترتيبات مع حماس.

وبحسب مصادر فلسطينية، أنه في حال صدور المراسيم في الأيام القليلة المقبلة، يُتوقع أن تبدأ الانتخابات التشريعية الفلسطينية مطلع شهر آذار/ مارس المقبل، على أن تليها الانتخابات الرئاسية بعد 45 يوماً، والمجلس الوطني بعد 30 يوماً.

هذه التطورات أعقبت جولة لعباس هي الأولى منذ أشهر إلى عمان والقاهرة، التقى خلالها بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في أول جولة له منذ وقت طويل، وتأتي بعد أيام على استعادة التنسيق الفلسطيني الإسرائيلي.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، قال: إن الحكومة “جاهزة لوضع كامل إمكانياتها وجهودها خلال الفترة القادمة للتحضير لعملية انتخابية طال انتظارها”.

وتابع “نريد منها (الانتخابات) أن تكون خاتمة لفصل الانقسام من تاريخ شعبنا، وبداية ديمقراطية تمنح دفعة لمؤسساتنا ولقضيتنا”.

ومنذ 2007، يسود انقسام بين حركتي “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة، و”فتح”، ولم تفلح وساطات واتفاقات عديدة في إنهائه.

ربما يعجبك أيضا