مواجهة إيرانية-أمريكية .. شبح الحرب ما زال يخيم على المنطقة

يوسف بنده

رؤية

قال الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد في رسالة وجهها إلى الرئيس حسن روحاني، إن التطورات حول العالم تشير إلى أنه تم التخطيط لوقوع حرب مدمرة جديدة في الشرق الأوسط والخليج.

وقال في الرسالة: “يُستدل من كل التطورات والمواقف والأخبار التي تنشر في مختلف وسائل الإعلام حول العالم أنه تم التخطيط لوقوع حرب مدمرة جديدة في الشرق الأوسط والخليج”.

وأضاف: “يتعين على جميع المسؤولين منع اندلاع الحرب باتخاذ الإجراءات الضرورية والعاجلة، وأتوقع منكم، بصفتكم رئيس الجمهورية الإسلامية، بذل كل جهد ممكن في هذا الاتجاه، لمنع اندلاع الحرب”.

وختم أحمدي نجاد رسالته مؤكدا أنه “مما لا شك فيه أن دول المنطقة ستكون ممتنة للمسؤولين الذين بذكائهم وشعورهم بالمسؤولية سيمنعون الضرر المادي والروحي الذي يمكن أن يحصل بسبب الحروب”.

ولم يوضح أحمدي نجاد أسباب توقعاته، كما لم يذكر الدول التي تقوم بالتخطيط للحرب، حسب قوله.

تجدر الإشارة إلى أن نشر هذه الرسالة يأتي في حين استقبل حسن روحاني ومسؤولون آخرون في الحكومة الإيرانية، فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية بارتياح. كما أن هناك تقارير عن عودة الحكومة الأمريكية المقبلة إلى الاتفاق النووي مع طهران.

وأحمدي نجاد هو الرئيس السادس للجمهورية الإسلامية في إيران، وشغل المنصب من أغسطس 2005 ولغاية العام 2013.

وقد مرت الذكرى السنوية الأولى لمقتل الجنرال الإيراني الأشهر قاسم سليماني في 3 يناير بغارة أمريكية قرب مطار بغداد بسلام، لكن مسؤولين أمريكيين أشاروا إلى تقديرات استخبارية تفيد بأن احتمال إقدام إيران على عمل انتقامي قبل مغادرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 الجاري، لا يزال قائماً.

ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، عن مسؤولين أمريكيين، قولهم، إن هناك معلومات استخبارية تشير إلى أن إيران ربما لا تزال تستعد للرد.

وقال أحد المسؤولين، لم تذكر الصحيفة اسمه، إن القلق ينبع من أن تكون الضربة المنتظرة من إيران أكثر أهمية من الهجمات الصاروخية المتكررة، التي تشنها الميليشيات المرتبطة بإيران في العراق على القواعد التي توجد بها القوات الأمريكية أو على السفارة الأميركية في بغداد.

وأوضح مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن هويته في حديث مع الصحيفة: «إننا ما زلنا نعتقد أن إيران يمكن أن تنتقل بسرعة من التخطيط لعملية معينة إلى مرحلة التنفيذ دون سابق إنذار أو بدون إشعار»، مضيفاً: «القلق هو أن أي إجراء محتمل من إيران على القوات الأمريكية قد لا يبدو صغيراً كهجوم بالوكالة كما في السابق».

انتظار العودة للاتفاق النووي

وتوقعًا لعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الأربعاء، إنه إذا أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن “التوبة”، وعاد إلى المسار القانوني في الاتفاق النووي فسوف نرحب بذلك.

وأضاف روحاني أن إيران ستعود إلى الوفاء بالتزاماتها في الاتفاق النووي إذا التزم الطرف المقابل بتعهداته، معتبرا أن استمرار عدم التزام الطرف المقابل بتعهداته لن يخضع إيران أو يجعلها تستسلم.

وكانت إيران أعلنت هذا الأسبوع أنها رفعت نسبة تخصيب اليورانيوم في موقع فوردو النووي إلى 20% بعدما كان نحو 4% بموجب الاتفاق النووي الإيراني.

وقالت واشنطن تعليقا على الخطوة الإيرانية، إن ذلك يعتبر “محاولة واضحة لزيادة حملة الابتزاز النووي وهي محاولة ستستمر بالفشل”.

صب الزيت على النار

وفي إطار الخوف من تقديم ذريعة لواشنطن لتوجيه ضربة لإيران، فقد انتقد الخبير والمحلل السياسي جاويد قربان أوغلو، في مقال له بصحيفة “آرمان ملي”، السياسات التصعيدية التي أقدمت عليها إيران في الأيام الأخيرة، مثل زيادة تخصيب اليورانيوم واحتجاز سفينة كورويا الجنوبية، مؤكدا أن الحق القانوني قد يكون بجانب إيران لكن التوقيت غير مناسب للإقدام على مثل هذه الخطوات، لأن شرارة واحدة قد تؤدي إلى نيران حارقة، حسب تعبيره.

وأكد قربان أوغلو أن إيران لا تمتلك استراتيجية موحدة وانسجاما في مواقف ساستها في التعامل مع القضايا المختلفة.

كما أشار قربان أوغلو إلى حادثة احتجاز إيران لسفينة كوريا الجنوبية بذرائع مختلفة، وذكر أنه كان الأولى بإيران في هذه المرحلة أن تكتفي بالتحذير والإنذار وحتى الاحتجاز ثم إطلاق سراحها بشكل عاجل، موضحا أن الاستدلال باحتجاز كورويا الجنوبية لأموال إيران وتبرير احتجاز السفينة بهذا المنطق لا ينسجم مع القوانين الدولية في هذا المجال.

رسائل عسكرية

وقد أكد رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري أن القوات المسلحة الإيرانية سترد بقوة على أدنى خطا للعدو. وبين باقري أثناء تفقده وحدات وأنظمة الطائرات المسيرة التابعة للجيش، إن قطاع الطيران المسير في الجيش  يمضي نحو مسار التطور المميز وقال: “إن التدريبات التي قام بها جيش الجمهورية الإسلامية  الإيرانية والمناورات العديدة التي جرت في الخليج خلال الأيام الأخيرة وستجرى أيضا في الأيام المقبلة ،تكشف عن استعدادات التامة للقوات المسلحة  لمواجهة أي تهديد لأمن بلادنا العزيزة”.

وقد شهدت المناورات الكبرى لوحدات الطائرات المسيرة للجيش الايراني، في اليوم الثاني، أمس الأربعاء، تدمير اهداف برية وجوية عبر اطلاق صاروخ “آذرخش”.

وقال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، أمس الأربعاء، في رسالة وجهها إلى وزراء دفاع أكثر من 60 دولة بمناسبة مرور أربعين يوما على اغتيال العالم النووي الإيراني العسكري الأول في البلاد محسن فخري زاده، إن «هناك شواهد جدية حول دور أجهزة المخابرات، وخاصة جهاز استخبارات إسرائيلية، في اغتيال فخري زاده».

ورأى حاتمي أن الصمت في وجه هذا العمل سيؤدي إلى تكراره وانعدام الأمن في العالم، مؤكداً أن بلاده تحتفظ بحق الرد. وقدمت إيران تفاصيل متضاربة عن مقتل فخري زاده في كمين استهدف سيارته على طريق سريع قرب طهران.

وقال خبراء ومسؤولون، إن مقتل فخري زاده كشف النقاب عن ثغرات أمنية فادحة تشير إلى احتمال اختراق قوات الأمن، وتعرض إيران لمزيد من الهجمات.

من ناحية أخرى، أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، أمس أن «أيدي قواتنا على الزناد ونحن مستعدون دوما لساحة الحرب». وحذّر «العدو من ارتكاب أي خطأ في الحسابات»، قائلا إنه «لا يمكن السيطرة على غضب قواتنا البحرية في مياه الخليج في أي مواجهة عن قرب».

بدوره، أشار قائد القوات الجوية في الحرس اللواء علي حاجي زاده الى أن «قوات البحرية الأميركية باتت هدفاً سائغاً للجمهورية الإسلامية في مياه الخليج»، مؤكداً: «إذا ارتكبت أميركا أي خطأ مع إيران يمكننا استهداف قواتها على بعد سبعمئة كيلومتر عن السواحل الإيرانية».

تهديدات داخل الولايات المتحدة

وقد ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز» الأمريكية، أن العديد من مراقبي الحركة الجوية في نيويورك سمعوا تهديداً مخيفاً الإثنين الماضي، من خلال تسجيل يهدد بضرب مبنى الكونغرس بطائرة، انتقاماً لمقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، إلا أن قناة «فوكس نيوز» نقلت عن مسؤول بالأمن القومي القول إن «التهديد بضرب الكونغرس قد يكون خدعة».

وجاء في التسجيل الصوتي، الذي حصلت عليه شبكة «سي بي إس نيوز» حصرياً، أن «طائرة ستضرب مبنى الكابيتول (الكونجرس) يوم الأربعاء، انتقاما لسليماني».

وذكر تقرير «سي بي إس» أنه ليس من الواضح من يقف وراء التهديد، في حين أن الحكومة لا تعتقد أنه تهديد موثوق لشن هجوم ما، إلا أنه يتم التحقق منه باعتباره انتهاكا لترددات الطيران.

وقالت مصادر لشبكة «سي بي إس نيوز»، إن البنتاجون ووكالات أخرى تم إطلاعها أمس الأول على التسجيل الصوتي الرقمي. وتابعت إنها تعتقد أن التهديد كان يهدف إلى الإيحاء بضرب مبنى الكابيتول في نفس اليوم الذي من المقرر أن يقوم فيه الكونغرس بعد نتائج المجمع الانتخابي.

يأتي ذلك فيما قال خبراء، إن الاقتحام مثير للقلق، لأنه قد يؤثر على التعليمات التي يحصل عليها الطيارون حول كيفية وأين تطير الطائرات.

وقالت مصادر لشبكة «سي بي إس نيوز»، إنه تم إرسال رسالة إلى مراقبي الحركة الجوية أمس الأول؛ لتذكيرهم بضرورة الإبلاغ على الفور عن أي تهديد أو خروج طائرة عن مسار رحلتها.

ولم يعلق مكتب التحقيقات الفدرالي على الموضوع، لكنه قال إنه يأخذ «جميع التهديدات بالعنف على السلامة العامة على محمل الجد». في حين قالت إدارة الطيران الفدرالية إنها على اتصال مع الأمن الداخلي.

وقبل أيام هدد قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قآني، باستهداف المسؤولين الأمريكيين «من داخل أمريكا» وقتل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومسؤولين آخرين، بمن فيهم وزيرا الخارجية والدفاع، ورئيس المخابرات المركزية الأمريكية. وأمس قال قآني في كلمة بمدينة كرمان مسقط رأس سليماني، إنه لا يستبعد أن يكون هناك انتقام في عقر دار الأمريكيين، وأن المتورطين سيعيشون حياة الكاتب سليمان رشدي الذي أهدر مؤسس الجمهورية الإيرانية روح الله خميني دمه.

ربما يعجبك أيضا