بفعل الصين.. لغز الجائحة يزداد غموضًا

هدى اسماعيل

كتبت – هدى إسماعيل

لا تزال فرضية نظرية المؤامرة قائمة حول كيفية تفشي وباء كورونا، على الرغم من تأكيد العلماء أن الفيروس تطور طبيعياً، ضاربين بنظرية الحرب البيولوجية عُرض الحائط.

تطل علينا الصين من آن لآخر بتصرف يثير الشكوك مرة أخرى حول منشأ فيروس كورونا المستجد ففي خطوة غريبة حذفت الصين معلومات مهمة من مختبر علمي في ووهان لدراسة الفيروسات، يتصل بعضها بالأمراض المعدية التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر.

وبالتوازي مع ذلك، نشرت وسائل الإعلام الحكومية مئات القصص الإخبارية التي تزعم أن الفيروس لم ينشأ من مدينة ووهان، التي يعتقد أنها مهد الوباء الذي اجتاح العالم قبل أكثر من عام.

وقالت «الديلي ميل» البريطانية إن “معهد الأمراض المعدية في ووهان نشر تفاصيل 300 دراسة عن الفيروسات، بعضها يتعلق بالأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر، على الموقع الإلكتروني للمؤسسة الوطنية الطبيعية الوطنية بالصين، لكنها لم تعد متوفرة الآن”.

وأضافت: «أن حذف هذه المعلومات يثير المخاوف بشأن محاولة الصين تبييض صورتها، للتملص من مسؤوليتها في أزمة الفيروس».

ومن بين المعلومات المحذوفة، دراسات وتحقيقات أجرتها الباحثة الصينية الشهيرة في معهد ووهان، شي جينجلي، المعروفة باسم “المرأة الخفاش”، عن رحلاتها إلى كهوف الخفافيش، الحيوان الذي يعتقد أنه حمل أصل الوباء.

وحذفت أيضا دراسات رئيسية مهمة لأي تحقيق دولي في أصل الفيروس، بما في ذلك دراسة خطر العدوى في بعض أنواع من الخفافيش المصابة بفيروس كورونا، ودراسات أخرى تبحث مسببات الأمراض البشرية التي تحملها هذه الحيوانات.

وتعليقا على التقرير، قال البرلماني البريطاني السابق إيان سميث، إن ما كشفته الصحيفة “مثال آخر على التستر الصيني”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تُتهم فيها الصين بإخفاء أدلة حيوية حول أصول الفيروس.

خيبة أمل

0e253c7b58adc38c2d078599e63128c4f6f09393
مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس

أتى هذا الإجراء، الذي كشفت عنه صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، بعد أن أمر الرئيس الصيني شي جين بينغ، الأسبوع الماضي، بمنع محققين من منظمة الصحة العالمية من دخول البلاد للتحقيق في أصل الفيروس، في خطوة أثارت إدانات دولية، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية إن الصين منعت وصول فريقها الذي يحقق في أصل وباء فيروس كورونا إلى أراضيها، في توبيخ نادر من المنظمة التابعة للأمم المتحدة.

ودعا هذا الإجراء محللين إلى القول بأن الصين تخفي سرًا خطيرًا عن العالم بشأن الفيروس، وهي الدعاوى التي لم يثبت صحتها قط، لكن قد يثبت أو لا تثبت بعد إجراء المحققيين لتحقيقهم حول أصل الوباء.

وذكر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ، «تيدروس أدهانوم » ، إن اثنين من العلماء في فريق الأمم المتحدة قد غادرا بالفعل بلديهما إلى ووهان، لكن أخبرهما المسؤولون الصينيون برفضهم  عمل التصاريح اللازمة لدخول البلاد، وذلك رغم  إن المنظمة قامت بعمل الترتيبات بشكل مشترك مع الصين مقدما.

وقال «تيدروس» في مؤتمر صحفي في جنيف :«أشعر بخيبة أمل كبيرة من هذه الأنباء. لقد كنت على اتصال مع كبار المسؤولين الصينيين وأوضحت مرة أخرى أن المهمة هي أولوية لمنظمة الصحة العالمية والفريق الدولي».

وأضاف أن المنظمة “حريصة على بدء المهمة في أسرع وقت ممكن” وأنه تلقى تأكيدات بأن بكين تسرع الإجراءات الداخلية “لـتسهيل عمل الفريق في أقرب وقت ممكن”.

وقال الدكتور مايكل رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، إن هناك مشكلة في التأشيرات وأن أحد أعضاء الفريق قد عاد بالفعل إلى بلده، وكان الآخر ينتظر العبور في بلد ثالث.

ويتفاوض مسؤولو منظمة الصحة العالمية منذ فترة طويلة مع بكين للسماح لفريق من العلماء العالميين بالوصول إلى المواقع الرئيسية للتحقيق في أصل الفيروس – الذي تم اكتشافه لأول مرة في ووهان في ديسمبر 2019 – ومعرفة نوع المضيف والناقل غير المحدد  للفيروس إلى البشر.

وفي مايو ، وافقت منظمة الصحة العالمية على إجراء تحقيق في الاستجابة العالمية للوباء بعد أن وقعت أكثر من 100 دولة على قرار يدعو إلى تحقيق مستقل.

وتكشف الوثائق المسربة عن سوء تعامل الصين مع المراحل الأولى من فيروس Covid-19.

وقال «رايان» إن الفريق يأمل في أن تكون “مجرد مسألة لوجستية وبيروقراطية” يمكن حلها “بحسن نية في الساعات المقبلة واستئناف نشر الفريق في أقرب وقت ممكن”.

نظرية المؤامرة

منذ ظهور أزمة فيروس كورونا، تعددت نظريات المؤامرة، فإحداها تشير إلى أن الفيروس تم تطويره مختبرياً، ورفض العديد من الخبراء الدوليين هذه النظريات.

وشدد الدكتور «كيوش»، وهو أستاذ الطب والصحة الدولية في كليتي الطب والصحة العامة بجامعة بوسطن، أنه لم يحدث على الإطلاق انتشار الفيروس من مختبر ووهان.

ودافع الدكتور «كيوش» عن العاملين في مختبر ووهان، وأكد أن المختبر مصمم وفقاً لأعلى معايير أنظمة السلامة الرائدة وأعلى مستوى من التدريب.

وما سلط الضوء أكثر على نظرية صناعة الفيروس في المختبر، تصريحات الدكتور «كاو بين»، وهو طبيب في مستشفى ووهان، حيث أكد أن نتائج أحد البحوث أظهرت أن 13 من أصل 41 مصاباً بالعدوى لم ينتقل إليهم الفيروس من سوق ووهان.

من جهته، قال خبير الأمن البيولوجي الأمريكي البروفيسور ريتشارد إبرايت، من معهد واكسمان للميكروبيولوجي بجامعة روتجرز، الواقع بولاية نيوجيرسي: إنه على الرغم من أن جميع الأدلة تشير إلى أن «كوفيد -19» لم يتم إنشاؤه في مختبرات ووهان، فإنه من الممكن تهريبه بسهولة أثناء تحليله.

ويرى «إبرايت»، أن ربما قام العلماء في مركز السيطرة على الأمراض ومعهد العلم الفيروسات بدراستها بالمستوى الثاني من الأمان، الذي يوفر الحد الأدنى من الحماية ضد إصابة العاملين بالمختبر بدلاً من المستوى الرابع الموصي به.

تعامل مشبوه

يقول عالم الأبحاث في كلية المعلومات في جامعة كاليفورنيا، ومؤسس China Digital Times، شياو تشيانغ، إنه “لدى بكين نظام رقابة مسلح سياسيًا. “لا يقتصر الأمر على حذف شيء ما. لديهم أيضًا جهاز قوي لبناء قصة وتوجيهها إلى أي هدف على نطاق واسع “، وأضاف “هذا شيء ضخم”. “لا يوجد بلد آخر لديه ذلك.”

وبدوره، أنشأ القائد الأعلى في الصين، الرئيس شي جين بينغ، إدارة الفضاء الإلكتروني في الصين في عام 2014 لتركيز إدارة الرقابة على الإنترنت والدعاية بالإضافة إلى جوانب أخرى من السياسة الرقمية. اليوم، تقدم الوكالة تقاريرها إلى اللجنة المركزية القوية للحزب الشيوعي، في إشارة إلى أهميتها للقيادة.

وبدأت ضوابط فيروس كورونا في مركز العاصمة في الأسبوع الأول من شهر يناير. وعمدت الصين منذ البداية على نشر أوامر مفادها عدم التعاطي مع أي خبر لا تصدره الحكومة وإنما الاعتماد الكلي إلا على  المواد التي تنشرها الحكومة فقط وعدم المقارنة أو التشبيه بين كورونا وسارس المميت الذي تفشى في الصين وأماكن أخرى والذي بدأ في عام 2002، حتى عندما كانت منظمة الصحة العالمية تلاحظ أوجه التشابه.

تعاطي الصين مع فيروس كورونا لا مجال للشك أنه كان تعامل يعتمد على التعتيم والمراقبة والتكتم، الصين استخدمت مع فيروس كورونا أسطولها في التكنولوجيا المعلوماتية والإنترنت والرقابة، والتسلط والقوة، وهو ما يعني أن الحكومة الصينية متورطة للنخاع في أزمة صحية تجاوزت حدود الصين إلى العالم بأسره.. أزمة لم يستطع العالم إلى اليوم تجاوزها أو الحد منها رغم المحاولات.

ربما يعجبك أيضا