«الحوثي جماعة إرهابية».. أخر أوراق «ترامب» للضغط على إيران

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

قبل انتهاء ولايته المثيرة للجدل، أعلنت إدارة ترامب تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية بهدف محاسبتها على أعمالها التخريبية العابرة للحدود، وهو مطلب طال انتظاره لكنه يثير قلق المنظمات الإنسانية من تعثر دخول المساعدات الغذائية والإغاثية لدعم اليمنيين الذين يواجهون أوضاعًا إنسانية متفاقمة، تزامنًا مع انتهاكات لا حصر لها للجماعة المتمردة الموالية، دفعت بإدارة ترامب لاستخدام آخر ورقة لديها قبل رحيلها للضغط على إيران، وهو قرار لاقي ترحيبًا يمنيا ولكنه قد يضع العراقيل أمام إدارة بايدن في إيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية.

تصنيف الحوثي إرهابية

ميليشيات الحوثي “جماعة إرهابية”، هكذا أعلنت واشنطن، ليل الأحد، اعتزامها تصنيف الجماعة المتمردة في اليمن، بحسب تصريحات وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، الذي أكد أن التصنيف “يهدف إلى محاسبة الحوثيين على أعمالهم الإرهابية، بما فيها الهجمات العابرة للحدود التي تهدد التي تهدد السكان المدنيين والبنية التحتية والشحن التجاري”.

وأضاف بومبيو في بيان أن وزارته ستخطر الكونجرس بنيتها تصنيف الجماعة الموالية لإيران” منظمة إرهابية أجنبيه”، متابعًا، أنه يعتزم أيضًا إدراج 3 من قادة الحوثي على قائمة الإرهابيين الدوليين، وهم عبد الملك الحوثي وعبد الخالق بدر الدين الحوثي وعبدالله يحيى الحكيم.

كانت وسائل إعلام أمريكية تحدثت عن عزم الولايات المتحدة تصنيف الحوثي “منظمة إرهابية”، إلا أن مسؤولين اعترضوا بحجة أنها قد تعطل تسليم المواد الغذائية والمساعدات الطارئة للمحتاجين، مضيفة أن بومبيو يسعى لإعلان ذلك قبل مغادرة الرئيس دونالد ترامب البيت الأبيض.

ورأت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، في تقرير نشرته، اليوم، أن القرار يأتي وسط مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية للشعب اليمني، لكنها رأت أن القرار سيحرم عناصر الحوثي من الدعم المالي الذي يحصلون عليه عبر البنوك والمؤسسات الأمريكية.

فيما يخشى دبلوماسيون وجماعات إغاثة أن يؤدي هذا القرار -الذي يأتي قبل 9 أيام فقط من انتهاء ولاية ترامب- إلى تعقيد جهود مكافحة أكبر أزمة إنسانية في العالم.

مخاوف إنسانية

يذكر أنه وقبل اندلاع الحرب في منتصف 2014، كان اليمن بالفعل أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، لكن اقتصاده أصبح الآن في حالة انهيار بينما يعتمد حوالى 80 بالمئة من سكانه على المساعدات للبقاء على قيد الحياة، في وقت تحذر المنظمات الإنسانية منذ سنوات من أن البلاد على حافة المجاعة.

وبحسب المراقبين، فقد يكون تأثير التصنيف على الحوثيين الذين يخضعون أصلا للعقوبات الأمريكية، محدودًا، لكن اليمنيين العاديين سيدفعون بالتأكيد الثمن الأكبر خصوصًا في ظل التراجع الكبير في المساعدات هذا العام بسبب فيروس كورونا المستجد.

وفي المقابل، اعتبر وزير الإعلام اليمني معمر الأرياني أنّ تصنيف الجماعة على أنها منظمة إرهابية “جزء من احترام المجتمع الدولي لمبادئ حقوق الإنسان والالتزام بصيانة الأمن والسلم الدوليين” ورد على “ممارساتها” بحق المدنيين في مناطق سيطرتها.

من جهته، اعترف بومبيو بأن الخطوة ستؤثر على الوضع الإنساني في اليمن، إلا أنه أفاد بأن هناك خطة لوضع إجراءات لتقليل تأثير التصنيف على بعض النشاط الإنساني والواردات إلى اليمن.

وعلى الرغم من تلميح وسائل الإعلام الأمريكية إلى “استثناءات” في القرار المرتقب، بهدف حماية المنظمات الإغاثية وممارسة مهامها مستقبلاً، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، في تقرير لها، أن هناك مسؤولين في وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والبنتاجون، غير مقتنعين بقرار إدارة ترامب الخاص بتصنيف الحوثيين “جماعة إرهابية”.

قيود حوثية وترحيب يمني

وفي المقابل، فرضت الميليشيات الانقلابية، اليوم، قيودًا جديدة على المنظمات الإنسانية المتواجدة في مناطق سيطرتها، وذلك ضمن إجراءاتها المستمرة في تضييق الخناق على عمل هذه المنظمات، وهي قيود ليست بالجديدة وتعكس الوقائع المتمثلة في تعنت الحوثيين ودورهم في إفشال المنظمات الدولية لإيجاد حل لعملية السلام وإنهاء أمد الحرب المستمرة منذ سنوات.

لا شك أن هذه الخطوة سيكون لها بالغ الأهمية فمن ناحية، ستشكل عامل ضغط كبير على المتمردين الحوثيين الذين استغلوا حالة الصمت الدولي تجاه جرائمهم لزيادة سلوكياتهم الإرهابية سواء داخل اليمن أو في محيطه الإقليمي.

من جهتها، رحبت الحكومة اليمنية بتوجه الإدارة الأمريكية لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، تزامنًا مع تكثيف حملاتها الداعمة لقرار طال انتظاره، وقد يكون آخر أوراق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للضغط على إيران قبل انتهاء ولايته في يناير الجاري.

وأضافت وزارة الخارجية اليمنية في بيان” ”أن الحوثيين يستحقون تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية ليس فقط لأعمالهم الإرهابية ولكن أيضاً لمساعيهم الدائمة لإطالة أمد الصراع والتسبب في أسوأ كارثة إنسانية في العالم”

تعقيد المحادثات

رغم ترحيب الحكومة اليمنية الداعم لتصنيف الحوثي كمنظمة إرهابية، يرى المراقبون إلى أنه سيكون من الصعوبة استمرار المحادثات السياسية مع جماعة الحوثيين بعد تصنيفها في قوائم الإرهاب، رغم مساعي الحكومية اليمنية لإقناع المجتمع الدولي بعرقلة الحوثيين لكافة مشاورات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

وقال وزير الإعلام اليمني، في سلسلة بيانات ضمن الحملة الموجهة: “تجاهل المجتمع الدولي لممارسات ميليشيا الحوثي الإرهابية لم يعد مقبولا”، والربط بين خطوات التصنيف وأفق الحل السلمي للأزمة اليمنية غير دقيق، كون الجماعة أعاقت جهود المجتمع الدولي طيلة 6 سنوات، وتحركت كأداة إيرانية لنشر الفوضى والإرهاب”.

فيما أكدت تقارير إعلامية أن الغرض من مثل هذا الإجراء هو مساعدة حكومة عبد ربه منصور هادي، المحاصرة من خلال عزل الحوثيين وخلق عبء إضافي على راعيهم إيران، إلا أن بعض الخبراء يعتقدون أن هذا لن يساعد في إنهاء الحرب الأهلية الطويلة في اليمن، وفقا لصحيفة “جيروزاليم بوست”.

لا شك أن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية لن يعيق جهود المجتمع الدولي لتقديم المساعدات إلى اليمن التي تعاني من أسوأ أزمة إنسانية فقط، حيث رأى مسؤولون أمريكيون أن نجاح بومبيو في ضم جماعة الحوثي لقائمة الإرهاب من شأنه وضع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، في ظروف أشبه بصندوق مغلق لا تستطيع منه تطوير سياستها الخاصة حول اليمن، ولكنه سيشكل من منظور أخر ورقة ضغط على إيران الراعي والممول الرسمي للجماعة المتمردة .

ربما يعجبك أيضا