ما خفي كان أعظم.. ألمانيا تفضح أجندة الحكومة التركية في بلادها!

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

لطالما سعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في توسيع نفوذ بلاده في العديد من الدول الأوروبية، لنشر أجندته الخاصة و تأسيس نفوذ قوي يعود لأنقرة بالعديد من المكاسب على حساب بقية الدول.

إذ يزعم أردوغان بأن كل خطوة إيجابية في العلاقات التركية الأوروبية تُعد بمثابة فرصة جديدة لكلا الجانبين، لكن الأنشطة غير المشروعة للمنظمات الموالية للرئيس التركي، والتي عادة ما تستتر تحت غطاء “مُهندم “في العديد من الدول، غالبًا ما تعكس مزاعمه الحقيقة، وتتسبب في أزمات عديدة تعاني منها أنقرة داخليًا وخارجيًا، مُخلفة ورائها فضائح بالجملة.

أذرع أردوغان الخفية

نشر ممارسات النظام التركي، الداعمة للتطرف والإرهاب في العديد من دول المنطقة، وبعض الدول الأوروبية، تحت قيادة أردوغان، لم يقتصر فقط على المنظمات الإرهابية وتصاعد العنف الذي تتورط فيه الجماعات المتطرفة، فضلًا عن التمويل هنا وهناك، بل أصبح كـ”دس السم في العسل” كمن يقدم طعنته بين الكلام المغطى بالورود.

إذ أصبحت مظلة الفكر واعتلاء مبادئ الحق والعدل وغيرها من الشعارات، هي الأذرع الأساسية الخفية التي يعتمد عليها أردوغان بشكل أساسي في استكمال سياسة توسيع النفوذ التركي.

العلاقات التركية الألمانية

وعلى ذكر رغبة أردوغان في استغلال كل شارده ووارده من أجل توسيع النفوذ التركي في العديد من الدول الأوروبية، ظهر ذلك جليًا في ألمانيا مؤخرًا، تحت غطاء فكري مقنن، يجعلنا دائمًا ما نردد مقولة و”ما خفي كان أعظم!”.

العلاقات الدولية التي تجمع بين ألمانيا وتركيا، تنبأ لها المحللين السياسين في الأعوام الأخيرة بأنها قد تتأثر كثيرًا بعد رحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إذ ربط الكثير التطور الذي حدث بين تركيا وألمانيا في الفترة الأخيرة بوجود ميركل التي عاملت أردوغان، معاملة خاصة على الساحة الدولية، بالتوازي مع زيادة كبيرة في حجم التعاون العسكري والتجاري الألماني التركي.

ولكن بتنحية ما تنبأ به المحليين، وما إذا كان حقيقيا أم مجرد افتراضات من واقع التحليلات السياسية البحتة، وفي ظل التطورات التي تشهدها الساحة السياسية حاليًا بين الدولتين، لم يترك الرئيس التركي فرصة إلا وقد انتهزها لتوسيع نفوذه الدبلوماسي داخل ألمانيا، الأمر الذي فضحه مؤخرًا البرلمان الألماني فيما يخص توظيف أردوغان لمؤسسة فكرية تركية افتتح لها فرع في برلين منذ عام 2017، لنشر دعاية حكومية تركية في أوروبا.

«سيتا».. تحت المجهر

باستخدام أنشطة البحث العلمي كغطاء لها، زاولت سياسات أردوغان أنشطتها بهذا الشكل مؤخرًا، إذ اتهمت ألمانيا مؤسسة فكرية تركية تدعى “سيتا” بأنها واجهة لحزب الرئيس رجب طيب أردوغان لنشر دعاية حكومية في أوروبا.

الاتهام الألماني كانت قد تناولته صحيفة “أراب نيوز” باللغة الأنجليزية، حيث أفادت بأن جهاز الاستخبارات الألماني الداخلي “BfV” يحقق في أنشطة “سيتا” في ألمانيا منذ فترة، وكان قد نشر الشهر الماضي تقريرًا يتهم المنظمة بمتابعة أجندة الحكومة التركية في ألمانيا، من خلال جمع معلومات استخبارية ونشر آراء حكومة أنقرة، فضلًا عن الترويج للدعاية الحكومية في أوروبا.

وفي هذا الصدد، قالت الحكومة الفيدرالية، إن هدف المؤسسة هو حشد الرأي العام الألماني وتأطير المناقشات السياسية حول تركيا بأدوات مختلفة، بما في ذلك تسمية المرشحين في الانتخابات المحلية.

وعلى خلفيات الاتهام، قال ستيفان توما، من الحزب الديمقراطي الحر الألماني: “إن الحكومة فقدت صبرها وتخلت عن نهجها الحذر تجاه جهود تركيا لتأسيس نفوذ دبلوماسي في ألمانيا، وذلك حسبما ذكرت “دويتشه فيله”.

وفي واشنطن، غرد ستيفن إيه كوك، من مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك بشأن ذلك قائلًا: “لقد كان واضحًا لبعض الوقت أن سيتا هي جزء من لعبة المعلومات الحكومية التركية”، متابعًا: “قلة قليلة في واشنطن يفهمون أنها ليست في الواقع منظمة بحثية”.

كذلك غرد سنان سيدي، الأستاذ المساعد لدراسات الأمن القومي في جامعة مشاة البحرية في الولايات المتحدة، في هذا الصدد قائلًا: “يجب على السلطات الأمريكية أن تحذو حذوها مع نظيرتها في واشنطن.. لطالما كان متجر الدعاية هذا هو المنارة الرئيسية للأردوغانية في الولايات المتحدة”.

وفي خبايا المشهد، كانت تقارير عدة من قبل مجموعات حرية الصحافة، والمجتمع الدولي قد أدانت سياسة “سيتا” وتقاريرها الإعلامية، بسلسلة من التهم، بما في ذلك “تحريض الجمهور على الكراهية والعداء”، لاسيما في عام 2019.

وقدمت التقارير لمحة عن مشاركة وسائل التواصل الاجتماعي والخلفيات الشخصية للصحفيين الأتراك الذين عملوا في وسائل الإعلام الدولية، مما يجعلهم فعليًا هدفًا للحكومة.

عن «سيتا»

مؤسسة البحوث السياسية والاقتصادية والاجتماعية “سيتا”، هي مؤسسة فكرية للسياسات مقرها أنقرة بتركيا.

تأسست في عام 2006 بهدف انتاج معرفة وتحليلات حديثة ودقيقة في مجالات السياسة والاقتصاد والمجتمع، وإعلام صانعي السياسات والجمهور بشأن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتغيرة”.

تصف المؤسسة نفسها بأنها مستقلة، غير ربحية، وغير حزبية، ولكن وصفتها “دويتشه فيله” بأنها تخضع لسيطرة الرئيس رجب طيب أردوغان، واعتاد مدير الاتصالات في الرئاسة التركية ، فخر الدين ألتون، والمتحدث الرئيسي باسم الرئاسة إبراهيم كالين العمل فيها.

فمن المعروف أن سيتا يتم تمويلها من قبل عائلة صهر أردوغان ووزير المالية والخزانة السابق، بيرات البيرق، ولديها مكاتب تمثيلية في بروكسل وواشنطن، وتم تدشين مكتب لها في برلين منذ عام 2017.

وكانت سيتا، قد تعرضت سابقًا لانتقادات من المجتمع الدولي في عام 2019، وعلى أثرها، رفضت أنقرة في عام 2019 طلبات أحزاب المعارضة التركية بإجراء تحقيق برلماني حول الموارد المالية لها ولأنشطتها، كما تم إعفاءها من الضرائب منذ عام 2013، على عكس مراكز الأبحاث الأخرى في تركيا.

وبين هذا وذاك، وبالرغم من أن سيتا لم تصدر بعد بيانًا رسميًا حول تلك الاتهامات الألمانية، إلا أن سياسات أردوغان الخفية أصبحت واضحة ومفهومة من خلال تلك الممارسات التي تدفع المجتمع الدولي لوضعه دائمًا لتحت المجهر.

ربما يعجبك أيضا