مجهولون بالأرض معرفون في السماء.. الموت يغيب أكبر محفظات القرآن بمصر

أشرف شعبان

رؤية – أشرف شعبان

خيم الحزن على مواقع السوشيال ميديا لوفاة السيدة تناظر النجولي، إحدى سيدات الإقراء في مصر، والتي توفيت أول أمس السبت عن 97 عاما، قضت أكثر من 70 منها في خدمة القرآن الكريم تعلما وتعليمًا، قراءة وإقراء، حيث توافد عليها الطلاب من كل مكان للقراءة عليها والحصول على الإجازة منها.

وكانت السيدة تناظر قد ولدت في إحدى قرى مركز سمنود بمحافظة الغربية في دلتا مصر عام 1924، وفقدت البصر في سن مبكرة، لكن هذا لم يحل دون تميزها في حفظ القرآن وقراءته من طريقي الشاطبية والدرة.

ورغم زواجها وإنجابها 6 من الأولاد، فإنها وهبت حياتها للقرآن الكريم، وتخرج على يديها أجيال من القراء، وواصلت أداء رسالتها حتى مع اعتلال صحتها في السنوات الأخيرة.

ولم يمنعها فقدان البصر من مواصلة حياتها بشكل طبيعي، حتى أصبحت أقدم محفظة للقرآن الكريم بدائرة مركز سمنود في محافظة الغربية، وتمتلك محبة كل من يعرفها بسبب لينها وكلامها الطيب، وحكمتها في المواقف.

وبحسب هذه الوسائل فإنها ولدت مبصرة ثم أصيبت بالحصبة، الأمر الذي تسبب في أن تفقد بصرها وهي صغيرة.

وبدأت الشيخة الراحلة الحفظ مع الشيخ عبد اللطيف أبو صالح لكنه كان بدون تجويد، ثم ذهبت للشيخ محمد أبو حلاوة وتعلمت التجويد على يديه ومكثت عنده 15 سنة، وقرأت عليه القراءات السبع إلى سورة يونس، ثم ذهبت للشيخ سيد عبد الجواد وقرأت عليه القراءات السبع من طريق الشاطبية.

ونعى شيخ الأزهر أحمد الطيب، الشيخة تناظر النجولي، خلال تدوينه لشيخ الأزهر عبر حسابه في مواقع « وتويتر وفيسبوك»، مساء أمس الأحد.

وقال الطيب في نعيه: «فقدت الأمة الإسلامية اليوم نموذجا مضيئا، أنار الله بصيرتها بالقرآن، سعت في طريق الخير تضرب أروع الأمثلة في نشر علوم القرآن».

وأضاف قائلا: “الشيخة تناظر النجولي أحد أكبر القراء والمحفظات سنا، فاللهم اجعل القرآن شفيعا لها وتغمدها بواسع رحمتك ومغفرتك يا أرحم الراحمين، إِنَّا لله وإنا إليه راجعون”.

وتقدم الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية أحد علماء الأزهر الشريف بخالص العزاء إلى كل قارئ للقرآن الكريم في وفاة شيخة القراء تناظر محمد مصطفى النجولي.

وقال الأزهري في بيانه: “عزاء واجب في شمس من شموس القرآن والإقراء أتقدم بخالص العزاء إلى كل تالٍ وقارئ ومعظم للقرآن الكريم في وفاة شيخة القراء تناظر محمد مصطفى النجولي، التي أفنت عمرها الذي قارب قرنا من الزمان في خدمة القرآن الكريم وعلوم القراءات، لقد كانت رضي الله عنها شرفا ووساما للرجال والنساء، على حد سواء، ولا نقول الا ما يرضي ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون”.

وتعد النجولي إحدى المعمرات العالمات المقرئات، وقد حفظ على يدها كثير من العلماء الأجلاء من داخل مصر وخارجها، منهم الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، والذي نعاها على صفحته قائلًا: “قد أفنت عمرها الشريف في القرآن الكريم تعلمًا وتعليمًا، قراءة وإقراء، زرتها قبل سنوات في سمنود وتشرفت بأن انتسبت إليها بقراءة الجزء الأول من القرآن الكريم عليها”.

وكذلك أجيز على يدها الدكتور يحيى الغوثاني السوري، ويقول عنها: “هي امرأة بصيرة بقلبها نشيطة الحركة حاضرة الذهن، بكامل حجابها، مستحضرة للقرآن استحضارا جيدا متواضعة، كريمة فاضلة، فتحت بيتها للقراءة والإقراء وغرفتها لا تتجاوز مساحتها مترين في مترين، تجلس على الحصير وتستمع لمن يقرأ عليها بدون كلل أو ملل”، وقد أجازته الشيخة تناظر بعدما قرأ عليها الفاتحة جمعًا بالقراءات العشر ونصف المنظومة الجزرية.

وبعد رحيلها، سادت عاصفةٌ من الحزن والأسى واحتفى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بها، وتصدر هاشتاج حمل اسمها تويتر في مصر.

وعلق أحد النشطاء قائلا: «عرفوا قدر الدنيا فما أشغلتهم .. وعرفوا قدر الآخرة فكانت حياتهم .. مجهولون بالأرض  مبجلون في الملأ الأعلى … أهل الله وخاصته .. أهل القرآن .. نحسبها والله حسيبها.. رحمها الله …».

ربما يعجبك أيضا